آخر الأخبار

الحلقة السابعة عشر ... فتح وقوى المقاومة.... مقاربة فكرية وسياسية



الحلقة السابعة عشر
فتح وقوى المقاومة
مقاربة فكرية وسياسية

فتح قاطرة مشروع المقاومة أين تلتقي وأين تفترق مع قوى المقاومة؟






لقد تميزت فكرة فتح بحريتها من قيود الايدولوجيا والحزبية وانطلاقها نحو هدفها بحرية وطلاقة وبمبادرة متجددة وهذا من أهم ما ميزها،كما أن فتح تميزت بأنها انشغلت في كل تفصيلات سلوكها بتعزيز الكيان السياسي الفلسطيني المستقل والذي يتحمل مسئولية تمثيل الشعب والمطالبة بحقوقه.
لعل هاتين الميزتين خاصتين بحركة فتح مع وجودهما بنسب متفاوتة في فصائل المقاومة الأخرى.. وهنا نفتح باب المقاربات بين فتح وقوى المقاومة الرئيسية الأخرى حزب الله وحماس والجهاد .
فتح وحزب الله
مع إن معظم قيادات حزب الله في الصف الأول تلقت تدريبها عند حركة فتح وظلت كثير من قياداتها على تواصل مع حركة فتح ولعل الحاج عماد كان ابرز مثال في هذا إلا أن هناك افتراقات جوهرية إستراتيجية بين الحالتين.
في حين تلتزم فتح مشروعا وطنيا يجعل من القضية الفلسطينية قضيته الأولى والأساسية ولا يرتبط بأي مشروع آخر والى حد كبير لايقبل اصطفافات إقليمية أو دولية يلتزم حزب الله قضايا عديدة ترتبط مع مشروع إسلامي مركزه في طهران ويلتزم قائد حزب الله بقيادة ليست لبنانية وهو يلتزم باعتباره ممثلا للقائد في لبنان..

في معارك فتح كلها كانت القضية تقوم على المسألة الفلسطينية بشكل مباشر في حين يخوض حزب الله معارك يفرضها تحالفه مع دول او جماعات فهو حارب في سورية وفقد آلاف المقاتلين وهو يدعم بقوة الحوثيين والبحرينيين الشيعة ويتبنى قضية الشيعة المعارضين في السعودية كما انه يتساند مع القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية.
فتح تفتح الباب أمام كل من يريد أن يقاتل ولاتلتفت الى مذهبه ووطنيته المهم أن يكون قتاله ضد الكيان الصهيوني فتجد في صفوفها الفلسطيني وغير الفلسطيني والشيوعي والشيعي والقومي والليبرالي .. في حين لايبدو على حزب الله انه مهيأ الى فتح الباب إلا للشيعة اللبنانيين فهو لم يرتق إلى مستوى لبنان الوطني بمكوناته المتعددة.
فتح تفتح جبهة القتال بلا توقف وفي كل الساحات وبكل الإمكانات وعلى كل الجبهات مع العدو الصهيوني من على الحدود المتاخمة لفلسطين ومن البحر في حين تقف حزب الله على التدريب والتجهيز والأعداد سنوات طويلة فمثلا من 2006 وحتى الآن أي بعد 13 سنة والحدود مجمدة والقتال مجمد.
فتح تفتح باب القتال لكل التنظيمات ولا تمنع أحدا من الانخراط في قتال العدو ولا تضع حواجز دون القتال إلا أن حزب الله يمنع أي مقاتل من أي تنظيم القيام بأي عمل عسكري من الجنوب.
فتح فتحت الباب واسعا لكل جهد فكري ونظري وأدبي للنماء في مناخ الثورة مما استقطب طاقات عربية وعالمية عديدة في حين لاتجد مرافقا لمقاومة الحزب ما يمكن أن يعتد به على صعيد الفكر والأدب والثقافة الثورية.
هذه نقاط مفارقة جوهرية بين حركة فتح وحزب الله

