الحلقة الثانية عشر 12
فتح .. سمات خاصة
فتح المشروع الفلسطيني
فتح بداية استعادة الذات
وبانية الكيان السياسي الفلسطيني المستقل
لقد بدأ كفاح الفلسطينيين منذ
اليوم الأول الذي وطأت فيه أقدام الاحتلال البريطاني ارض فلسطين 1917 المرفوق بوعد
بلفور والمتزامن مع خطة سايكس بيكو..وقدم الشعب الفلسطيني شهداء أعزاء وقامت هبات
وثورات عديدة أهمها هبة الأقصى وثورة القسام والجهاد المقدس وكان الشعراء والكتاب
والصحف الفلسطينية مواكبة كفاح الشعب ولقد تعرض أكثر من 50 ألفا من الفلسطينيين
للاعتقال في فترة الاستعمار البريطاني وتعرض آخرون للنفي واستمر ذلك حتى تسليم
الاحتلال البريطاني فلسطين 1948 للعصابات الصهيونية التي قامت بمجازر رهيبة ضد
المدنيين في يافا والرملة ودير ياسين وكثير من المدن والقرى الفلسطينية..وحاول
الحاج أمين الحسيني إيجاد كيان سياسي للشعب الفلسطيني من اللجنة العربية العليا إلى
حكومة عموم فلسطين التي أفشلها النظام المصري وشرد قادتها وقادة المجلس التشريعي
الفلسطيني الأول..بعد ذلك حاول النظام العربي إيجاد مؤسسة توكل إليها ملفات قضية
فلسطين فكانت منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت مرجعيتها النظام العربي على أحسن
الظن فيه فاقد الرؤية والخطة والمشروع لتحرير فلسطين
===============
ماذا فعلت فتح؟
1- الأخذ بزمام المبادرة
للتعامل مع القضية الفلسطينية بعيدا عن وصاية النظام العربي وإعادة الثقة للشعب والأمة
بإمكانية مواجهة العدو وقهره بعيدا عن عبث الأنظمة
2- الابتعاد عن أي معركة
جانبية أو ليس وقتها والدخول في معركة الوجود ضد عدو عمل على إبادة الوجود
الفلسطيني
3- التحرر من أي قيد حزبي أو إيديولوجي
أو طائفي واعتماد شعار واحد يتمثل في وحدة الشعب ووحدة الأرض ودقة تحديد العدو
4- اعتماد التعبئة والتنظيم
والتدريب والمواجهة المباشرة المفتوحة مع العدو وتعميم الثقافة الوطنية
5- جر الاتجاهات الإيديولوجية إلى
ساحة المواجهة الاتجاه القومي والبعثي واليساري بعد ثلاثة سنوات على انطلاقها وأخيرا
التيار الإسلامي بعد عشرين سنة من انطلاقها.
6- تصحيح طبيعة الكيان السياسي
منظمة التحرير بانتزاع قرار عربي بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأصبح
متسعا للكل الفلسطيني جامعا للتيارات الفكرية المختلفة في الساحة الفلسطينية ولم
يكن شرط لأي منها لدخول المنظمة إلا تبنيه الكفاح المسلح... ولقد كانت قيادة فتح
قيادة للشعب الفلسطيني بسعة الصدر والاهتمام والرعاية للمجموع الفلسطيني..وكان
ياسر عرفات أبا للوطنية الفلسطينية معلما وقائدا وموجها وحافظا لخط الوطنية
الفلسطينية الحرة الفعالة.
7- جعل القضية الفلسطينية قضية
عالمية ونقلها إلى كل المؤسسات الدولية وإسقاط المقولة الصهيونية الغربية ارض بلا
شعب لشعب بلا ارض.. واستطاعت كسب تأييد دولي للقضية الفلسطينية واعتراف عشرات الدول
الأجنبية بمنظمة التحرير ثم بدولة فلسطين.
8- تشكيل نفسية الشعب
الفلسطيني نحو الأصدقاء والأعداء فأصبح عدو فتح هو عدو للشعب الفلسطيني وحليفها هو
حليف الشعب الفلسطيني وليس أدل على ذلك من موقف اللاجئين الفلسطينيين في سورية
فرغم التعبئة هناك خلال الثمانينات من قبل النظام والمنشقين "فتح
الانتفاضة" ضد فتح وقيادتها الآن أن مناسبة استشهاد ابوجهاد وحضور ياسر عرفات
كشفت بان كل الفلسطينيين في سورية مع فتح وقيادتها حيث حضر الجنازة مايقارب نصف
مليون شخص رفعت فيها سيارة ياسر عرفات..
9- تعزيز روح المقاومة في
المنطقة ونقل روح الثورة والمقاومة إلى الشعب اللبناني الذي تلقفها وأصبح في نفس
الخندق مع الشعب الفلسطيني وكذلك مساعدة الثورة الإيرانية وتدريب كوادرها الأولى
وتزويدها بالسلاح طيلة العامين الأولين حسب إقرار قادة من الحرس الثوري الإيراني
وظلت فتح طيلة سنوات التحضير لانطلاق الثورة الإيرانية مصدر استيعاب للثوار الإيرانيين
والحماية الأمينة في لبنان والدعم المالي والمعنوي والسياسي والإعلامي .. وكذلك
الحال مع كل حركات التحرر في العالم.
