زعيم
الأمة الكوردية
هادي جلو مرعي
بعد التصويت على انتخاب نيجيرفان البرزاني رئيسا
لإقليم كوردستان فإن عديد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، وتوجهات الإقليم في
علاقاته مع بقية العراق والعالم ستكون على طاولة البحث بطريقة غير تقليدية لأسباب
مرتبطة بالتحولات الكبرى، وحاجة الإقليم الى التواصل المباشر من أجل حل المشاكل
العالقة، و جذب الاستثمار، وتنويع مصادر الدخل خاصة مع التعثر في الاقتصاد،
والمصاعب التي واجهت كوردستان خلال السنوات الماضية، وبعض الاضطرابات والاحتجاجات
والخلافات حول قضايا السياسة والاقتصاد التي أثقلت كاهل الإقليم، وتطلبت معالجات
سريعة لعبور الأزمة.
مسعود برزاني يكرس حضوره زعيما للأمة الكوردية بعد أن
تم تنصيب صهره رئيسا، ووجود عدد من أفراد العائلة المتمرسين على رأس الجهاز الأمني
ما يعني أن توجهاته، وطريقة أدائه السياسي ستركز على التأثير في الآخر المنافس والمناوئ
لتغيير وجهات نظر الفرقاء لتكون في صالح إقليم كوردستان بعد أن مر البرزاني بتجربة
ثرة، سواء عندما كان يقود حركة الكفاح المسلح، أو حين ترأس الإقليم، وكان في
المواجهة المباشرة مع الخصوم الداخليين والخارجيين، وتصدى لمشاكل مختلفة سياسية واقتصادية
وعسكرية كانت قاسية في مجملها، وترتب عليها خسارات وتداعيات سياسية أثرت على
الكورد أنفسهم، وزادت من حدة الخلاف بينهم، وربما أستغل ذلك بطريقة وأخرى من
مناوئين.
هل يمكن القول: إن الكورد أمام مستقبل مختلف خاصة مع
وضوح الرؤية فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي، وعدم موافقة إيران وتركيا على قيام
دولة للأكراد في مناطق تواجدهم في الدول الأربع بما فيها العراق وسوريا التي شهدت
نزاعات عسكرية، وعمليات قمع منظم، وإبادات جماعية عبر مائة عام مرت من عمر الصراع
في هذه المنطقة، وهم يفتقدون منذ رحيل الملا مصطفى إلى زعيم يتجاوز التوصيف
السياسي المعتاد، إلى ماهو أبعد وأعمق روحيا ونفسيا في وجدان الأمة الكوردية
المنتظرة لقيامتها؟
في تركيا لم يعد ممكنا النظر الى الزعيم عبدالله
أوجلان بوصفه زعيما للأمة الكوردية لأنه على مايبدو حكم عليه بالنهاية، ولأنه أطر
صراعه مع الأتراك بإطار جعله في وضع لايسمح له بالتوجه نحو الكورد كأمة ليقودها،
ومع حجم الشراسة والجبروت الذي يواجه به النضال الكوردي في تركيا، وحتى مع الفكر
الأممي الذي يطبع سلوك الحزب العمالي الذي يقوده أوجلان، وليس ممكنا القول: إن في
سوريا وإيران من هو منافس على الزعامة، وجدير بها خاصة وإن القوى الكوردية هناك
قريبة من توجهات العمالي الكوردستاني، ويختلف الحال مع شخصية مسعود البرزاني الذي
تكرسه السياسة والوقائع والتاريخ العائلي، ونوع الصراع زعيما مطلقا للأمة الكوردية.
0 تعليقات