فتح وحركة حماس
صحيح أن قيادات فتح الأولين انطلقوا من حركة الإخوان المسلمين الفلسطينية إلا أنهم تجاوزوها فكرا ونظرية ومفاهيم وذهب إلى صياغة أفكارهم ومبادئهم السياسية بعيدين عن الارتباط بمناخات حركة الإخوان المسلمين.. في حين حماس كانت جزء لاينفصل من حركة الإخوان المسلمين بأفكارهم وعقيدتهم السياسية.. وهنا نشير إلى المفارقات الإستراتيجية بين الحركتين.
تقوم التربية في حركة فتح على معرفة العدو الصهيوني وأساليبه وطبيعته ومعرفة القضية الفلسطينية بتشعيباتها والتعرف على وسائل المقاومة وكل ذلك من اجل هدف مباشر وهو استعادة الوطن وعودة الشعب وتحطيم المشروع الصهيوني..وهذا يعرف بالتثقيف الوطني.
في حين تخلو التربية في قواعد حركة الإخوان-حماس- من أي اهتمام سياسي بالقضية الفلسطينية وعناوينها وتاريخها وتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية ويتم الاكتفاء بما بذله الإخوان المسلمون المصريون في سور باهر والقدس.. وتتركز التربية على العقيدة الإسلامية والفقه الإسلامي والفكر الإسلامي وطرق الدعوة والتنظيم..
ليس أمام فتح إلا مشروع واحد انه استعادة فلسطين وان الطريق نحو فلسطين يحرر الأمة من عجزها ويكشف لها أهمية مواجهة الإخطار عليها إما الإخوان وحماس فمشروعهم في فلسطين تقوية الخيار الإسلامي وإقامة كيان إسلامي كجزء من كيان إسلامي اكبر وهنا الحديث عن التنظيم.. فالدولة الإسلامية هي المطلوب وهي من يستطيع أن يحل كل المشكلات حسب تصورهم.
فتح صنعت المشروع الوطني الفلسطيني ومنحته قدرة الاستمرار خلال عشرات السنين ودخلت المعارك كلها لتثبيت معالمه وحدوده في حين حماس لم تهتم كثرا ولا قليلا بالمشروع الوطني إنما بوجود القوة التنظيمية والفعلية على الأرض وبتناقض مع المشروع الوطني الفلسطيني.
وفي حين كانت فتح لكل الشعب الفلسطيني بكل طوائفه وطبقاته وفئاته كانت حماس لصنف معين من الناس وليسوا كل المسلمين إنما المنتظم في النظيم والحركة.
قاتلت فتح من اجل تحرير القضية الفلسطينية من سلطة النظام الرسمي العربي ودخلت معاركا معقدة معه وكذلك حماس قاتلت المشروع الوطني الفلسطيني لتحقق حضورها بقوة وتحرره من الارتباط بالمشروع الوطني.
حماس عززت الخطاب السياسي والاجتماعي ببعد إسلامي واضح في حين تجاهلت فتح بطريقة مبالغ فيه البعد الروحي للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية .. وتعرضت فكرة فتح لتشويه في احي من الزمن بتحميلها أفكار علمانية أو يسارية في السبعينات.
حماس بنت بنية عسكرية مهمة في ظل الحرب عليها في حين كانت الحرب على السلطة واسعة كسرت عناصر القوة فيها ممثلة بجيش التحرير الوطني.. وانسحبت فتح رسميا من العمل المسلح وان كانت هناك قطاعات مهمة من شباب فتح لايزالون يتبنون ويمارسون الكفاح المسلح.
تميزت حماس في المدة الأخيرة بتماسك تنظيمها والتزام عناصره في ظل فوضى تعيشها حركة فتح في السنين الأخيرة الأمر الذي أدى لنتائج واضحة في فوز حماس في انتخابات 2006 رغم أن جملة الأصوات التي راحت لفتح أكثر بكثير من تلك التي حازت عليها حماس.
حماس لاتقبل بصيغة منظمة التحرير وفكرتها وهي تريد ان تبني على أنقاضها حالة سياسية بفكرة مختلفة عن الفكرة الوطنية ومن حين إلى أخر تعلن تشكيل لجنة إدارية او صيغة إدارة في ظل مفاوضات مكوكية مع السلطة رافضة أن تنصاع للإجماع الفلسطيني مصرة على أن يكون لها مشروعها الخاص.
استطاعت فتح أن تمثل على مدار عشرات السنين الكيانية السياسية للشعب الفلسطيني وان تكون القائم على رعايته في مجالات عديدة في حين ظلت حماس رغم نموها وتصاعد إمكاناتها لاتعمل الا للحزب وأعضاء الحزب.

فتح والجهاد
رغم علاقة الود المتبادلة بين فتح والجهاد ورغم أن الجهاد قد تلقى دعما ماديا معتبرا في سني تشكله الأولى من فتح ورغم ان فتح والجهاد يتشابهان بأنهما انطلقا من رحم حركة الإخوان والسبب هو القضية الفلسطينية إلا أن الجهاد ظل ملتزما بمبادئ المشروع الإسلامي ممتدا إلى الثورة الإسلامية في إيران والاصطفاف في خط ومحور المقاومة أو الخط الإسلامي الثوري في حين لم يبق لفتح أي ارتباط مع المشروع الإسلامي وانهمكت في بناء المشروع الوطني.
وظل هذا الافتراق الكبير سببا في غياب تفاهمات إستراتيجية بين الحركتين.. الأمر الذي يدفع حركة الجهاد في مراحل عدة إلى التحالف مع حماس والاصطفاف معها في ملفات عديدة رغم أن الجهاد رافض لمنتجات اتفاقية أوسلو بما فيها الانتخابات التشريعية.
وفي حلقة قادمة أتابع حول واقع فكرة فتح ومستقبلها من خلال مقاربات لها مع حركات التحرر العالمية في الجزائر وفيتنام وجنوب إفريقيا.





إرسال تعليق

0 تعليقات