محمود جابر
المواطن المصرى
الفقير الذى ذهب الى صناديق الانتخاب، أو الذى لا يعرف معنى الانتخاب والبرلمان لم
يجل فى خاطره يوما أن جنسية بلاده التى مات أجداده فى سبيل الدفاع عنها وعن
ترابها، سوف تكون سلعة يوما ما فى ساحة البرلمان وفى أوراق ومشروعات الحكومة.
لم يكن صميدة ولا
سعيد ولا عوضين ولا سلامة ولا سويلم، ولا سعد ولا جرجس الذين ماتو فى حفر القنال،
وتحت السخرة وفى حروب مصر لم يضحوا بحياتهم جميعا من اجل راتب او نيشان او فرصة
للاستثمار، ولا حتى من اجل ان يكونو سلعة فى سوق الاستحمار الاقتصادي.
فمصر وطن تليد ليس
بلد عابر فى التاريخ والجغرافيا، وليست القاهرة مدينة من مدن الملح والزجاج الملون
...
فمدن مصر من إدفوا فى
اسوان، وكوم الدكة فى الإسكندرية، ودنشواى فى المنوفية، ودسوق فى كفر الشيخ، ولا
التل الكبيرة فى الإسماعيلية، ولا حتى كفر عبده... ليست مدن بلا ذاكرة بل ان ذاكرة تلك المدن تحى
تاريخ المعمورة منذ ان خلق الله الإنسان وصراعه وشهوته فى الاستيلاء على أموال
وممتلكات الآخرين.. فهذا الوطن يا سادة ليس سلعة فى يد برلمان أو نواب أو مجلس
وزراء، لا اليوم ولا غدا ولا بعد غد...
امنحوا الإقامة ما
شئتم لمن شئتم ، ولكن قضية الجنسية لا تجب أبدا أن لا تخضع لأهواء حكومة ولا مجلس
نيابى، بقدر ما تخضع إلى معايير ثابتة من الولاء الحقيقي للأرض والانتماء لها
ولهويتها التي لا تقبل الازدواج فيها، فالأبيض أبيض والأسود أسود، ولا يختلطان في
أمر واحد بالرؤية على الأقل.
إن المصالح الاقتصادية
لا تؤسس لرؤية وطنية فالوطن ليس حالة تعاقدية يمكن أن نتعامل معه كما نتعامل مع
فكرة الاحتراف فى كرة القدم، ولم يكن الوطن يوما فندقا مريحا يضم مركز كبيرا
للتسوق وحدائق، وملاعب جلف ومطار خاص، ولا أظن أن أي غيور على وطنه ومجتمعه من
الضياع بالهوية يمكنه قبول أناس ينتمون إليهم أو الادعاء بالانتماء وهم يحملون في
قلوبهم ازدواجية ولاء لأكثر من وطن أو انتماء لأكثر من مجتمع. لا يأتي هذا القول
من منبع العنصرية أو الإقليمية، بل يأتي من خوف بدخول أناس إلى وطن يرونه من منظور
المصالح المالية والإسكانية والتعليمية وغيرها من مزايا الجنسية، فبيع الجنسية كما
التى تبيع لحمها مقابل إطعام صغارها ونحن لا نقبل أن يتحول هذا الوطن الى ارض
للبغاء السياسى ...
0 تعليقات