آخر الأخبار

الوهابية والسلفية والإخوان





الوهابية والسلفية والإخوان










د. محمد إبراهيم بسيوني


السلفية كحركة سياسية ولدت عندما تحالف البريطانيون في القرن الثامن عشر "ميثاق الدرعية" مع أمير الدرعية الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبد الوهاب عام ١١٥٧ هـ الموافق ١٧٤٥ م حيث تم الاتفاق على بناء حركة يتولى الأول فيها السياسة والثاني الدين وأن يورث هذا الوضع، وهو ما حدث حيث ولدت الوهابية السياسية. إلا أن السلفية الوهابية عانت لمدة طويلة من تخلف فكري صرف عنها اهتمام المسلمين المتعلمين كما أنها ظلت لمدة طويلة، وحتى تدفق النفط بغزارة في النصف الثاني من القرن العشرين، فكانت غير قادرة على شراء الناس والإعلام لخدمة مشروعها السياسي وتغطية عجزها الفكري. ولعل هذا التخلف هو السبب الأساس الذي دفع عدداً من المتعلمين المسلمين في القرن العشرين للانصراف عن الوهابية والبحث عن حركات إسلامية جديدة فكانت حركة الإخوان المسلمين نتيجة طبيعية لذلك العزوف والبحث عن البديل.


منذ أن ولدت حركة الإخوان في مصر في عام ١٩٢٨، ثم انتشرت في بقية العالم العربي والإسلامي، فإنها أصبحت تشكل البديل السياسي للوهابية. ذلك لأن قبول الوهابية بمشروعية حركة الإخوان تعني بالضرورة أنها، أي الوهابية، تعترف بأنها لم تعد تمثل حركة الصحوة الحقيقية التي تعتقدها في نفسها وبأنها تمثل “التوحيد” السليم الذي يجب أن يعود المسلمون له. كما ان الوهابية أنتجت في القرن العشرين، بعد أن أنعشها مال النفط، عددا من المتعلمين الذين استطاعوا أن يغيروا بعضاً من التخلف الفكري الوهابي ويشكلوا مقدرة على التصدي لمفكري الإخوان مما أعطاهم مسوغاً أكبر للدفاع عن حقهم في تمثيل الإسلام السياسي. لذلك سارعت الوهابية بتشكيل حركات سلفية في العالم ومدتها بما تحتاجه من مال ومطبوعات وأسست لها مساجد وزودتها بالدعاة وصرفت من أجل ذلك أموالا طائلة خلال العقود الخمسة الماضية.

لكن نشاط الإخوان في العقدين الماضيين أرعب الوهابية، فقد تمكنوا في مصر وتونس وليبيا والأردن وسورية بل وحتى العراق، فكان على الوهابية أن تعمل لتفادي زوال الحاجة لها. فأسسوا الحركات السلفية الإرهابية في بعض الدول مثل العراق وسورية بشكل خاص ودعموا السلفية في شمال أفريقيا.



وهذا بدوره يفسر ما جرى في خلاف السعودية الوهابية مع قطر (حمد بن جاسم) الإخوانية في سورية ومصر على سبيل الخصوص. فقد وقفت الوهابية مع النصرة السلفية في سورية بينما وقفت قطر مع الإخوان، وكذلك وقفت السعودية ضد إخوان مصر والذي تجلى بوضوح في وقوف حزب النور السلفي الوهابي مع تنحية الدكتور محمد مرسي والإخوان حيث اعتقد السلفيون في مصر أنهم سيحلون محل الإخوان الذين خرجوا من السلطة ولعقود جديدة وذلك كله بتأكيد سعودي للصهيونية العالمية أن سلفييهم لن يكونوا ضد أي مشروع صهيوني يعد للمنطقة.

الإخوان أخطر من الوهابية من حيث التمزلق الفكري الذي يخيم على الفكر الاخواني فهم بإمكانهم أظهار شيء وإخفاء شيء آخر، وعند المحك تراهم غالبا يميلون لآراء أبن تيمية. ولابد هنا من الاستدراك بإضافة ملاحظة مهمة وهي ان المشروع الصهيوني ليس يضيره من ينتصر من الإخوان أو السلفيين ذلك لأن الاثنين ليس لديهم مشكلة مع الصهيونية حيث إن هم كل منهما هو السيطرة على الحكم والإدعاء بأنه يمثل الإسلام السياسي.



ليس لمصر والأمة الإسلامية من مستقبل سوى التخلص من ظلام الإسلام السياسي وهذا يعني بالضرورة خلق نظام سياسي لا يقوم على قاعدة دينية مذهبية، ذلك لأن أي نظام ديني لابد أن لا يكون مذهبيا فليس هناك إسلام سياسي واحد. وقد يكون فشل الإخوان السياسي في مصر بداية الطريق الصعب لتصحيح مسار الأمة في أن خلاصها ليس في البحث عن بدائل في سلف وهمي لا نتملك عنه وعن عدله سوى قصص تشبه قصص ألف ليلة وليلة.


عميد طب المنيا السابق


إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. اي نعم صحيح منذ أن ولدت حركة الإخوان في مصر في عام ١٩٢٨، ثم انتشرت في بقية العالم العربي والإسلامي، فإنها أصبحت تشكل البديل السياسي للوهابية.
    احمد ذكي وهدان

    ردحذف
  2. كلهم واحد الوهابية والاخوان حركة واحدة

    ردحذف