خطوات نحو تحقيق السعادة
"الطبيب النفسى قبل أن يمارس مهنته عليه أن يكون مثقفا ومحبا
للجمال..دارسا للفنون والموسيقى والآداب و عليه أن يوسع مداركه وإلا كان طبيب
بيطرى! " .
هذا ما بدأ به الدكتور/ أحمد عكاشة أستاذ علم النفس - والرئيس السابق
للجمعية العالمية للطب النفسى - حديثه فى برنامج حصة مطالعة مع الدكتور خالد
منتصر، والذى عرض فيه مؤلفاته فى الطب النفسى، وتحدث عن بعض القضايا العامة
والمهمة وعلاقتها بالسلامة النفسية للفرد والمجتمع.
وأردف قائلا: " العالم حاليا يعمل بنظرية الطب للإنسان، الطبيب النفسى
يجب أن يكون طبيب باطنة لأن أى مرض عضوى يبدأ بمرض نفسى.
عندما سافرت عام ١٩٥٩ طلب منى استاذى أن اقرأ أولا كتابين ل
"كافكا" هما القصر و المحاكمة،وتصورت انه يسخر منى، وعاتبته ولكنه طلب
أن أقرأها أولا! لم تعجبنى كتابات "كافكا" لأن تفكيره غير منتظم وغير
متزن، وقلت ذلك لأستاذي فقال لى أنت ستكون طبيبا نفسيا جيدا لأن تفكير "
كافكا" تفكير فصامى.
ثم أرسلني إلى أوكسفورد لمدة شهرين أدرس فيهم "شكسبير"، لأنه عرض
كل الأمراض النفسية فى مسرحياته -هاملت.ماكبث.كنج لير- قبل الطب النفسى، والذى لا
يتجاوز عمره ٢٠٠ عام.
* كتبت (الطب النفسى المعاصر) الذى يعد اول كتاب باللغة العربية والمرجع فى
الطب النفسى وطبعا منه مؤخرا الطبعة رقم ١٧.وهو كتاب عن الأمراض النفسية فى
الحضارة المصرية والعربية.
* و كتاب (علم النفس الفسيولوجى) ويشرح ما الذى يحدث فى مخك عندما تفكر أو
تنام أو أثناء الغضب..الخ ويتناول التغيرات الفسيولوجية والإضطرابات فى المخ ويدرس
فى كل كليات الآداب فى مصر وكل البلاد العربية.
* و كتاب Clinical Psychiatry وهو مرجع فى الطب النفسى باللغة الإنجليزية وكتبته بعد عودتى
من انجلترا مباشرة والمعلومات مازالت حاضرة فى ذهنى وكنت أمليه على سكرتيرة نفسية
بريطانية فى المستشفى ودفعت لها نصف مرتبى، ولم يكن وقتها هناك إنترنت بل كنت
أستعين بالمراجع والكتب.
* كتاب (ثقوب فى الضمير) وهو يتحدث عن ثقوب فى الضمير المصرى وكيف تشكل هذا
الضمير، فبين تذوق الجمال والاستماع للموسيقى و مشاهدة الرسم علاقة وطيدة بالأخلاق
وبالضمير، و كيف حدث له اختراق وامتلأ بالثقوب، فما كان جدى وأبى يرفضه أصبحنا
جميعا نقبله!
* كتاب (الطريق إلى السعادة) فالسعادة عملية عقلية ونفسية لا علاقة لها
بالمال أو النفوذ أو السلطة، ولابد من التفريق بين السعادة و اللذة، اللذة عملية
وقتية. مثلا إذا تزوج الشخص أو أحب،هناك نوعين من الزواج، فإذا كان للرغبة فى
إفراغ طاقة جنسية، فهو لذة وقتية جسدية، ولكن إذا كان الزواج لأنى أحب هذه السيدة
ولأن وجودها بهجة وألفة وسعادة لى فهذه عملية نفسية، إذن أنا أحب.
