العالم يتجه نحو الهاوية
فى سباق تسلح غير مسبوق تاريخيا
ذكر مركز أبحاث رائد في مجال
الدفاع أن الإنفاق العسكري العالمي بلغ العام الماضي أعلى مستوى له منذ نهاية
الحرب الباردة بفعل زيادة إنفاق الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في
العالم، على هذا القطاع.
وكشف معهد ستوكهولم الدولي
لأبحاث السلام في تقريره السنوي إن مجمل الإنفاق العسكري العالمي في 2018 بلغ 1.82
تريليون دولار بزيادة نسبتها 26% عن العام السابق والثلاثة عقود السابقة؛ معهد
ستوكهولم للسلام الدولي والمعروف اختصارا بـ"سيبري" أن قائمة الدول
الأكثر تسليحا هى: أميركا والصين والسعودية. فيما خرجت روسيا من صفوف الدول الخمس
الأولى، واحتلت الهند وفرنسا المركزين الرابع والخامس على التوالي.
تقرير "سيبري"، الذي
يصدر بشكل سنوي، أوضح أنه على مدى عام 2018 بلغ الإنفاق العسكري العالمي أكثر من
1.8 تريليون دولار (1822 مليار دولار)، بزيادة 2.6% خلال سنة. ووفقا للمعهد فإن
هذا يعني أن نصيب كل فرد على مستوى العالم من هذا المبلغ الإجمالي يصل إلى 239
دولارا للشخص الواحد. وهذه هي السنة الثانية على التوالي التي زادت فيها هذه
النفقات، لتسجّل أعلى مستوى لها منذ عام 1988، حيث ارتفعت النسبة في عام 2017
بمقدار 1,1% خلال سنة، مرجعا الأمر إلى زيادة حدة التوترات العالمية.
أمريكا تشعل العالم
ووفقا لتقرير المعهد، الذي نشر
أمس الاثنين 29 /4/2019، تسببت الولايات المتحدة والصين بزيادة نسبة الإنفاق
العسكري العالمي، حيث ارتفع في الولايات المتّحدة للمرّة الأولى منذ 7 سنوات، وسجل
نحو 649 مليار دولار على مجال الدّفاع، أي أكثر من مجموع الميزانيات الثماني
الكبرى الأخرى في العالم. وذلك بزيادة عن العام السابق بأكثر من 4%.
وقال أود فلوران، مسؤول برنامج
الأسلحة بالمعهد في بيان، إنّ "الزيادة في الإنفاق الأميركي تعود إلى تنفيذ
برامج جديدة لشراء الأسلحة في ظلّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ابتداءً من
عام 2017".
وذكر المعهد في تقرير، أن نصيب
الولايات المتحدة من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي بلغ 36% في عام 2018، مشيرا
إلى أنها أنفقت ما يقرب من إجمالي ما أنفقته الدول الثماني الكبار التالية لها في
القائمة، ومع ذلك، فإن إنفاق الولايات المتحدة لا يزال أقل بنحو الخمس عن أعلى
مستوى إنفاق لها والذي كان في عام 2010.
الصين فى مواجهة أمريكا
وبعد الولايات المتحدة حلت
الصين في المرتبة الثانية، وارتفع إنفاقها العسكري بنسبة 83% منذ عام 2009، متقدمة
في ذلك على السعودية والهند وفرنسا.
ووفقاً للتقرير، تخصص الصين
1.9% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدّفاع كلّ سنة منذ عام 2013. وبلغ إجمالي
نفقاتها عام 2018، نحو 250 مليار دولار، أي ما يعادل 14% من الإنفاق العالمي.
مشيرا إلى أن إنفاق الصين ارتفع بنسبة 5% في عام 2018. وقال نان تيان الباحث في معهد
ستوكهولم إن "النمو في الإنفاق العسكري الصيني يتبع النمو الاقتصادي العام
للبلاد".
