آخر الأخبار

الجزء السادس: تناهيد دار أبي الأرقم أوراق يعقوبية





الجزء السادس: تناهيد دار أبي الأرقم أوراق يعقوبية






بقلم السيد احمد الجيزاني



وإذا كنا ننسى فلا يمكن ان ننسى موقفه التأريخي والجريء حيال ما قد شاع من عزم الحكومة العراقية متمثلة بوزارة التربية أن توجب على طالبات السادس الإعدادي أن يضعن في بطاقة الامتحان الوزاري صورة شخصية يبدين فيها شعورهن غير محجبات مما جعله يعلق أو يختزل احد دروسه في مسجد الرأس (المجاور لصحن أمير المؤمنين) ويلقي بجموع الطلبة وعلى اختلاف مستوياتهم الدراسية كلمة بلهجة حادة ونبرة شديدة وبلحن مختلف هذه المرة ويدعو الحكومة ـ حكومة طاغوت عصره ـ إلى التراجع عن هذا القرار فلا يليق بالفتاة المسلمة التي تقتدي بفاطمة وعائشة ـ ذكر هذه الأخيرة يأتي لإحراج السلطة ـ أن تظهر بلا حجاب, وأنى لبنات العلماء والمؤمنين أن يعطين هذه الصور والتي سيتصفحها القريب والبعيد والدنيء والشريف ..
وحينما سمعنا كلمات الشيخ وخطابه إلى الحكومة والذي كان شديد اللهجة شعرنا بخوف على سماحته واعتبرنا ذلك إيذانا ببدء المواجهة مع أعتى دكتاتورية شهدها التاريخ الحديث وصرنا يومئذ نستنسخ الكاسيت وننشره على الشباب والأسر حيث نسكن ونحث على إعطاءه للغير بعد سماعه ؟!
وأتذكر آخر كاسيت كان لسماحته قبل سقوط النظام قد حملناه (أنا والشيخ خالد المندلاوي) إلى كربلاء لنسخه إلى مائتي نسخة عند صديق لنا هناك وسط انتشار مهيب لرجال الأمن والمخابرات بسبب التوتر السياسي وعزم أمريكا على تبديل النظام المقبور فأخذت مائة كاسيت لتوزيعه في الكرخ بينما يتولى الشيخ خالد توزيع المائة الأخرى في جانب الرصافة وهكذا كان العمل في سائر المحافظات ..

أوراق_يعقوبية (11)



وكان يرى أن دور الحوزة لا ينبغي أن يكون مقتصرا على الوصف والشرح والبيان والإجابة على الاستفتاءات بل لابد من مداراة الناس وإيجاد القناعة بداخلهم فوصف الحوزة بوصفين الأم الحنون و الواعية والتي تدرك وظيفتها ورسالتها فتعمل بشتى الطرق من أجل إقناع وليدها المريض بأخذ العلاج فترغبه فيه وتحاول ان تجعل طعمه مستساغا وهذا هو مثال الحوزة الرسالية .. والوصف الآخر هو للحوزة الأخرى والتي تضع العلاج أمام طفلها المريض وتتركه وراءها ولا تلتفت إليه فشعارها (لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) .
ولذا عمد الشيخ إلى تجزئة الفقه بطريقة ذكية بعدما كان مجلدات (الرسالة العملية) يصعب فهمها بل لا يعرف الفرد أين المسائل التي تخص مهنته أو كيفية تطبيق المسألة على جزئيات عمله ... فكانت كتيبات نعمد إلى توزيعها في مناطقنا عند العودة إلى أهلنا في نهاية الأسبوع ومنها : (فقه الحلاقين) (فقه السوق) (فقه المصورين) (فقه التصوير) (فقه المولدات) (فقه الصاغة) (فقه الدولار) (فقه الصيادين) (فقه المفاعل النووية) (فقه تجارة العتيق) (فقه الجامعات) (فقه العمال) ... الخ
وكان سماحته متيقظا بمعنى ملتفت لما يدور في البلد ومتحفزا بمعنى لديه الشعور نحو المعالجة وعاملا بمعنى يبادر ويتخذ الخطوات الملائمة فحينما شعر بوجود هجرة من قبل الشباب نحو الأردن وسوريا لغرض العمل أصدر كتيبا هو (السفر خارج البلاد) نصح فيه بعدم ترك البلاد وبين وجهة نظره في ذلك الامر حتى أن أحد الشباب كان مضطرا للسفر فذهب إلى سماحته بصحبة الخطيب السيد محمد الصافي لتحصيل الإذن بالسفر! وانعم بمجتمع يكون على هذا المستوى من الانقياد والطاعة ..
وحينما لاحظ سماحته انشداد المجتمع إلى الاستماع (المبالغ فيه) إلى نشرات الأخبار خاصة في ظل المتغيرات السريعة في العلاقات الأمريكية مع نظام البعث والتصعيد من الجانبين اصدر سماحته كتيب (الاستماع إلى الأخبار في أوقات الأزمات) دعى فيه إلى متابعة الأخبار بشكل معقول بعيدا عن الانهماك المفضي إلى التشويش وضياع الوقت والانشغال عما هو أهم ..
وحينما يدنو يوم النوروز تراه يصدر كتيب صغير جدا يتناول المظاهر التي تشاع وسط ذلك اليوم ويحاول يبن حقيقة ذلك اليوم ويقارن علاقة المسلمين به بين الأمس واليوم .. وحينما يدنو موسم محرم وصفر فلا يدخر جهدا دون أن يوجه كتيبا إلى المرأة الخطيبة تحت عنوان (الخطابة النسائية بين الواقع والطموح) تماما مثلما يوجه أفكاره النيرة ووصاياه إلى الخطباء في كتيب (نصائح وارشادات إلى الخطباء) ..

____________________________
#ملاحظة/ تراجعت وزارة التربية عن قرارها بعد الخطاب الذي ألقاه الشيخ اليعقوبي مستنكرا القرار الأول، وفي أدناه صورة لقرار التراجع.

إرسال تعليق

0 تعليقات