مؤخرا هناك حالة طلاق فى مصر كل ١٦ دقيقة، أى ٤ مليون يطلقوا سنويا بسبب
الاختيار الخاطئ، وبسبب عدم تنازل الزوجين أو الحرب بينهما بسبب أنانيتهما وعدم
قبول الآخر،و يكون ذلك بداية للانفصال.يجب أن تقبل الآخر كما هو وليس كما تريد
تغييره، وإلا كان هذا تفكير تسلطى، على المرأة وعلى الرجل التنازل عن بعض الأشياء
التى يحبونها فى سبيل استقرار حياتهما. وسبب ارتفاع عدد المطلقين عام ٢٠١٦ إلى ٤
مليون هو عدم قدرة الزوجين على توفيق حياتهما.فالحب الحقيقى هو التغاضى عن عيوب
الآخر.مثلا جاءتنى سيدة تريد الطلاق من زوجها بعد ٤٠ سنة زواج لأنه يشخر ! وزوج
يريد طلاق زوجته بعد ٢٥ سنة زواج لأنها تشرب الشوربة بصوت عال.كلاهما قل حبه تجاه
قرينه بسبب الاكتئاب ، فالاكتئاب يعطى شعورا بالبلادة فى المشاعر نحو الطرف الآخر.
فى كتاب لابن حزم الأندلسي اسمه (طوق الحمامة) يقول فيه : "إن انتهاء
الحب هو تجاوز لكل تجانس روحى مع الاكتمال النفسى".
** الخطوات لتحقيق السعادة هى: الصحبة الطيبة، الصداقة، المشى، وهذه تزود
ما يسمى : " مُفرًحات النفوس الربانية" ، وهى مستقبِلات خلقها الله لنا
، مستقبلات حشيش، و مستقبلات خمرة، و مستقبلات ضد الاكتئاب، كل هذا فى المخ، فإذا
تناول الإنسان مثلا هيرويين من الخارج، تتعطل وظيفة هذه المستقبِلات الربانية فى
المخ أسبوعين على الأقل، معنى ذلك أن الشعور بالسعادة الذى تسببه تلك المستقبلات
يساوى نفس الشعور بالسعادة عند تناول المخدرات أو المهدئات الخارجية، لكن مايثيرها
هو أن تفعل شيئا تحبه كأن تزاول السير ٥ أيام فى الأسبوع لمسافة ٣٠ كم أو الصحبة
الجيدة أو المساندة الإجتماعية.
مقاييس السعادة هى الدخل القومى، الصحة و التعليم، و تبرع الأغنياء
لمشروعات أو للفقراء مثل "بيل جيتس" الذى تبرع بكل ثروته، أو
"زوكربيرج" الذى تبرع ب ٩٠% من ثروته، هذا يسعد الناس جميعا،
فالسعادة=العطاء، وقد قال جبران خليل جبران "أشكر من يتقبل العطاء لأنه
أعطانى سعادة أكثر مما أعطيته له".
هذا يعنى أن السعادة جزء من الأخلاق الرشيدة، أى تجاوز للذات.
* المرض النفسى هو التمركز حول الذات، أما الصحة النفسية فهى التمركز حول
الآخر، كل الفلاسفة قالوا ذلك.
* كتبت تحليل فى (تشريح الشخصية المصرية) اختلفت قليلا مع ابن خلدون، و مع
د.جمال حمدان فى أن الأخلاق جزء من الشخصية، لأن البيئة هى التى تكونها وهى غير
السمات الشخصية. ابن خلدون قال ان المصرى خنوع و سلبى و يحب تملق الحاكم و فهلوى،
الآن بدأ ضمير جمعى فى التكون، لذلك يمكن تحسين الأخلاق.
واحد انجليزى قال: (المصريون يعيشون فى مصر ولكن لا ينتمون لمصر) ، لا تصدق
من يقول لك أن الناس تخاف، لماذا لم يرفع أى من الرؤساء السابقين الدعم؟! لأنهم
خافوا من كراهية الناس لهم، ولكن هذا الرجل لغى الدعم، وقال انا تهمنى مصر ولا
تهمنى شعبيتى، وزاد سعر البوتاجاز و الكهرباء ، والشعب تحمل كل ذلك، وهو يشكر
الشعب من وقت لآخر فى كل خطبه، فى خلال سنة بدأ تكون الضمير الجمعى، إذن كل الصفات
التى قالها ابن خلدون و جمال حمدان عن الشعب المصرى غير صحيحة، فالشعب عرف ثقافة
العمل.
*كتاب آخر كتبته إسمه (آفاق فى الإبداع الفنى) و فيه أن الصحة النفسية
مرادفة للرضا النفسى.
* معهد Que Institute فى أمريكا عملوا بحث على ١٥٠ دولة ، ووضعوا مقياس للرضا
النفسى، استغربوا عندما وجدوا أن بلادا أفريقية فيها مجاعة و حروب وفقر و أمراض
وأوبئة ، وجدوا أن الرضا النفسى لديهم مثل أمريكا و السويد! وعندما بحثوا عن
السبب، وجدوا أن أهم شىء فى الرضا هو المساندة الإجتماعية.