وأوضح "تيان" أنه
"في عام 2018، شكلت الولايات المتحدة والصين نصف الإنفاق العسكري في
العالم"، مضيفاً أن "ارتفاع مستوى الإنفاق العسكري العالمي في عام 2018
يرجع بشكل رئيسي إلى الزيادات الكبيرة في الإنفاق من قبل هذين البلدين".
عالم مدجج بالسلاح
وأظهر التقرير أن المنافسة
الصينية الأميركية للصدارة في آسيا، كانت السبب الأكبر للارتفاع الحاد بالإنفاق
العسكري العالمي، حيث إن الولايات المتحدة رفعت عام 2018، ميزانية الجيش التي كانت
في الأصل هائلة، منهية بذلك حقبة التقييد التي فرضها الكونغرس على البيت الأبيض
والبنتاغون في القطاع العسكري.
ووفق مجلة
"إيكونوميست" الاقتصادية البريطانية، فإن ذلك يعكس تبني إدارة الرئيس
الأميركي ترمب، فكرة "منافسة القوة العظمى" مع الصين وروسيا، متطلبة بذلك،
أسلحة باهظة الثمن. مشيرة إلى أنه رغم أن الصين هي المنافسة الأولى من حيث الإنفاق
العسكري، فإنها لا تزال بعيدة عن الولايات المتحدة، إذ تصرف نحو خمسي ما تصرفه
الولايات المتحدة، وهو رقم خاضع لتقديرات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، لأن
السلطات في بكين تتكتم على ما تنفقه في هذا القطاع.
وقالت "إيكونوميست" إنه رداً على إنفاق الصيني المتزايد في فترة رئيسها الحالي "شي غين بينغ" رفع منافسو الصين الإقليميون نسبة إنفاقهم الدفاعي، حيث تُنفق الهند أكثر من أي دولة أوروبية على الجيش، فيما كان النمو السنوي للإنفاق العسكري الكوري الجنوبي في عام 2018، الأعلى منذ عام 2005، متوقعة أن يرتفع الإنفاق الياباني في السنوات الخمس المقبلة. وبالمجمل، يُعادل الإنفاق العسكري الآسيوي 28% من إجمالي الإنفاق العالمي وفق "سيبري".
السعودية الطرف الثالث:
من جانب آخر، ظلت السعودية في
المرتبة الثالثة بمبلغ 67.6 مليار دولار، على الرغم من خفضها الإنفاق بنسبة 6%
مقارنة بعام 2017، وتلتها الهند وفرنسا، إذ ارتفع الإنفاق في الهند للعام الخامس
على التوالي، مدفوعاً بشكل أساسي بالتوترات مع الصين وباكستان، وفقاً لمعهد الأبحاث.
ويمثل إجمالي انفاق الدول
الخمس الأولى في القائمة 60% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي. فيما تراجعت
روسيا إلى المركز السادس، بإنفاق يقدر بنحو 61.4 مليار دولار. وتعتبر هذه هي المرة
الأولى التي لا تكون فيها روسيا ضمن الخمس الكبار في قائمة الإنفاق العسكري منذ
عام 2006. وذلك رغم ذكر التقرير أن الإنفاق الروسي لا يزال أعلى بمقدار الربع
مقارنة بعام 2009.
ووفق التقرير، أدّت العقوبات
الاقتصاديّة التي فرضتها الدول الغربيّة على روسيا منذ عام 2014 على خلفيّة النزاع
الأوكراني إلى الحدّ من الميزانيّة المخصّصة للدّفاع.
وتتضمن قائمة الدول العشر
الأكثر إنفاقا أيضا كلا من بريطانيا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية. ووفقا
لمؤشر معهد ستوكهولم فإن الاتجاه العام هو خفض حصة الإنفاق العسكري من الناتج
المحلي الإجمالي في جميع المناطق منذ عام 1999.
وقال المعهد إن ست من بين
الدول العشر التي يمثل فيها الإنفاق العسكري الجزء الأكبر من الناتج المحلي
الإجمالي، والذي يطلق عليه أيضا "العبء العسكري"، تقع في منطقة الشرق
الأوسط. وأوضح المعهد أنه يفتقر إلى البيانات من عدة دول بما فيها سوريا والإمارات
وقطر واليمن. لكن استنادا إلى البيانات المتاحة، بلغ متوسط العبء العسكري في الشرق
الأوسط 4.4% من إجمالي الناتج المحلي.
