عز الدين البغدادي
مثل النزاع بين علي (ع)
ومعاوية نزاعا بين اتجاهين مختلفين، وفلسفتين متناقضتين تجاه قضية السلطة. فمعاوية
مثل الغالبية العظمى من السياسيين كان هدفه من القتال على كرسي السلطة هو ان
السلطة توفر كثيرا من المكاسب والغنائم، وتجعل للفرد أمرا نافذا على الجميع. اما
علي فقد كان ينطلق من رؤية أخرى، لقد كان يعتقد ان السلطة لها وظيفة أخلاقية
ومعرفية إضافة الى خدة لناس وإقامة العدل بينهم، وكان يرى أنّ السياسي ليس من يحكم
فقط بل من يفتح عيون الناس ووعيهم.
مشكلة علي الكبرى هو
أن وعيه المعرفي والأخلاقي كان متقدما جدا على زمنه، كان حريصا على الناس كما كان
ابن عمه حيث وصفه تعالى: ( عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم) وكان يرى ان الدين وسيلة
لفتح الأعين وتنوير العقول وليس لخداع الناس.
سأعطيك مثالين: معاوية
صلى بأصحابه الجمعة يوم الأربعاء، وهو صاحب العبارة الشهيرة "ابلغ عليا اني أقاتله
بمائة ألف لا يفرقون بين الجمل والناقة" وأما أبو حسن فهو الذي نادى غلامه
يوما فلم يجبه، فقام اليه فوجده في الغرفة المجاورة، فقال له: لم لم تجبني؟ ألم
تسمعني؟ فنهض الخادم وقال له: بلى يا امير المؤمنين، لكني أمنت عقوبتك. فقال: الحمد
لله الذي جعلني ممن يأمنه خلقه.
وفي يوم قال معاوية
لعجوز عراقية: لقد لمّظكم ابن أبي طالب وعلمكم الجرأة على السلطان.
كان علي يعلم الناس
لا على الطاعة بل على التفكير وقول كلمة الحق، وكان هذا أمرا متعبا لكثير من الناس
ممن يفضلون حاكما يقودهم دون فهم ووعي على شخص يتعبهم بالتفكير وتحمل المسؤولية. ولهذا،
ولهذا نجح معاوية في المعركة، وبقي علي الى الان غريبا لا يريد أحد ان يحكم
بمنهجه، ولا يفكر بطريقته، فمعظم أصحاب السلطة الدينية او السياسية يمارسون أسلوب
معاوية.. ما فعلناه هو أننا فككنا "منهج علي" الى مفردتين هما: "منهج"
و"علي" وتركنا أولهما وتمسكنا بالثانية، لذا ونحن عندما نبكي على شخص
علي (ع) علينا ان نحدد مكاننا من منهج علي حتى لا نكون علويين على منهج معاوية… عظم
الله لكم الأجر
0 تعليقات