آخر الأخبار

غالانت يرفع الكرت الأحمر





 

عمر حلمي الغول

 

في ظل احتدام الصراع داخل الساحة الإسرائيلية، ومواصلة المعارضة التظاهرات المتعاظمة في متوالية هندسية للأسبوع الثاني عشر رفضا للانقلاب القضائي الذي يقوده بنيامين نتنياهو، شهدت حكومة الترويكا الفاشية بقيادة زعيم الليكود الفاسد اول تناقض معلن سجله اول امس السبت الموافق 25 اذار / مارس الحالي وزير الحرب، يوآف غالانت باعتراضه على مواصلة خيار الانقلاب القضائي، وطالب رئيس الحكومة الذي كان في زيارة للندن بتأجيل التصويت على باقي مشاريع قوانين الانقلاب فورا، محذرا من تبعاتها على الجيش والمؤسسة الأمنية والعسكرية خصوصا وإسرائيل عموما، وقال الوزير الليكودي " ان الانقسام المتزايد في المجتمع يتغلغل في الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن، (يشكل) خطرا مباشرا وملموس وواضح على أمن البلاد، ولن ادع هذا الامر يحدث." وفق ما نشرت القناة الإسرائيلية (12) وغيرها من المنابر ووسائل الاعلام العبرية. وطالب بالعمل على فتح حوار مع المعارضة للوصول الى صيغة توافقية، وايده كل من يولي ادلشتاين ودافيد بيتان، اللذين قالا "ان التعديلات يجب ان تتم باتفاق واسع. أي مع المعارضة. كما ان الوزير آفي ديختر الليكودي، طالب في بيان مساء السبت بتأجيل التشريع محذرا من "الشرخ الذي لا يمكن رأبه في المجتمع."

 

غير ان الأخير وزير الزراعة عاد وتراجع عن موقفه، بعدما اتصل معه نتنياهو، ووعده بتكليفه بوزارة الحرب بدلا عن غالانت. وهو ما حصل مساء أمس الأحد بعد عودة نتنياهو من بريطانيا. وكان ايتمار بن غفير، وزير ما يسمى "الأمن القومي" طالب مباشرة وتعقيبا على بيان وزير الجيش بإقالته. ونقلت المنابر الإعلامية عن الفاشي بن غفير قوله "غالانت استسلم لابتزازات وتهديدات الفوضويين، الذين يدعون إلى العصيان. ويستخدمون الجيش الإسرائيلي كأداة مساومة،" وفي السياق ذاته، أعلنت وزيرة الإعلام "غاليت ديستال أتابريان" أن أي عضو كنيست من الليكود يخطط لإيقاف التشريع مدعو للاستقالة اليوم افضل." وأوضحت "هناك شيء واحد يجب ان يكون واضحا: لا يحق لأي من ممثلي الليكود التمتع بالتفويض الذي اوصله الى الكنيست."

 

وتتابعت ردود الفعل من أوساط الليكود والائتلاف الفاشي على تصريحات غالانت بالرفض، والمطالبة باقالته، ومنهم وزير الاتصالات، شلومو كاراي، والوزيرة مي غولان، ورئيس كتلة الليكود في الكنيست، اوفير كاتس، الذي قال إن "قرار الكتلة بشأن الإصلاح ملزم لجميع أعضاء الكنيست في الليكود."

 

هذا التطور الكيفي داخل حزب الليكود والائتلاف الحكومي يعتبر حدثا مهما، يعكس عدم وحدة الموقف داخل الحزب الذي يشكل العامود الفقري للموالاة. ولا يمكن لرئيس الوزراء، صاحب المصلحة الشخصية الأول في الانقلاب القضائي القبول بخطوة يوآف غالانت، ولن يسمح له او لغيره من اقطاب الليكود بالخروج عن طاعته، وكسر مكانته وضرب مصالحه النفعية الانانية مهما كلف من ثمن. ولهذا لم يتأخر في الاستجابة لدعوات بن غفير وسموتيريش وباقي جوقة الفاشيين بإقالة غالانت، كما أعلنت وسائل الاعلام الإسرائيلية.

 

ومن نافل القول، ان رفع غالانت الكرت الأحمر في وجه نتنياهو سيعمق التناقضات داخل حزب الليكود، وضد هيمنة الملك الفاسد والفاشي على مقاليد الأمور داخل الحزب، وهي تناقضات ليست جديدة، ولكن الجديد فيها استجابة وزير الحرب المقال لصوت الشارع الإسرائيلي، ولادراكه حجم الاخطار التي تهدد الدولة برمتها. وكان يوم الجمعة الماضي التقى مع رئيس الحكومة بالإضافة لرئيس الأركان، هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الاستخبارات رونين بار، وجميعهم اكدوا له على المحاذير والاخطار التي تتهدد إسرائيل كلها، وليس الجيش والمؤسسة الأمنية فقط. لكن زعيم الليكود المسكون بالترجسية، وبالخروج من دوامة الملاحقة القضائية له على قضايا الفساد الأربعة لم يصغِ نهائيا لاي منهم، وادلى ببيان عشية سفره للندن، مؤكدا انه سيتابع الإصلاحات القضائية. مما اثار ردود فعل واسعة داخل المعارضة الإسرائيلية، التي اكدت مواصلة المظاهرات حتى تسقط الحكومة، او تندلع الحرب الاهلية، لا سيما وان مستوى التناقضات يزداد يوما تلو الاخر احتداما، وأكثر عنفا.

 

إذا إقالة غالانت ستكون المؤشر الأكثر بروزا في تعاظم التناقضات داخل الحزب القائد للائتلاف، وقد يؤدي ذلك في وقت غير بعيد الى الانقسام داخل الليكود بين التيارين المتناقضين الليبرالي والديني. كما قد يشهد الائتلاف حراكا في سياق تطور الصراع داخل الشارع الإسرائيلي يدفعه للانقسام والتآكل، وبالتالي الذهاب مجددا للانتخابات. وعلينا مراقبة المشهد عن كثب، لان التطورات تسير بخطى حثيثة ومتسارعة داخل المكونات الإسرائيلية المختلفة.

إرسال تعليق

0 تعليقات