آخر الأخبار

حرب حلفاء الأمس

 




عمر حلمي الغول

 

انفجر الصراع العسكري يوم أول أمس السبت الموافق 15 ابريل الحالي بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وحليف الأمس نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات التدخل السريع، بعد ان فشلت المفاوضات بين الطرفين الشهر الماضي حول مسألتين الأولى حول الفترة الزمنية لدمج قوات الدعم السريع شبه الرسمية في الجيش، والثانية حول الاتفاق السياسي النهائي، بعد ان انقلبا كلاهما على القوى المدنية المنضوية في تحالف "إعلان الحرية والتغيير" عام 2021، حيث كان من المفترض ان يتم تسليم السلطة لقوى الثورة المدنية وفقا للاتفاق الاطاري.

 

ورغم ان كلا الفريقين البرهان وحميدتي اصدرا بيانات متناقضة حول أسباب الصراع المسلح بينهما، وكل منهما حمل الفريق الآخر المسؤولية عن البدء باستهدافه. رغم ان الصراع كان متقدا تحت الرماد بينهما ومنذ زمن بعيد، لان الصراع أعمق واسبق من التطورات الأخيرة، ولم يكن التحالف بينهما أكثر من تحالف مؤقت حكمته المصالح الشخصية والنفعية، وكان المضمر في النفوس عميقا في انتظار كل منهما اللحظة المناسبة للانقضاض على الآخر.

 

حيث يدعي الفريق أول حميدتي، بأن الفريق أول البرهان يعد لانقلابا عسكريا مبيتا لإعادة فلول نظام الرئيس عمر حسن البشير السابق للسلطة، في حين يرى فريق قائد الجيش، ان قائد قوات الدعم السريع يتربص باختطاف السلطة والسيطرة عليها. مع ان كل المعطيات والمصادر السياسية السودانية تؤكد ان فريق البرهان حليف الإخوان المسلمين، هو من فجر الصراع.

 

ومن الواضح ان انفجار الوضع العسكري بين المعسكرين فرط عقد تحالف العسكر الوهمي والشكلي والمؤقت، واذا ما استمر القتال فإن الخاسر الأكبر هو الشعب السوداني، الذي سقط منه حتى الآن 56 مدنيا و600 جريح، والعشرات من العسكريين من الطرفين، فضلا عن الخسائر الاقتصادية المالية، وتبديد ثروات البلاد في حال توسع نطاق القتال، وزج بالشعب في حرب أهلية طاحنة لا يوجد فيها منتصر سوى أعداء السودان الشقيق وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل الاستعمارية.

 

ولعل الصراع الدائر الآن يصب في مصلحة قوى الثورة المدنية والسلمية بعد ان انكشف المستور في لعبة تقاسم النفوذ على السلطة بين القوى العسكرية المتنازعة عليها. الأمر الذي يفرض على قوى إعلان الحرية والتغيير توخي الحذر الشديد من الانحياز لأي من الفريقين، والحؤول دون انتقال الصراع لحرب أهلية، لأنها ستأكل الأخضر واليابس، وستكون على حساب مصالح الشعب السوداني بكل ألوان طيفه السياسي والاجتماعي، مع ضرورة الدعوة المسؤولة لمنتسبي الجيش وقوات الدعم السريع مغادرة ميدان المعارك، والعودة للثكنات، وسحب الشرعية من كلا الزعيمين البرهان وحميدتي، والدعوة الجادة والمسؤولة لمحاكمتهما على كل الموبقات التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني الشقيق، وحماية مؤسسات الدولة ومكتسبات الشعب من التدمير او التخريب، والمناداة للعودة بإعادة النظر في اتفاق الإطار بما يسحب البساط من تحت أقدام البرهان حليف الإخوان المسلمين، وتشكيل حكومة مدنية توافقية بين القوى الوطنية والفاعلة في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

 

كما ان الضرورة الوطنية تستدعي من الجميع الغيور على مصالح السودان الواحد والموحد عدم القبول بعودة العسكر لتسلم زمام الأمور في حكم البلاد، ومنع اية مساومات رخيصة من هذا القبيل، والتصدي لكل القوى العربية والأجنبية وخاصة ما يسمى الآلية الدولية بقيادة أميركا من فرض أجندتهم، التي تتعارض مع أهداف قوى إعلان الحرية والتغيير، وفي الوقت ذاته دعم وتأييد كل يمن ساهم في عودة الهدوء للشارع السوداني، وصمت المدافع والقصف، وتضميد جراح الحرجى والمكلومين من الشعب السوداني، وعودة الحياة لطبيعتها، وصون السلم الأهلي، وتعزيز الديمقراطية في الشارع السوداني.

 

مستقبل السودان الشقيق يرتكز على وحدة الشعب السوداني، وتعزيز الشراكة السياسية بين القوى الوطنية والديمقراطية، وإبعاد العسكر عن الحكم، وابقاؤهم في ثكناتهم، والتخلص من التبعية للغرب، والحؤول دون التطبيع المجاني مع العدو الإسرائيلي، ورفض الشروط والامتلاءات الأميركية وأدواتها صندوق والبنك الدوليين، وحماية استقلال وسيادة السودان على ارضه وثرواته، ومحاربة الجهل والأمية والجهوية والصراعات المفتعلة بين أبناء السودان الموحد.

إرسال تعليق

0 تعليقات