الصداقة هامة جدا، صحبة المدرسة والجامعة والعمل، و الجيران. مجموعات مثل
الجمعيات التى تساعد الناس ربما أكثر من الأقرباء، كلما انتميت لإحدى هذه الجماعات
يزداد انتماؤك لبلدك.
كما أن هناك علاقة وثيقة بين الإيمان و الصحة النفسية، الإيمان بطريقتك.
فى كتاب (فقه المرأة) الكاتب محمد شحرور يقول أن كلمة إسلام هى من سلم
الناس من لسانه و يده، لذلك كان آدم مسلما و موسى مسلما و عيسى مسلما، فمن يؤمن
بالله و اليوم الآخر و العمل الصالح فهو مؤمن سواء كان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا
أو بوذيا.
الدين حسب ما قاله الدكتور (على جمعة ) ٩٥% منه أخلاق، و ٥ % طقوس. الشعب
المصرى غير متدين لأنه يقوم بالطقوس ولكنه يفتقد الأخلاق و جوهر الدين.
مثلا عبارة (سيماهم على وجوههم) لا تعنى الزبيبة، فالنساء ليست لديهن
زبيبة، وكذلك رجال دين كبار، وهى ظاهرة غير موجودة سوى فى مصر فلا نجدها فى مسلمى أفغانستان
أو البوسنة أو جورجيا أو سورية مثلا، وهى عبارة عن مرض جلدى بسبب عدم غسل الجبهة
واختلاط مكان السجود بالتراب ويسبب الحساسية،وقد تلاشت بعد استخدام مرهم مطهر .
* العولمة خلقت نوعا من البلادة فى المشاعر، فمن كثرة ما نراه من حوادث
القتل والذبح فى العالم زادت بلادة الناس فى الاستجابة لها، و مؤخرا زادت حوادث
قتل الأم أو الأب لأولادهم، والصحافة تكتب عنهم أنهم مجانين، هم ليسوا مجانين ولكن
عندهم اكتئاب جسيم و صراع و إحساس بالضياع وفراغ الحياة، من يقتل أولاده بالعكس هو
يحب أولاده جدا وهو لا يريد لأبنائه المعاناة، المكتئب لا يقتل إلا أحب الناس له!
٨٥% من حوادث القتل و الإذلال و الخطف و الإغتصاب يقوم بها ناس طبيعيون، و
١٥% منها فقط مرضى نفسيون.
* الفارق بين الإنتحارى و الفدائى و الشهيد:
الإنتحارى لديه فكرة متسلطة ضبابية خاطئة و لا يمكن إقناعه أو مناقشته
بعكسها ، مثل الداعشيين، والإخوان الإرهابيين، وهى عملية تبدأ من الطفولة فهم
يعلمون أبناءهم فى مدارس الإخوان أن الآخر كافر فلا تتزوج منهم ولا تشاهد
تليفزيونهم و لا تقرأ صحفهم ولا تستمع للراديو، ولا تشاهد إلا مانقوله لك ، وهذا
هو ما حدث فى رابعة كانوا لايشاهدون سوى الجزيرة وأقنعوهم انهم سيدخلون الجنة
ويلتقون بالحور العين . والحور هن الفتيات الصغيرات اللاتى ليست لديهن أثداء بعد،
والغلمان هم من لم يبلغوا بعد، و مهمتهم تقديم الشراب لأهل الجنة ولكن من ترجمها
ترجمها جنس.
* الإنتحارى، يخلقونه فى ٦ شهور بالحرمان الحسى فلا يختلط بأحد، ويقال له
أنه ليس أمامه سوى قناة واحدة لدخول الجنة هى الشهادة. فإذا فشل فى المحاولة
الأولى لا يسمح له بإعادتها وهؤلاء الانتحاريون لا علاقة لهم بالدين بل بفكر ضلالى
تسلطى ولانعالجه فى الطب النفسى.
الضلالات تكون دينية أو سياسية ، مثلما صدق الشعب الألماني هتلر بأنهم
الجنس المتفوق عرقيا.
· الفدائى
هو من يذهب لمهمة فى سبيل بلده وهو يعلم أنه ممكن أن يموت ، والشهيد هو من يموت
حبا فى الوطن " .
-----
عرض وتلخيص: ماجدة سعيد
0 تعليقات