آخر الأخبار

قبل مواصلة الكتابة .... لماذا الكتابة عن فتح؟







قبل مواصلة الكتابة

لماذا الكتابة عن فتح؟






بعضهم وضعها في إطار الصراع بين فتح وحماس. وتغليب طرف على آخر، وبعضهم وضعها في إطار المراجعة الفكرية.. وكأني أتنازل عن منظومتي الفكرية ورؤيتي الحضارية للصراع.

وبعضهم لم ير فيها أهمية لأنه عاصر مسيرة الثورة فلن تضيف اليه شيئا وبعضهم رأى فيها تلميعا لفتح فيما قياداتها الان تقوم بتنسيق امني ومفاوضات وتنازلات واتفاقيات، وبعضهم رأى فيها سوقا سياسيا لحركة لم تحقق أهدافها ولم تنجز شيئا استراتيجيا حسب زعمه، وبعضهم سكت يتساءل لماذا فلان يكتب عن تجربة فكرة حركة فتح في هذا الزمن الأعجف الذي لاينال فيه من يقوم بمثل هذا العمل ترحيبا ولا تقديرا ولا مكافأة من احد..فكأنه أشفق علي وكأنني أغرد خارج الواقع.

وبعضهم أكله الغيظ لماذا فلان يقوم بالكتابة فنحن أجدر بالكتابة عن فكرة فتح أكثر منه؟

ولكن هناك الأصل في الأشياء

إن فتح حركة فلسطينية ملك للشعب الفلسطيني وهي جزء أساس وطليعي في مرحلتنا المعاصرة تؤثر فينا و سلوكها يؤثر علينا سلبا وإيجابا ولهذا من الضرورة أن نتأملها.
ثم أن فتح حركة أعطت للشعب الفلسطيني فكرة استطاع الشعب أن يثبت ذاته من خلالها فهي بذلك فكرة تستحق الأبراز والتمجيد، ثم إن فتح هي الفكرة الأقرب لرؤيتنا الحضارية التي تحررنا من العصبيات الطائفية والحزبية والإيديولوجية وتجعل منا شعبا واحدا وأمة واحدة لقضية واحدة محددة فلهذا كان الحديث عنها إنما هو حديث عن سبيل الخروج من النكبة والتخلف والضياع.
ثم إن هناك إخوة ورفاق أحبة وقادة عظام عرفتهم واقتربت منهم صدقوا ماعاهدوا الله عليه منهم من قضى نحيه ومنهم من ينتظر وعلى رأسهم أبو عمار وأبو المنذر ورفيق السالمي وأبو الحسن قاسم وحمدي وأبو بكر وسواهم الكثير الكثير من الشهداء وأكثر منهم من الأحياء.. لهذا كانت الكتابة عن فتح بمثابة الوفاء لهم وتأكيد بان خيارهم كان صوابا.
لهذه الأسباب سأواصل الكتابة عن فتح فكرة ونظرية وتجربة.. شاء من شاء وأبى من أبى واللي مش عاجبه ييبلط البحر أو على رأي أبو عمار يشرب من بحر غزة .

قبل المواصلة في الكتابة

أحببت أن أشارككم ثقافة تلك المرحلة مرحلة بيروت للثورة الفلسطينية مرحلة السبعينات وعطاءاتها العظيمة أدبيا وفكريا وإنسانيا عندما كانت الفكرة تتحرك أطلقت العنان للأدب والفكر والدراسات والثقافة والسياسة فكانت التجربة الفلسطينية المبدعة في لبنان في الفكهاني كانت تتقرر مصائر المنطقة وأية وجهة تسير وفي صبرا وشاتيلا كانت "ديان بيان فو" الثانية وفي النبطية وصور والرشيدية وعين الحلوة كان للحياة معناها وانتعش الفلسطينيون المحرومون من وطنهم وانتعش اللبنانيون المحرومون في وطنهم انتعشوا حرية وكرامة وشعورا بالعزة عندما عانقوا الكلاشنكوف الفلسطيني.
أما قلعة شقيف فاعادت لصلاح الدين أمله سأسجل هنا لحظات فارقة من تصدي فتح لشراسة الهجوم الذي استهدف الثورة ولكن بكثير من الشعر والادب والثقافة وكيف كانت فتح تخرج من كل حريق عنقاء تتجدد روحا وقوة ذلك لانها تعتمد فكرة عبقرية قادرة على التجدد.
شاعرنا العظيم محمود درويش يصف مجزرتنا في تل الزعتر وبيروت وصبرا ووداعنا للبنان ..وهو المؤرخ لنبض الثورة وروحها وعنفوانها.. والشاهد على محطاتها لسان حالها يقول:
حاصر حصارك.. لا مفر
سقطت ذراعك فالتقطها
واضرب عدوك.. لا مفر
وسقطت قربك فالتقطني
واضرب عدوك بي
فأنت الآن حر
قتلاك أو جرحاك فيك ذخيرة
فاضرب بها
اضرب عدوك.. لا مفر
========
وينتهي درويش من ملحمتنا في بيروت قائلا:
الله أَكبرْ
هذه آياتنا، فاقرأُ
باسم الفدائيَّ الذي خَلَقَا
مِن جُرْحِهِ شَفَقا
باسم الفدائيَّ الذي يَرحَلْ
من وقتِكم.. لندائِهِ الأوِّلْ
الأوَّلِ الأوَّلْ
سَنُدمِّرُ الهيكلْ
======
تل الزعتر
ليدين من حجر و زعتر
هذا النشيد .. لأحمد المنسيّ بين فراشتين
مضت الغيوم و شرّدتني
ورمت معاطفها الجبال و خبّأتني
. نازلا من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل البلاد
و كانت السنة انفصال البحر عن مدن الرماد
و كنت وحدي
ثم وحدي ...
آه يا وحدي ؟ و أحمد..
======
اما قصيدته عن بيروت بعد 1975
تغرينا بداية مفتوحة و بأبجديات جديدة :
بيروت خيمتنا الوحيدة
بيروت نجمتنا الوحيدة
هل تمددنا عل صفصافها لنقيس أجسادا محاها البحر عن أجسادنا
جئنا إلى بيروت من أسمائنا الأولى
نفتّش عن نهايات الجنوب و عن وعاء القلب ...
سال القلب سال ...
وهل تمدّدنا على الأطلال كي نون الشمال بقامة الأغلال؟
مال الظلّ مال عليّ، كسّرني و بعثرني
و طال الظلّ طال...
ليسرو الشجر الذي يسرو ليحملنا من الأعناق
عنقودا من القتلى بلا سبب...
و جئنا من بلاد لا بلاد لها
وبعد مجزرة صبرا وشاتيلا قال درويش شاعر فلسطين والعرب الاعز
صبرا ـ بقايا الكف في جسد قتيل
ودّعت فرسانها وزمانها
واستسلمت للنوم، من تعب، ومن عرب رموها خلفهم.
صبرا ـ وما ينسى الجنود الراحلون من الجليل
لا تشتري وتبيع إلا صمتها
من أجل ورد للضفيرة
صبرا ـ تغني نصفها المفقود بين البحر والحرب الأخيرة:
لمَ ترحلون
وتتركون نساءكم في بطن ليل من حديد؟
لمَ ترحلون
وتعلّقون مساءكم
فوق المخيم والنشيد؟
صبرا ـ تقاطع شارعين على جسدْ
صبرا ـ نزول الروح في حجرٍ
وصبرا ـ لا أحدْ
صبرا ـ هوية عصرنا حتى الأبدْ..
============
ودع الفلسطينيون لبنان الذي احبوه..
ودعوه ليس كما اي وداع فكان درويش يصف اللحظة الاستثنائية
يا أهل لبنانَ الوداعا !
اليوم أكملتُ الرسالةَ فانشروني , إن أردتم ’ في القبائلِ توبةً
أو ذكرياتٍ
أو شراعا.
اليوم أكملتُ الرسالةَ فيكُمُ
فلتصفئوا لهبي , إذا شئتم ’ عن الدنيا’
وإنْ شئتمْ فزيدوهُ اندلاعا
أنا لي , كما شاءتْ خطايَ
حملتُ روحي فوق أيديكم فراشاتٍ,
وجسمي نرجساً فيكمْ,
وموتايَ اندفاعا
يا أَهْلَ لبنانَ... الوداعا
هذا دمي ’ ياأهْلَ لبنان ’ ارسموهْ
قمراً على ليلِ العَرَبْ.
هذا دمي – دمُكم خذوه ووزّعوهْ
شجراً...العرب
رحيلي عن نوافذكم وعن قلبي انحتوهْ
حجراً على قبرِ العربْ


إرسال تعليق

0 تعليقات