أوربا والشرق الأوسط
من جانبهم، يتعاون الأوروبيون
مع بعضهم البعض في هذا السياق، وفي عام 2018، رفع حلفاء الناتو الأوروبيون الإنفاق
العسكري بنسبة 4.2%، فيما عززت بولندا، التي تشعر بالقلق بشكل خاص من روسيا
المجاورة، الإنفاق بنسبة 8.9%.
وذكر التقرير أنه بإجمالي
الإنفاق الأوروبي فإن القارة ستكون ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم، وتفوق روسيا
بأربعة أضعاف القوة. أما على أرض الواقع، فإن استخدام الدول الأوروبية لمعدات
عسكرية متكررة أو غير متكافئة، واعتمادها المستمر على الولايات المتحدة في
القطاعات العسكرية الرئيسية، كنقل القوات وتزويد الطائرات بالوقود، يعني أن قواتها
المسلحة أقل بكثير من مجموع أجزائها.
وحققت عدة بلدان في أوروبا
الوسطى والشرقية زيادات كبيرة في نفقاتها العسكرية في عام 2018، إذ ارتفع إنفاق
بولندا العسكري بنسبة 8.9% في عام 2018، ليصل إلى 11.6 مليار دولار، بينما ارتفع
الإنفاق العسكري في أوكرانيا بنسبة 21% ليبلغ 4.8 مليار دولار.
في الوقت نفسه، زاد الإنفاق
العسكري لكل من بلغاريا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا، بنسب تراوحت بين 18% و24% في
عام 2018.
وقال بيتر ويزيمان، الباحث
البارز في برنامج الأسلحة والإنفاق العسكري، إن "الزيادات في إنفاق دول
أوروبا الوسطى والشرقية العسكري ترجع إلى حد كبير للتهديدات المتزايدة من
روسيا"، وأضاف أن "هذا على الرغم من أن الإنفاق العسكري الروسي انخفض
خلال العامين الماضيين".
أفريقيا الأقل تسليحا:
في المقابل، ذكر التقرير أن
هناك بعض الدول في العالم التي لم تُكدس أسلحة، إذ تقلص الإنفاق العسكري في
أفريقيا للعام الرابع على التوالي بنسبة 8.4%، وهو الانخفاض السنوي الرابع على
التوالي منذ ذروة الإنفاق في عام 2014، وكانت هناك انخفاضات كبيرة في الإنفاق من
قِبل الجزائر بنسبة 6.1%، وأنغولا 18%، والسودان 49%. وأرجع التقرير ذلك الانخفاض
بالهبوط الكبير في أنغولا والجزائر والسودان. وقد تتسبب الاحتجاجات في البلدين
الأخيرين، حيث يتعرض جيشهما لضغوط من أجل تسليم السلطة للمدنيين، في تقليص
الميزانيات بشكل أكبر على مدار الفترة المُقبلة.
أمريكا الجنوبية وأماكن أخرى
وبحسب التقرير ارتفع الإنفاق
العسكري في أميركا الجنوبية بنسبة 3.1% في عام 2018، وكان السبب الرئيسي في ذلك هو
زيادة الإنفاق العسكري للبرازيل الذي بلغ 5.1%، وهي الزيادة الثانية منذ عدة سنوات.
وفي تركيا زاد الإنفاق العسكري
بنسبة 24% في عام 2018 ليصل إلى 19 مليار دولار، وهي أعلى نسبة مئوية سنوية بين
أكثر 15 دولة إنفاقا في العالم. كما توجد في الشرق الأوسط ستة من البلدان العشر
التي تمتلك أكبر نسبة إنفاق عسكري من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، وهي:
السعودية 8.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وعُمان 8.2%، والكويت 5.1%، ولبنان 5 %،
والأردن 4.7%، وإسرائيل 4.3%.
0 تعليقات