آخر الأخبار

السودان والأزمة المعسكرة

 




محمود جابر

 

 

فى أحيان كثير يتم عسكرة الأزمة لأجل إشاعة حالة من الفوضى فى قطر ما، فأغلب حالات الفوضى التى تنشأ فى العديد من الأقطار الإقليمية، أو الدولية، يتم عسكرة أطراف الصراع فى مواجهة الدولة – شرطة / جيش- وبالتالي تأخذ الأزمة طابعا مختلفا مما يؤدى فى نهاية المطاف الى الفوضى، ومن اجل إنهاء تلك الفوضى لابد من عملية دمج ما بين الأطراف المتصارعة أو منح كل طرف مكسب سياسي ما على حسب موقعه وقدرته العسكرية ( أفرادا/ سلاح/ مواضع تمركز).

 

أما فى الأزمة السودانية التى اندلعت فى منتصف ابريل، نيسان الماضى، فإن كلا الطرفين  يمثل جزء من السلطة الحاكمة، وبينهم شراكة حكم فى المرحلة الانتقالية وشراكة فى ضمن الجهاز الامنى للدولة، بيد انه لا يمكن مقارنة الجيش الوطنى السودانى بميليشيا الجنجويد التى حولها الرئيس السابق عمر البشير الى قوات الدعم السريع، وأوكل لها مهمة حمايته إذا ما حدث محاولة انقلاب عليه من قبل الجيش الوطنى، واسند لهم لـ – حمدتى- مهمة الانتشار والتدخل فى اليمن والتنقيب عن الذهب خارج إطار الدولة وعمل علاقات يمكن وصفها بالقذرة، مما ساعد فى تضخم حلم (حمدتى) ومشروعة السياسى الذى يهدف فى حده الأدنى الى استقلال بدارفور، أو سيطرته على مقاليد الحكم فى السودان، من خلال عزل السودان عن محيطة العربى، وخاصة مصر، وزيادة الارتباط بالتجارة غير المشروعة للذهب وللسلاح وتقديم نفسه وميليشياته لإسرائيل باعتباره انه يملك إدارة معارك قذرة يمكن ان تكون نقطة شراكة بينه وبين الكيان الصهيوني، بالإضافة لعلاقة وثيقة مع الإمارات العربية وروسيا والصين وأمريكا!!

 

فى مقابل هذه الميليشيا التى هى جزء من السلطة وتمردت بسبب هذا الحلم السياسى، هناك الجيش الوطنى السودانى، برئاسة البرهان، هذا الجيش المثقل بالعديد من الملفات التى تتطلب علاجا إما عاجلا او آجلا بسبب سيطرة الإخوان المسلمين على مقدرات المؤسسة طوال حكم عمر البشير، وضعف المؤسسة وضربها شعبيا سواء بفعل السلطة السابقة او بفعل النشطاء السياسيين الذين يريدون إسقاط هيبتها وإخراجها نهائيا من معادلة القوى السودانية، واتهام قادتها وعلى رأسهم البرهان بالعديد من الملفات منها مشاركته فى الإبادة الجماعية او قتل الثوار والمعارضين او التطبيع مع إسرائيل، على الرغم من ان هذه النقطة الأخيرة على وجه التحديد لم تكن جريمة البرهان بقدر ما مثلت نقطة ابتزاز من القوى الكبرى وعلى رأسهم أمريكا التى خططت منذ اتهام عمر البشير من قبل محكمة الجنائيات الدولية وهو على رأس السلطة بشكل دراماتيكى يمهد الأرض لحرب داخلية سودانية سواء فى ظل حكم البشير أو بعده، وكانت هذه النقطة تمثل نقطة ابتزاز من اجل رفع اسم السودان من على قوائم الدول الداعمة للإرهاب والراعية له ، ومع هذا لم تقدم السودان فى ظل البرهان شيئا لإسرائيل كما قدم عمر البشير والذين من قبله .

 

وحتى الآن الأطراف الدولية والإقليمية يقتصر دورها على دعم الفوضى السودانية، ودعم استمرار المعارك، وبهدف انفجار الأوضاع لأسباب متعددة وكل طرف لديه من الأسباب ما يجعله يصب الف الف برميل من النفط على الرماد المشتعل فى السودان، ولكن المصلحة المصرية التى تعنى استمرار إمداد المياه فى نهر النيل التى تمثل حياة شعب تعداده 100 مليون نسمة، تمثل قضية حياة أو موت، تامين شواطئ ومواني وملاحة البحر الأحمر ومضيق باب المندب قناة السويس تمثل احد أهم روافد ومداخيل الاقتصاد المصرى والتى لا يمكن لاى عاقل ان يتصور ان تستغنى مصر وبسهولة عن هذا الدخل سواء فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية أو حتى ولو كان الاقتصاد المصرى فى حالة انتعاش، ولا أتصور ان اى دولة فى العالم يمكن ان تتصور ان تتهدد قناة السويس فى ظل الأزمات الاقتصادية الدولية والحرب على قيادة العالم ما بين محورى ( روسيا/ الصين) و( امريكا/ الناتو) الحرب فى السودان على الرغم من انها حاجة ملحة للعديد من الأطراف الإقليمية والدولية الا ان وقف الحرب هى حاجة ملحة ومهمة واعتقد ان الصراع سيكون بين أيهما يمكن ان تقدم على الآخر وقف الحرب أم استمرارها .

إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. تبقى مصر فى خطر ما دام السودان غير مستقر

    ردحذف
  2. علينا ان نكون جنودا فى معركة السودان من اجل استقرارها

    ردحذف