ماهر عبد جوده
المصلحون أينما تواجد
وفي أي مكان يكونون، فإنهم نبراس هدى ومشاعل إيمان وتقوى، وقول حق وافتداء، هذا ما
تعلمناه من قراءتنا للتاريخ المليء بالأحداث الجسام والماسي المريرة، ألتي
تحكي ذلك الصراع الأزلي، بين الخير والشر
والعدل والظلم والمحبة والحقد الأسود.
فكم من صالح ومفكر فذ
اصبح هدفا لتجبر السلطان وطغيانه، بحجة تحريضه المحرومين ومن سحقهم الفقر على
الثورة والتمرد والعصيان، بعد إن ينير عقولهم ويثبت مباديء التضحية والإيثار في
ظمائرهم ويبصرهم بالحقائق التي عنها غافلون.
الأمام الكاظم ع الذي
هو سابع الأئمة الاثني عشر من ال البيت عليهم السلام، اغترف المعرفة والتبحر
بالفقه والشريعة من ابيه الأمام جعفر الصادق ع الذي عرف بعلمه الغزير وسعة حلمه،
وتتلمذ العديد من ائمة المذاهب وفطاحل الفقهاء على يدية، وهو أشهر من نار على علم
بين الأوساط الاجتماعية والعلميه في زمانه.
الأمام الكاظم ع عاصر
عدة خلفاء من بني العباس، المنصور والمهدي والهادي والرشيد، وقد كانوا يرتعدون
ويتوجسون خيفة منه لعدم اذعانه لمشيئتهم، أو ينحني لطغيانهم وكان من الذين عاشوا
حياة البسطاء والزهاد، ولن تغره مغانم السلطة ولا عطايا بني العباس وتزلفهم إليه
من أجل استمالته واحتوائه.
ظل أمامنا الشهيد
الكاظم ع لصيقا لعموم الناس، دائم التواجد بينهم في السراء والظراء، ولم يبتعد عن
مجالس العلم والدرس والتنوير أبدا، لذا
تحاملت عليه كلاب بني امية واجلافها، وقاموا بايداعه السجن غير مرة ضنا منهم أنه
مشعل الثورة ومحركها ومصدر قوتها والهامها، فما كان من الرشيد لعنه آلله إلا إن
يامر بسجنه واساة معاملته ولم يكتف بذلك بل قام
بدس السم له للتخلص منه نهائيا.
لم يمت أمامنا الشهيد
الكاظم ع فهو في جنة عرضها السموات والارض. اعدت للمتقين يطير باجنحة من نور مع
الأنبياء والصديقين، وهو لم يزل حيا في نفوس الملايين من محبية في مختلف اصقاع
الأرض، تفصلنا أيام قلائل عن مناسبة استشهاده وسيحي العراقيون ذلك اليوم سيرا على
الاقدام، من كل محافظات العراق باتجاه مرقده الشريف، تبركا واستلهاما لذلك التاريخ
المشرف وتلك المباديء الساميه والقيم النبيله، التي من أجلها تعرض أمامنا العظيم
لكل ذلك الاضطهاد والتعسف، وسيبقى الأمام الكاظم ع درسا خالدا وبليغا لكل الأحرار
وعشاق العدل والمساواة على امتداد التاريخ.
0 تعليقات