10- كرست وحمت الوحدة الوطنية
الفلسطينية بين المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين وتعزيزها بانتباه عال المستوى
ومسئول..كما كرست الديمقراطية داخل حركتها ومؤتمراتها بعلنية وشفافية الى حد كبير
وكذلك داخل النقابات الفلسطينية بحيوية عالية جدا ارتقت بروح الديمراقطية في
الساحة الفلسطينية كان يقول عنها ابوعمار بندقية غابة البنادق.. في محيط عربي
مستبد.
11- رعت الجوانب الثقافية
والفكرية والأدبية والمعرفية بشكل واسع وفتحت الأبواب لك طاقة عربية وإنسانية تسهم
في صناعة الوعي الثوري ففي بيروت كانت العملية الثقافية واسعة الانتشار متعددة
الوسائل وتميزت في هذه المرحلة عناوين سامقة في العلو من شعراء ومنظرين ومثقفين
ومفكرين وأدباء وكتاب وإعلاميين.. تماما كما كان اهتمامها بالجانب الاجتماعي الصحي
والمعيشي وبالذات لأسر الشهداء والأسرى وبناء نوى للاستثمار الفلسطيني
12- لم تغلق فتح أي جبهة عن
مواجهة العدو داخلية أو خارجية وفي كل الساحات في الداخل المحتل ومن جبهات الطوق
والبحر وفي الخارج حيث مواجهة العدو فكانت ثورة شعبية حقيقية لم تلتزم باشتراطات
العدو ولا حلفائه ولا المثبطين من النظام العربي..ولم تحرم أحدا بسبب طائفته أو
اختلاف حزبه من شرف المشاركة ولم تخضع لهدنة أو تهدئة ولم تلتزم بإيقاف الكفاح
المسلح مهما كانت الظروف المعقدة وكان ابواياد يقول لايوجد من يلقي سلاحه بحجة انه
يريد المفاوضات وكان ابوجهاد يقول لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة
والبندقية..والحديث هنا عن ماقبل أوسلو حيث أصبح الأمر بعد أوسلو ملتبسا حيث اعتقد
بعض أبناء فتح المنخرطين في الأجهزة الأمنية إن أي عمل مسلح سيكون ضد المشروع
الوطني فتصرفوا حسب اعتقادهم فيما ظل آخرون يدركون أن المعركة لن تنتهي مع عدو
يغتصب الأرض .. وظل العمل موجودا ولكن باشتراطات أخرى يأتي الحديث عنها في مجال آخر.
13- رغم أن قيادة فتح هي من
صنع أوسلو من الجانب الفلسطيني إلا أنها هي أول من اشتبك مع العدو سنة 1996فيما
عرف بجبل ابوغنيم وبعد ذلك في انتفاضة الأقصى التي فجرها ياسر عرفات بجيشه وأجهزته
الأمنية وشباب فتح ومن ثم لحق به التنظيمات الفلسطينية.
14- استطاعت فتح أن تقود
المجموع الفلسطيني عشرات السنين بمزيد من الديمقراطية والمسئولية نحو الجميع وان
كان يشوب ذلك تقصير هنا أو هناك ليس بسبب الفكرة الواسعة انما بسبب ضيق صدر هذا
المسئول أو ذاك.
15- أبدعت فتح في صناعة الثورة
وكانت تمتلك المبادرة.. وكذلك أظهرت وعيا متميزا في بناء مؤسسات السلطة قبل
تدميرها من قبل الاحتلال
16- قدمت فتح قياداتها الكبار
شهداء كان أخرهم زعيمها ياسر عرفات وهي مصرة على قضيتها الوطنية.
17- كرست فتح مبدأ الاستقلال
للقرار الوطني الفلسطيني عن النظام العربي و قطعت أيدي النظام العربي من الامتداد
للداخل السياسي الفلسطيني.ورفضت الاستقواء بالخارج على الداخل
هذه عناوين لأهم ما انشغلت فتح
بانجازه في 38سنة أي من انطلاقها في 1965 حتى استشهاد ياسر عرفات2003.. فهل هي حركة
معصومة؟ بالتأكيد لا..ولايمكن لأحد يقول بذلك حتى أكثر المداحين المستفيدين أما أبناؤها
الخلص الغيارى فهم معنيون دوما بالنقد والنقد الذاتي وهم من حين إلى آخر يوجهون لأنفسهم
نقدا هنا أو هناك وبعض انتقاداتهم شكلية أو سطحية أو أن الأخطاء التي يذكرون تكون
ضمن الممكن إنسانيا.. ولهذا سأحاول في الحلقة القادمة أن أسير إلى بعض النقاط التي
أرى أنها لاتنسجم مع روح فتح وتصطدم بفكرتها وكان لها الدور المباشر في أحداث هزات
في مسيرة فتح ومسيرة كفاح الشعب الفلسطيني... وهذه الملاحظات لا تمس من قريب أو
بعيد الفكرة العبقرية أنما تمس المسلكية وإدارة الصراع وأرجو من الإخوة في فتح أن
يتسع صدرهم لكلامي القادم...
0 تعليقات