آخر الأخبار

مساهمة في علم نفس مجانين الوسائط الاجتماعية

  


 

 

خلال يومين، أرسل لي عدد من الأصدقاء صورة عن منشور لأحدهم يقدم نفسه بأنه (الدكتور فلان)، ثم يتبع هذا التقديم بتوضيح لحاله باعتباره (باحث ومفكر)، وأخيرًا أطروحته الفكرية اللوذعية حول المقارنة بين تطوير المحرك البخاري في الغرب ودراسة صحيح البخاري بين المسلمين، المشكلة إن كثير من الأصدقاء اعتبروا أن الرجل جاد، ويستحق الرد والجدال و.... والحقيقة أن الرجل نموذج لطائفة من المخابيل التي تجد على الوسائط الاجتماعية مرتعًا لها تطلب الشهرة عليه باستفزاز الناس، حتى ولو جلب عليهم هذا الاستفزاز السب والشتم.

 

تعالى معي نقرأ ما وراء سطور منشوره لترى العجب.

 

أولًا، الرجل قدم نفسه بأنه (الدكتور) لمجتمع لا يعرفه، واستخدام اللقب العلمي متعارف عليه في المجتمع العلمي حيث إن هذا اللقب يعني سيرة ذاتية مصغرة لصاحبه، ولكن على الوسائط الاجتماعية، أو في العالم الحقيقي، فإن استخدامه على هذا نحو يعكس شعور من يقوم بهذا التقديم بالتدني، فيحتمي وراء لقبه، ويلتمس الاحترام من الآخرين بالتقدم من خلفه .... وبالمناسبة قد لا يصدق هذا القول على أكثر من يتصرفون هكذا، فكثير منهم يقدمون أنفسهم باللقب بحكم العادة، ولكن مشاكل صحابنا النفسية التي سوف نقرأها فيما يلي، تؤكد صحة الاستنتاج الأول بشأنه ... الرجل ينظر إلى نفسه نظرة متدنية ويستخدم اللقب طلبًا للاحترام.

 

ثانيًا، صاحبنا ألحق اسمه بوظيفته (باحث ومفكر)، ولكنه لا يخبرنا عن مجال بحثه وتفكيره، قد يكون باحث في الحوسبة الكمية أو باحث عن فردة جواربه الضائعة، وقد يكون يفكر في الميتافيزيقا أو يفكر كيف ينتعل حذاء بفرده جورب واحدة ... فهو بالنسبة لنفسه (باحث ومفكر)، واستخدام هذا التعريف على هذا النحو في هذا الموضع، يعكس أن صاحبه مصاب بجنون العظمة، فإن سألتني كيف يتفق أن يكون الرجل ينظر إلى نفسه بدونية ثم هو مصاب بجنون العظمة، أقول لك أن هذا ما يسمونه الانعكاس، أو رد الفعل العكسي، فكلما زاد شعوره بالدونية، كان رد فعله على هذا الشعور هو إيمانه بعظمته وتميزه، ونتيجة هذا الصراع تأتي المصيبة الثالثة، وهي عقدة الاضطهاد، فصاحبنا الذي ينظر إلى نفسه بدونية، ويدعي العظمة، لا يجد تفسيرًا لهذا التناقض إلا أن الآخرين يحملوه على أن يشعر بالدونية من خلال إنكار عظمته واضطهاده، وهنا الخطب الجلل، فإن أمثال هؤلاء إذا حاولت أن تناقش معهم أطروحاتهم بالعقل والمنطق، وغالبًا ما تكون أطروحاتهم تفتقر إلى أي منطق، يشعر على الفور أنك تضطهده، ويبدأ بالصراخ والشتم والسب وبالتالي يفشل أي حوار معهم. فصاحبنا إذًا مصاب بخليط من جنون العظمة وعقدة الاضطهاد.

 

ثالثًا، بالنظر إلى عبارته التي تمثل خلاصة فكره العميق، والتي يقارن فيها بين القطار البخاري وصحيح البخاري، مقارنة قائمة على السجع والمقابلة اللغوية لا العقل والمنطق والتحليل، نجد الرجل أجهد نفسه في صياغته على نحو – من وجهة نظره – جذاب لغويًا فقط دون الاهتمام ببنيتها المنطقية، لأنه لا يهدف إلى تداول فكرة، ولكن يهدف للاستفزاز، ومن ثم يحتاج إلى عبارة مستفزة قادرة على أن تعلق بالأذهان، قصيرة لا تحمل قارئها على التفكر في محتواها ولكنه تستفزه فحسب، فتروج بين الناس، وبالتالي تجلب له الشهرة التي يطلبها، لا الفكر والثقافة التي يدعيها، وهو ما يعود بنا إلى أن الرجل مجنون عظمة.

 

هذا الرجل المريض، والذي نسأل الله له العافية ونسأله أن يعافينا مما أبتليَ به، يوجد مثله كثير، منهم من حقق شعبية كبيرة عن طريق استفزاز الناس وجلب السب له ولأسلافه، ومنهم من هم في بداية الطريق مثل صاحبنا صاحب القطار البخاري، وهم محسوبون على كل التيارات الفكرية، وعلى الرغم أنه لا يقدم مساهمة في أي قضية جادة، إلا أن الحمقى والمغفلين يعتبرون لمثله رأي وقيمة.

 

د. وسام الدين محمد


16
يونيو 2023
27
ذو القعدة 1444

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. أريد أن أقدر مؤسسات الإقراض الائتمانية لمساعدتي في الحصول على قرض بقيمة 4000 يورو. إذا كنت بحاجة إلى قرض عاجل، فتجنب التعرض للاحتيال من قبل المقرضين المزيفين وتقدم بطلب من خلال شركة قروض حقيقية وستحصل على القرض في غضون 6 أيام.. اتصل عبر Whatsapp: +393512640785 البريد الإلكتروني: Loancreditinstitutions00@gmail.com.
    واتساب: +393509313766 أو +393512114999.

    ردحذف