اليعقوبى من الياء إلى الياء
الحلقة الثانية
إعلان الاجتهاد
الزركانى البدرى
تريّثَ الشيخ اليعقوبي في
إعلان إجتهاده مراعاةً لأدبيات الحوزة العلمية الأ بعد سقوط الصنم ومرور العراق
بمرحلة خطيرة تستلزم وجود غطاء شرعي يحتضن (بقية الخط الصدري ) رغم انه – أي الشيخ
اليعقوبي – كان مجتهدا في زمن النظام البعثي الأ انه لم يعلن تصدية لاعتقاده
بضرورة ان يمر بين الاجتهاد والتصدي للمرجعية تؤهله لمزيدا من الممارسة والتجربة
الاجتماعية والخبرة وهو شعور عظيم ومثال اجتماعي في الإيثار والتأني قبل التصدي
حيث يقول :
(وبالرغم من إنني كنت أعتقد
بحصول ملكة الاجتهاد عندي في حياة السيد الشهيد (قدس سره)(1)، حيث قمت ببعض
الممارسات العملية في الاستنباط، وتدعمني في ذلك الإشارات التي تكررت من السيد
الشهيد (قدس سره) بعد مناقشاتي له في بحث الأصول منذ عام 1417 إلا أنني أعتقد أن
بين الاجتهاد والتصدي للمرجعية مدة من النضج والخبرة والممارسة والتجربة
الاجتماعية، والمعروفية لدى الناس لأن كل ذلك من مقومات العمل والنجاح فيه بإذن
الله تعالى، فلا داعي للاستعجال في مثل هذه الأمور الخطيرة التي تتطلب أقصى درجات
الاحتياط، ولا أجد حاجة إلى الدعوة لنفسي، أو اتباع الأساليب المعروفة لكسب
الأتباع والترويج الإعلامي، وإنما كنت أعتقد أن الله تعالى إذا أرادني لأمرٍ
فسيهيئ أسبابه، وإن لم يردني فلا خير فيه) (2)
حتى أعلن الشيخ اليعقوبي
اجتهاده لأول مرة بشكل علني في يوم الجمعة من على منبر الجمعة المبارك في الحرم الكاظمي
المقدس في بغداد في 25\4\2003 بحضور عشرات الآلاف امتلأ بهم الصحن الكاظمي الشريف
والمساحة المجاورة له وقد دعي الناس في ذلك الحين إلى المشاركة في تظاهرة يوم
28\4\2003 للمطالبة بدور أساسي للمرجعية الدينية والحوزة الشريفة وعراقيي الداخل
في العملية السياسية وكانت من اكبر التظاهرات التي شهدها العراق الحديث امتدت عدة
كيلوات مابين ساحة المسرح الوطني وساحة الفردوس وتجدون تفاصل أخرى في كتاب (الشهيد
الصدر الثاني كما اعرفه) وكتاب( محمد اليعقوبي من الذات إلى المجتمع)
وقد شهد لسماحته بالاجتهاد
جمعا من العلماء والمراجع العظام وفضلاء الحوزة العلمية الشريفة ومثلت أثاره
الفقهية الاستدلالية التي أكتشف من خلالها الباحثون المنصفون عمق اجتهاده
ومن تلك الآثار الكتب
الاستدلية التالية :
- القول الفصل في أحكام الخل،
- بحوث استدلالية في الفقه
المقارن
- الفريضة المعطلة : بحوث
استدلالية في الوجوب التعييني في صلاة الجمعة
- ( فقه الخلاف ) الذي يعد
حاليا ارقي دروس البحث الخارج في الحوزة خصوصا وانه يناقش المسائل الخلافية بين
الفقهاء .
وهنا يطرح سؤال: هل هناك شروط
أخرى لابد من توفرها في المجتهد (وليس المرجع)؟
بمعنى إنها متى ما وجدت وجد
الاجتهاد، ولو لم يتحقق لها وجود في الخارج كان هذا دليلاً على عدم الاجتهاد؟ من
قبيل (الرسالة العملية) أو (درس البحث الخارج) أو (إجازة الاجتهاد) مثلاً؟؟
- لعل الجواب (بالنفي) من
الواضحات داخل الكيان الحوزوي، إلا إني أريد إخراجه إلى الشارع والتذكير به فقط،
فإن هذه المفردات الثلاث كاشفة عن الاجتهاد وليس مولدة له، وظيفتها الكشف فقط وفقط
وفقط فلو تم الكشف بطريق آخر يمكن عندئذ الاستغناء عنها ما دام المطلوب موجود.
والدليل: إنك ما تجد فقيهاً
واحداً (فضلاً عن السيد الشهيد (قده) يقول بشرطية هذه الكواشف الثلاث، أو حتى
بواحدة منها... فأبحث.
- ومع ذلك فان سماحة الشيخ
اليعقوبي قد أكد أهليته وتميزه في هذه الكواشف الثلاث من خلال
- رسالته العملية ( سبل السلام
) التي تتميز بالوضوح والعمق والدقة والقرب من فهم المكلف دون تعقيد ،
- وكذلك تميزه في البحث الخارج
( فقه الخلاف ) الذي يعد حاليا أرقى دروس البحث الخارج في الحوزة خصوصا وانه يناقش
المسائل الخلافية التي زلزلت أقلام الكثير ممن كانوا قبله
- وحصوله على عدد من الإجازات
الخطية بالاجتهاد و الإشادات الواضحة بالأهلية والعلمية والكفاءة من جمعا أخر من
فقهاء المذهب الشريف
ـــــــــــــــــــــــ
(1) ومما يدل على ذلك أن
شهادات الاجتهاد التي تطوع بها بعض المراجع الكرام بعد سقوط صدام عام 1424/ 2003
كانت مبتنية على مراجعة بحث (القول الفصل) الاستدلالي الذي كتبته في الأشهر الأولى
بعد استشهاد السيد الصدر (قدس سره) وكتاب (مسائل في الفقه الاستدلالي المقارن)
الذي ضم عدة مسائل بحثت فيها خلال تلك الفترة، فالاجتهاد يعود إلى ذلك الزمان بل
قبله.
(2) مقدمة الجزء الأول والثاني
(كتاب خطابات المرحلة)
0 تعليقات