عمر حلمي الغول
يوم الاثنين الماضي
الموافق 13 اذار / مارس حصلت عملية تفجير في منطقة مجدو ما بين مدينتي الناصرة وأم
الفحم، وأصاب الانفجار سيارة شاب فلسطيني من قرية سالم، اسمه عمر شرف الدين (21
عاما)، الذي أصيب بجروح خطيرة. وفي أعقاب العملية حصلت عملية تعتيم في الأوساط
الأمنية والإعلامية الإسرائيلية، وحاولت المؤسسة الأمنية إلقاء هالة ضخمة على
العملية، باعتبار منفذها من أتباع حزب الله، الذي ادعت المؤسسة العسكرية الأمنية أنها
حيدته، أي قتلته. وطبعا لم تحدد هويته، ولا اسمه، ولا نشرت أي صورة له، ولخلط
الأوراق حول العملية الغامضة والملتبسة، قال وزير الحرب، يوآف غالانت اثناء زيارته
للحدود الشمالية مع لبنان، إن "عملية مجدو مركبة ومعقدة وذات خيوط عديدة،
لكننا سنصل إلى جميع التفاصيل."
وأكد أنه "تم
منع عملية كبيرة وصعبة، تحمل في طياتها ضررا كبيراً"، وأضاف أن "من نفذ
العملية سيندم عليه، وسنجد المكان والطريق المناسبين وسنوجه ضربة للمسؤولين"..
حسب إذاعة الجيش الإسرائيلي يوم الخميس الموافق 16 آذار / مارس الحالي (2023)
وكان الجيش
الإسرائيلي أعلن يوم الأربعاء الموافق 14 /3، انه "قتل شخصا يحمل حزاما
ناسفا، وأن التحريات جارية لمعرفة ما إذا كان على صلة بحزب الله."، وأوضح
البيان الذي نشره الجيش على تويتر "في بداية الأسبوع، تم تفجير عبوة ناسفة
بالقرب من مفترق مجدو/ شارع 65، مما أدى الى إصابة مواطن إسرائيلي بجروح خطيرة،
وعملت القوات الأمنية على تحديد مكان المشتبه به في زرع العبوة."
وبالأمس وأول أمس سعت
المؤسسة الأمنية لإدراج اسم حركة حماس على خط العملية، بافتراض أنها قدمت مساعدة
لوجستية للمنفذ داخل إسرائيل، والذي قد يكون حصل على المتفجرات ووسائل قتالية من
فرع جماعة الإخوان المسلمين، لهذا يجري التحقيق المشترك بين قيادة الجيش والشاباك
والشرطة وجهاز الموساد لمعرفة إن حصل ذلك ام لا."
وفق المراسل العسكري لموقع واللا، أمير بخبوط
يوم الجمعة الموافق 17/3. واعقب ذلك الإعلان عن اكتشاف نفق تابع لحزب الله يمتد
لكيلو متر داخل الشمال الفلسطيني، واتبع الخبر بالعثور على طائرة مسيرة تابعة لحزب
الله اللبناني على الحدود الشمالية.
وبالقراءة المجردة
لما تم عرضه ونشره في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومن تصريحات أركان الجيش
والمؤسسة الأمنية، أولا يتضح ان هناك أكثر من فرضية عن العملية العسكرية؛ ثانيا
تضمنت المواقف المعلنة تضخيما وتهويلا كبيرا عن العملية وأبعادها، وعما كان سينتج
عنها؛ ثالثا ادعت انه تم تحييد المنفذ، أي قتلته، ومع ذلك لم تعلن عن هويته، ولم
تنشر صوره؛ رابعا أشارت المؤسسة العسكرية، ان المنفذ كان يحمل حزاما ناسفا،
وبالتالي كان يفترض ان ينفذ عملية انتحارية وليس وضع عبوة ناسفة على الطريق وعلى
المفرق المحاذي لقرية سالم الفلسطينية؛ خامسا الربط بين العملية وحزب الله، ثم
اشراك حركة حماس بالدعم اللوجستي، يحتمل احد سيناريوهين، الأول العمل على حرف
الأنظار عمن نفذ العملية؛ الثاني إمكانية نقل المعركة للخارج للالتفاف على مظاهرات
المعارضة، ولتمرير باقي مشاريع القوانين لاكتمال الانقلاب على القضاء عموما
والمحكمة العليا خصوصا، وفي ذات الوقت افتعال مواجهة، او تنفيذ عمليات داخل
الأراضي اللبنانية لتحقيق ذات الهدف؛ سادسا الإشارة لاحقا للنفق والطائرة المسيرة
يشير الى ان النية تتجه لتوجيه ضربة عسكرية محدودة او كبيرة وفق تقديرات القيادتين
السياسية والعسكرية الاسرائيليتين؛ سابعا الزج باسم حركة حماس بهدف التلميع، وليس
لهدف آخر على الأقل في هذه اللحظة السياسية. لا سيما وان عمليات التنسيق قائمة بين
الحركة وإسرائيل على قدم وساق.
ووفق ما اعتقد،
وكاستنتاج علمي، ان منفذ العملية بالقرب من قرية سالم الفلسطينية، هو مجموعات
تدفيع الثمن الصهيونية الفاشية، وكل ما اعلن كان بخلفية التغطية على الجريمة
الصهيونية الجديدة، وحرف الأنظار عن الحقيقة، وخشية قيادة الجيش والأجهزة الأمنية
من الاعتراف بذلك، لما له من تباعات داخلية إسرائيلية، وأيضا انسجاما مع ما ذكر انفا
في فقرة (الفرضيات). وأيضا لرفع معنويات الوحدات العسكرية والأمنية، التي تعيش
حالة من التفكك نتاج الصراعات الداخلية، بالادعاء انها حالت دون وقوع عملية عسكرية
كبيرة، كما ذكر وزير الحرب الإسرائيلي.
في كل الأحوال
العملية من إلفها الى يائها، وما اعلن عنها محل سؤال كبير، ويعكس حجم التخبط
الإسرائيلي الأمني العسكري، وأيضا يعكس الفشل الأمني الذريع في كشف العملية قبل
وقوعها، مع ان الأجهزة الأمنية في حالة استنفار وحذرت وتحذر من إنذارات قوية عن
سلسلة من العمليات العسكرية عشية الشهر الفضيل، شهر رمضان الكريم.
0 تعليقات