عمر حلمي الغول
سأتوقف اليوم أمام ظاهرة موجودة، محاولا تسليط الضوء على أخطائها، وهنا لا أناقش
أولويات أساليب الكفاح، وإنما أعالج تجربة المجموعات الفدائية في العديد من المدن
والقرى والمخيمات الفلسطينية في المحافظات الشمالية، التي شهدت كماً من الثغرات
والنواقص والمثالب في عملها، مما سهل على أجهزة أمن العدو وعملائه الوصول لبعضها
بسهولة، نجم عنها سقوط عددا من الشهداء دون مبرر، ونتيجة غياب جملة من العوامل
والضوابط البديهية والضرورية، ومنها:
أولا غياب الخطة العلمية والمدروسة جيدا لتنظيم الذات، واليات المواجهة
لقوات العدو المباشرة وعصاباته المستعربة الخاصة وعملائه المندسين في صفوفهم؛
ثانيا الميل للاستعراضات العسكرية بالسلاح وفي وضح النهار دون محاذير، أو اعتبار لإخطار
ذلك العمل على شخوصهم وعائلاتهم وديمومة تجربتهم؛ ثالثا عدم اخذ الاحتياطات
الأمنية المطلوبة لأساليب عملهم، ولا لاماكن إقامتهم، ولا لوسائل تواصلهم مع بعضهم
البعض، ولا لطرق تحركهم؛ رابعا حمل الجوالات التي تشكل خطرا داهما عليهم بشكل
مباشر، والمراقبة من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية عموما وجهازها السيبراني المتخصص
في ملاحقتهم؛ خامسا استسهال إجراء المقابلات مع وسائل ومنابر الإعلام المختلفة،
التي جزء كبير منها من حيث يدري القائمون عليها او لا يدرون تقدم خدمة مجانية
للأجهزة الأمنية المعادية؛ سادسا الظهور المكشوف وبالأسلحة إمام سكان الحي أو الحارة في المدن والقرى
والمخيمات، ودون ضوابط؛ سابعا استخدام وسائل تنقل معروفة ومكشوفة وبمجموعات وعلى
مرآى من المارة؛ ثامنا عدم التدرب الجيد على استخدام السلاح، والاكتفاء بمعرفة
الضغط على الزناد، وهذا لا يكفي، لأنه غالبا يشكل خطرا على الأفراد والمجموعات؛
تاسعا عدم التدقيق في هوية المنتسبين الجدد للمجموعات، مما يسمح بتسرب بعض
المدسوسين؛ عاشرا غياب التنسيق بين المجموعات في الأحياء والحارات في ذات المدينة او المخيم، مما يسهل على قوات
العدو الاستفراد بكل مجموعة على انفراد ودون إسناد، أو على الأقل تشتيت أو إرباك
لقوات العدو؛ حادي عشر أيضا عدم التنسيق بين المجموعات المطاردة وبين الموثوقين من
السكان في المراقبة والتخفي والتنقل بين الأماكن المختلفة؛ ثاني عشر عدم تأمين
أماكن الإقامة بشكل جيد ومن مختلف الاتجاهات من المداخل والمخارج والسطوح وعدم اخذ
الاحتياطات اللازمة فيها، وقصر المخارج غالبا على منفذ واحد، مما يعطل ويشل سرعة
الاختفاء ساعة المباغتة بهجوم معادي؛ ثالث عشر غياب المراقبة المستمرة وعلى مدار
الساعة في أماكن الاختباء، والاسترخاء في بعض ساعات النهار، مع ان قوات العدو
الصهيوني لا تتورع عن مهاجمة أي فدائي في أي ساعة من النهار او الليل في حال
وصلتها معلومات استخبارية؛ رابع عشر انتفاء التعامل بكلمات السر بين المطاردين
فرادى او مجموعات ومن يتعامل معهم؛ خامس عشر غياب أدوات التمويه الشخصية في
التنقل، وغالبا يتم التنقل بالسلاح المكشوف، مما يسهل معرفتهم وكشف مواقعهم
ومتابعتهم ورصدهم، والإرشاد عليهم؛ سادس عشر عدم استخلاص الدروس والعبر من كل
معركة خاضتها المجموعات أو الأفراد في ذات المدينة او المخيم، أو غيرها من
المخيمات والمدن والقرى لمراكمة الخبرة، وتطوير وسائل المواجهة مع قوات العدو
الصهيوني؛ سابع عشر عدم وجود تقدير موقف علمي سياسي وامني في كل لحظة سياسية نتاج
غياب مركز قرار سياسي ناظم لعمل المجموعات؛ ثامن عشر الميل للعمليات الاستعراضية
في إطلاق الرصاص على حواجز او نقاط مراقبة او قوات العدو المهاجمة دون إيقاع اية
خسائر في صفوف الإسرائيليين الآ ما ندر؛ تاسع عشر عدم التدقيق في بعض المسلكيات
الخاطئة و المواجهات مع العدو الانفعالية والناجمة عن ردود فعل انفعالية ومتسرعة،
التي تضعف من قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية في السيطرة، وتأمين الحماية للشعب؛
عشرون أحيانا أخرى الانسياق وراء الحملات المغرضة المستهدفة السلطة الوطنية
وأجهزتها الأمنية، مما يترك بصمات سلبية على وحدة الشارع الفلسطيني، ويزيد من
الاحتقان في الشارع الوطني دون مبرر او أساس موضوعي نتاج خلق ازدواجية السلطة
والقرار، وهذا لا يخدم سوى العدو الصهيوني من حيث ندري او لا ندري... الخ من
الملاحظات.
مجموع النقاط الواردة أعلاه ترتد سلبا على المجموعات الفدائية، وتشكل خطرا
عليها، ولا تخدم ديمومتها، وتترك علامات سؤال غير إيجابية في أوساط الشعب نتاج
التشويش المقصود من بعض القوى، التي تريد دس السم في عسل وحدة الشعب والقضية والأهداف
الوطنية والنظام السياسي الفلسطيني. يا حبذا لو ان القائمين على المجموعات
الفدائية المختلفة تنتبه للمخاطر التي تتهددها، وتتهدد السلطة الوطنية ووحدة الشعب
والمصير المشترك. وما تقدم لا يتطرق للعمليات الفدائية داخل إسرائيل ومستعمراتها،
فهذا شأن آخر.
0 تعليقات