محمود جابر
ما أكثر منح السماء إلى الأرض، وأكثر ما يتنزل فى شهر رمضان الكريم من نعم،
واعتقد انى شخص محظوظ، محظوظ بأصدقائي الذى اختبرهم الزمان فى السراء والضراء، لأكثر
من عقدين من الزمان، بالأمس القريب خابرنى أخي وصديقي الحبيب الأستاذ الصحافى
المحترم هادى جلو مرعى، وهو واحد من أصحاب أعمدة الرأي ليس فى العراق وحده ولكن فى
المنطقة العربية كلها، بأن هناك صديق له يزور القاهرة وهو الأستاذ سعد الهموندى؛
استفاد هادى فى وصفه لـ سعد خلقا وعلما ومكانة وسط العراقيين، ولان وفقا لخبرتى
وصداقتى لهادى، ومعرفتى بقدرته على المجاملة وحبه للناس بشكل عام رتبت نفسى على
مقابلة الضيف القادم من العراق بناء على طلب هادى وحبا وتقديرا له ولصداقتنا، كان
الحديث بيننا قد تم قرابة الفجر، وبما أننا فى شهر رمضان ولست من الذين يجيدون الاستيقاظ
مبكرا، فقر قررت أن اتصل بالضيف بعد ان أقوم من نومى وابدأ نشاطى، بيد ان المفاجئة
أن الهاتف دق فى وقت مبكرا قبل الظهر وإذا المتحدث من طرف الأستاذ سعد الهموندى،
يرتب موعدا للقاء !!
وعليه كنت مرغما للسفر الى القاهرة دون ترتيب ليومي واحتفاء بالضيف وحبا
بأن التقى به، وعلى الفور بدأت فى الاتصال بالعزيز والأخ الكبير المحترم عاطف
مغاورى نائب رئيس حزب التجمع وئيس الكتلة البرلمانية للحزب، وهو شخصية سياسية
وعربية له علاقات ممتدة فى طول الإقليم وعرضه وحتى يكون فى شرف لقاء الضيف القادم،
وبالطبع رتبت أيضا وجود الصديق الصحافى المصرى على رجب وهو واحد من المهتمين بهذا
الملف واقدره على المستوى المهنى والانسانى والصداقة، كان المفترض أن يكون اللقاء
فى مكتب الأستاذ المغاورى فى حزب التجمع، ولكن الأستاذ سعد كان فى ضيافة شخصية
مصرية سينمائية وهو الأستاذ إبراهيم حطب، الذى دعانا للقاء جميعا فى مكان توجدهم،
وعلى الفور ذهبنا الى اللقاء، وبما ان المنح الربانية تأتى بلا موعد، لم أكن اتوقع
ان تكون درجة الانصهار والمودة والمحبة واللقاء الروحي والفكري بهذه الدرجة فى
لقاء الأستاذ سعد، وهو رجل كردى، بل من الرموز الكردية، لكنه انفتاحه ومعارفة
وخلقه كان طريقا معبدا لجلسة امتدت لساعات على ضفاف نيل القاهرة وليلة الجميل
وليلة رمضانية شملها الحب والمودة والنقاش الفكرى الذى احتدم وانتقلنا من ملف الى
ملف وكل ملفات المنطقة العربية شديدة التداخل والصعوبة فى النقاش ولكن جلسة مع سعد
كانت بطعم الواعى والفاهم والمحام القدير لقضيته، والأكثر جمالا هو ان يكون رفيقه
فى رحتله وجلسه شخص بقيمة وأدب وأخلاق رقيقه وأخيه الأستاذ حسام غزالى .
وعلى الرغم من أننى ازعم اننى اعرف القضية الكردية ورموزها ومحطاتها منذ ان
تعرفت على المرحوم الأستاذ رجائى فايد، وتزاملنا فى عدة أعمال سواء من خلال عمله
معى فى مركز يافا او من خلال لقاءات متعددة، ولكن يبقى لدى العديد من الملاحظات
على القضية الكردية بشكل عام وكرد العراق بشكل خاص، ولكن الحوار مع سعد هموندى وضع
هذه القضية – الكرد العراقيين- فى مكانهم الصحيح تماما، حينما قال بهدوء وبسهولة
تامة؛ نحن الكرد العراقيين أكثر انتماء للعراق وأكثر حبا للعراق وأكثر وطنية
للعراق!!
فالسنة لديهم حواضن سنية متعددة، الشيعة لديهم حاضنة او حواضن شيعية، ولكن
نحن الاكراد ليس لنا غير العراق وطن وحاضنة وملاذا ومأمنا ومرجعا، فمرجعينا فى الأول
والأخير هى العراق، والعراق فقط.... ساعتها أدركت أن العراق الغبون يعيش مظلومية
كردية كبرى لان الكرد بلا محام حقيقى يشرح هذه القضية بمثل أسلوب وبساطة وهدوء
وثقة سعد هموندى .... من هنا أجد ان شخص محظوظ للقاء هذا الرجل ومعرفته والتى أتمنى
ان تدوم ولا انسي فى النهائية أن اشكر صديقى المحترم الاستاذ هادى على هذه الهدية
واشكر الله تعالى على نعمته فى معرفة الرجال .
0 تعليقات