آخر الأخبار

عيد الحب…. والخطاب الديني

  

 


 

عز الدين البغدادي

 

عيد الحب أو عيد القديس فالنتين هو احتفال مسيحي يحتفل به كثير من الناس في العالم في 14 فبراير من كل عام، حيث يعبر فيه العاشقون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقة معايدة أو من إهداء الزهور وغيرها لأحبائهم.


"
فالنتين» هو اسم كاهن مسيحي من روما، ويرجع تاريخ الاحتفال بعيد الحب العالمي في 14 فبراير، إلى يوم إعدامه، حيث انتصر للحب والمحبين فدفع حياته ثمنا، حيث قام بتزويج الجنود سرا إيمانا منه برسالة الكنيسة والإنسانية التي لا تمنع اقتران المحبين، ضاربا عرض الحائط بقرار الإمبراطور«كلوديوس» حاكم الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي، الذي منع الجنود من الزواج حتى لا يشغلهم عن مهامهم الحربية. وقد تحول هذا العيد منذ سنوات قليلة الى احتفال هام في مجتمعاتنا، وصار الدب الأحمر يمثل أهم المعايدات في هذه المناسبة.

 

تعامل الخطاب الديني مع هذا الاحتفال على أنه أمر محرم، وأنه جاء إلينا من المسيحية الأوربية فلم يكن معروفا عند مسيحيي الشرق، وكثرت المواعظ والخطب التي تندد بهذا العيد، وكثير ممن يجلسون تحت المنبر ويسمعون الموعظة ويؤيدون الشيخ ويعجبون بصراخه يرجعون الى بيوتهم فلا يجدون أنفسهم قادرين على منع أولادهم وبناتهم من الاحتفال به.

 

سأرصد هنا إشكاليتين في الرؤية الدينية وهما:

 

النقطة الأولى: تتعلق بالخطاب الديني فهو خطاب تعود على نمط محدد وهو التحريم والصراخ، ولا يكلف نفسه بالتفكير في الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة وأمثالها، وكيف يمكن التعامل معها، انه مجرد خطاب او ظاهرة صوتية وليس منهج تفكير، فرجل الدين يهمه جدا ان ينتقد ويتهجم ويحرم، شخصيا لا اعتقد انه هذا منهج صائب لأنه ليس مجديا بل على العكس يدفع نحو التمسك بهذه التصرفات ويجعل الفارق اكبر بين رجل الدين والشباب.

 

النقطة الثانية: تتعلق بارتباك القيم، فكثير من المتدينين بل معظمهم يغضبون جدا لا سيما في المدن المحافظة عندما يرى احدهم امرأة متبرجة او شابا يلبس بنطلونا ممزقا، لكنه لا ينزعج من خيانة الوطن او سرقة المال العام. فالمنكر الذي ينهى عنه لا يتجاوز ثنائية الخمر والنساء. وقد خرجت هذه الليلة مظاهرة في النجف تنتقد هذا العيد، لكنها لم تقف مع شباب محافظتهم وشباب العراق الذين خرجوا للمطالبة بوطن حر وعيش كريم، بل توجهتم له أقبح الأوصاف وأشنعها.

 

 

أقول هذا وأنا اعتبر هذا الاحتفال مظهرا من مظاهر التقهقر الحضاري بسبب الهزيمة الفكرية التي نمر بها كمجتمع، فأمور كهذه تظهر في وقت الانهيار الفكري وغياب الفعل الحضاري، ويمكن ان يختفي فيما لو انعكست هذه الحال.

 

 

 

 

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات