آخر الأخبار

الحلقة الحادية عشر ... العشرية الفاصلة بين مرحلتين 1982-1993

الحلقة الحادية عشر
العشرية الفاصلة بين مرحلتين
1982-1993






جسر التحول الكبير في طبيعة المقاومة وساحتها والايدولوجيا
محاصرة مشروع وبروز مشروع آخر:
على بدايات المرحلة يصف درويش روح الفلسطينيين بعد الخروج من لبنان:
أنا الحجر الذي شدَّ البحار إلى قُرون اليابسهْ
وأنا نبيُّ الأنبياءِ
وشِاعرُ الشعراءِ
منذ رسائل المصريِّ في الوادي إلى أشلاء طفل في شاتيلا .
أنا أوَّلُ القتلى وآخر مَنْ يموتْ .
لاشيء يكسرنا ’
فلا تغرقْ تماما
في ما تبقى من دمٍ فينا..
لِنَذْهبْ داخلَ الروحِ المحاصرِ بالتشابهِ واليتامى
يا ابن الهواء الصَلْبِ’ يا ابنَ اللفظةِ الأولى على الجزر القديمةِ,
يا ابنَ سيدةِ البحيرات البعيدةِ ’
يا ابنَ من يحمي القُدامى من خطيئتهم ,
ويطبع فوقَ وجهِ الصَّخر برقاً أو حماما
لحمي على الحيطان لحمُكَ ’ يا ابنَ أُمِّي
جَسَدٌ لأضربِ الظلالْ
وعليك أن تمشي بلا طُرُقٍ
وراءً، أو أماماً, أو جنوباً أو شمالْ
======================
تمثلت عناوين المرحلة في الأتي:

انطلاق حركة الجهاد 1981-1982فيما كانت منظمة التحرير تغادر أخر مواقعها بجوار فلسطين وتوزع قواتها وقيادتها على مواقع بعيدة.
بروز تنظيم سرايا القدس وهو مجموعات من شباب فتح مع مجموعات من الجهاد الإسلامي من خلال عمليات فدائية.
حصار حركة أمل لمخيم صبرا وشاتيلا لمدة عامين 1985-1986 واستشهاد علي ابوطوق القائد الفتحاوي في مخيم صبرا.
انطلاق الانتفاضة الفلسطينية في أكتوبر 1987
انطلاق القيادة الموحدة للانتفاضة بقيادة فتح في 8 ديسمبر
انطلاق حركة حماس في 15 يناير 1988
استشهاد ابوحسن قاسم وحمدي التميمي ومروان الكيالي قادة العمل الفدائي في القطاع الغربي لفتح والقادة في الكتيبة الطلابية لحركة فتح "الجرمق" وقادة مؤسسين لسرايا الجهاد 14 فبراير 1988
استشهاد ابوجهاد قائد القطاع الغربي يعني العمل الفدائي في فلسطين في 16 ابريل 1988
إعلان قيام الدولة الفلسطينية في 15 نوفمبر 1988
استشهاد ابواياد الرجل الثاني في فتح ومسئول أجهزتها الأمنية في 14 يناير1991.
======================
فيما كانت قوات فتح ترغم على الرحيل من لبنان إلى مواقع بعيدة عن حدود فلسطين كانت مجموعات من الشباب الفلسطيني تنبعث في قطاع غزة والضفة الغربية أعداد لاتزيد عن العشرات تميزوا بثقافتهم الثورية والحضارية جعلوا عنوانا لهم أن فلسطين هي القضية المركزية للحركة الإسلامية وان صدامهم ضد الثلاثية الشريرة التجزئة والتبعية والكيان الصهيوني.
وكما أن طلائع فتح خرجت من صفوف الإخوان في غزة خرجت طلائع الجهاد من الإخوان في غزة.. وكانت فلسطين هي السبب الأساس في الخروج.. ولكن هناك فارق أخر ففي حين نجحت فتح في وضع رؤية جديدة للصراع وانصرفت إلى المعركة المباشرة فجعلت فلسطين أولويتها وتحللت من أي قيد إيديولوجي فاتحة ذراعيها للجميع ليحمل مشروع التحرير والهدف فلسطين وعدم الانشغال بأي قضية أخرى سوى الملف الفلسطيني..وهي في هذا لا تريد تزكية بشرعية وجودها من الإخوان أو غيرهم.. إلا أن الجهاد الإسلامي ظل مقيدا برؤية إيديولوجية تتقاطع كثيرا مع رؤية الإخوان المسلمين وظل الجهاد حريصا دوما على أن ينال شرعية التواجد من قبل الإخوان مصرين أن يظلوا جزءا من الحركة الإسلامية بمشروعها العام.. فوقعت بين ثلاث أبعاد بعد ثقافي يرتقي بها إلى مستوى الصراع الحضاري الكبير وبعد أخر الحرص على أن تنال الشرعية من الإخوان والبعد الثالث هو الاقتراب من الموضوع الفلسطيني..وهنا حصل التصارع بين الأبعاد الثلاثة والذي ستظهر نتائجه لاحقا.
كان صوت الجهاد الإسلامي في فلسطين أمرا مستساغا تماما ومجيبا على أسئلة ملحة أهمها لماذا غابت الحركة الإسلامية الفلسطينية عن الجهاد في فلسطين منذ 1948 حتى الآن؟؟ فكان القبول للجهاد أمر مشجع لها وقد تلقت في هذا دعما ماليا ومعنويا معتبرا من حركة فتح لاسيما ابوجهاد وابوالمنذر .
التقت عدة مجموعات في تشكيل الجهاد كان الشيخ اسعد التميمي واحمد مهنا بالإضافة لمجموعات الشباب في غزة والذين كانوا يعرفون بتيار الوعي والثورة ولقد تميز فتحي شقاقي مع مجموعة من إخوته بقيادة الجهاد الذي خاض غمار الوعي والتحريض ضد الاحتلال والوجود الصهيوني..واستمر فعل الجهاد بحيوية وصولا إلى الانتفاضة الأولى على اثر استشهاد مجموعة من كوادرها في أكتوبر 1987..وفي هذه الفترة التقت مجموعة من شباب فتح الكتيبة الطلابية بحركة الجهاد فأنتج اللقاء سرايا الجهاد والتي أنيط بها العمل المسلح.. ولكن التجربة لم تنجح ولم تستمر طويلا..
====================
حصار أمل للمخيمات الفلسطينية في لبنان 1985-1986-1987




لقد ترك الفلسطينيون أسلحتهم لحركة أمل وسواها من الحركة الوطنية اللبنانية.. إلا أن حركة أمل التي تعرضت بعد الاجتياح الصهيوني في 1982 إلى تصدعات كبيرة وانشقاقات بقي معظمها تحت قيادة بري المنخرط في الترتيبات السياسية في لبنان بعد خروج الفلسطينيين.. وأنيط به مطاردة أي احتمال لعودة الفلسطينيين الذين أدركوا أن الابتعاد عن حدود فلسطين مقتلة لمشروعهم التحرري فعادوا إلى لبنان فرادى يستعيدون التنظيم لحماية مخيماتهم وترتيب صفوفهم فكان حصار حركة أمل لمخيم صبرا وشاتيلا ومن بعد حروبها ضد المخيمات في الجنوب..كان حصارا رهيبا قدم فيه الفلسطينيون صفحات بطولة من الصمود وشهداء كبار على رأسهم القائد علي ابوطوق واستمر الحصار عامين أفتى العلماء للفلسطيني أكل الجثث والفئران والقطط..
ووصل الأمر بحركة أمل أن تحاول حرق المخيم باحطته بكميات من السولار في براميل ولم ينكسر الحصار إلا بعد الانتفاضة الفلسطينية.. في حين كان للسيد فضل الله الزعيم الإسلامي بلبنان موقفا مدافعا بقوة عن الفلسطينيين وكذلك قيادات شيعية كثيرة.
===============
انطلاق الانتفاضة الفلسطينية أكتوبر 1987

هناك عاملان أساسيان لانطلاق الانتفاضة الفلسطينية
الأول: هو تركيز ابوجهاد الذي نقل عمله إلى الساحة الأردنية على الاتصال بكل فرد من فتح بالداخل الفلسطيني وإعادة التنظيم وترتيب الاتصال وتحريك المجموعات وشهدت سنوات الثمانينات انهماك ابوجهاد من خلال مجموعة من قيادات القطاع الغربي لتوسيع العمل التنظيمي وتقويته بالتدريب والإمكانيات وشهدت حركة فتح تناميا في تلك الفترة في داخل قطاع غزة والضفة الغربية والسجون أكثر من أي مرحلة سبقت واستطاعت فتح في هذه المرحلة ان تكون مجموعة من الإعلاميين والموجهين السياسيين في الداخل وابراز شخصيات ومؤسسات سياسية في القدس وسواها يكون لها دور أساس في تكريس الشرعية السياسية الفلسطينية.
العامل الثاني:لقد شهدت سنوات منتصف الثمانينات تصاعد العمل العسكري للمجموعات سابقة الذكر التي تكون منها إطار ماعرف بالجهاد لاحقا.. الأمر الذي ولد أحضانا معنويا من الشعب تصاعد اثر فرار مجموعة من سجن غزة بقيادة مصباح الصوري الذي استشهد في أول شهر أكتوبر في مواجهة له مع دورية عسكرية إسرائيلية بعد ان نفذ عمليات نوعية في غزة على مرأى من الناس.. وفي 6 اكتوبر استشهد مجموعة من الشباب الذين فروا من السجن في مواجهة عسكرية بالقرب من حي الشجاعية.. وبعد أيام قليلة قام مستوطن إسرائيلي بدهس عشرات الفلسطينيين في شمال قطاع غزة فانطلقت المظاهرات والانتفاضة مستمرة شهرين كاملين بقيادة من الجهاد قبل أن تتحرك فتح لتشكيل قيادة موحدة مع فصائل منظمة التحرير في أوائل شهر ديسمبر1987..
والتحقت حماس في 15 يناير 1988 بأول بيان لها رسميا فيما تكون اشتركت في الانتفاضة قبل هذا التاريخ بشكل عملي.. وما أن هذا أول إسهام لحركة الإخوان المسلمين الفلسطينية في المواجهة بعد أربعين عام من النكبة وبعد23 عام على انطلاق حركة فتح التي انطلقت في 1965.
هنا تحركت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه ضربات متلاحقة لقيادة الانتفاضة ولقيادة العمل الفلسطيني جملة لإحداث الفراغ القيادي وذلك بالإبعاد والسجن والاغتيالات فلقد تم إبعاد قادة الجهاد فورا كما لحق بذلك الاغتيالات.
استشهاد ابوحسن قاسم وحمدي التميمي ومروان الكيالي قادة العمل الفدائي في القطاع الغربي لفتح والقادة في الكتيبة الطلابية لحركة فتح "الجرمق" وقادة مؤسسين لسرايا الجهاد 14 فبراير 1988 في قبرص
استشهاد ابوجهاد قائد القطاع الغربي يعني العمل الفدائي في فلسطين في 16 ابريل 1988 في تونس
استشهاد ابواياد الرجل الثاني في فتح ومسئول أجهزتها الأمنية في 14 يناير1991في تونس.
وإبعاد قيادات الانتفاضة وكل من يمكن أن يكون له دور قيادي من حركة حماس والجهاد وفتح إلى لبنان.
جاء هذا في ظل حصار عربي على القيادة الفلسطينية وتجفيف منابع الدعم المالي الأمر الذي اضطر القيادة الفلسطينية أن تخضع لشروط القذافي بإرسال ألف مقاتل فلسطيني على الحدود مع تشاد مقابل دعم مالي معين محدود الأمر الذي ألجا الكثير من الفدائيين الفتحاويين إلى الهجرة والخروج من ساحاتهم..
لقد كان اغتيال ابوجهاد ضربة كبيرة لخيار الكفاح المسلح في فتح وكان اغتيال ابواياد ضربة عنيفة لضمانات حيوية فكرة فتح فلقد كان ابواياد الأكثر تمثيلا لفكرة فتح.. فخسرت فتح في فترة حساسة وخطيرة أهم قياداتها وكان لهذا الأثر البالغ على مسيرة حركة فتح فيما بعد.. أدرك عرفات حجم الخسارة الرهيبة بفقدانه ابواياد وابوجهاد حيث الثقة المطلقة بين الرجال الثلاثة وأصبح عليه إعادة ترميم الخسارة التي من الصعب تعويضها .
نعود لهذه المرحلة في الحلقة القادمة لتأملها وإلقاء الضوء على بعض عناصرها.


إرسال تعليق

0 تعليقات