من القبيلة إلى القبلة 3/3
محمود
جابر
من القبيلة إلى القبلة بحث اجتماعي
أحاول فيه طرح مجموعة من الأسئلة على ذهن القارئ العربي والسلم الذي عاش مشروع النبي
سواء من خلال بطون الكتب أو من خلال الحلم المنتظر التطبيق، فى دولة العدل
والكفاية والرفاهية والتكامل والتناصح والقانون الدولة التي يشعر فيها الإنسان
بإنسانيته المطلقة فى القول والفعل .
والسؤال : هل حقا أقام النبي
هذه الدولة؟
-
هل كانت دولة المدينة دولة
مؤسسة على القبيلة باعتباره وحدة اجتماعية موجودة داخل النمط العربي قبل الإسلام
واستمرت فيما بعد النبي وهى موجودة حتى الآن ؟
وعودا على ما طرحناه فى الجزء الأول والجزء الثاني من هذه الدراسة من أن دولة النبي نقلت الناس من القبيلة إلى
القبلة ...
فالقبيلة تعنى الولاء للعراق
والولاء لرقعة جغرافية محدودة ومحدود بعدها الامنى والاستراتيجي والتخطيطي .وهى فى
النهاية شاءت أم أبت جزء من فضاء اكبر منها يتم توظيف القبيلة من خلاله سلبا أو إيجابا،
سواء لصالح القبيلة أو عكس مصالحها .
خطط النبي منذ البداية إلى جعل
القبيلة جزء من الوطن الجديد لا أن يكون الوطن الجديد تحالفا بين جماعة من
القبائل، فلو كانت دولة النبي محمد عبارة عن تحالف من القبائل لفقدت أهم ميزاتها
وهو العدل لماذا؟
لان القبائل فى تحالفهم
سيشكلون قوة ضاربة ولها سلطة القرار الذي يخدم مصالحهم لا مصالح الدولة ولا مصالح
العدل، وعليه سوف يقع غبنا على القبائل الأقل قوة ومن لا يحتمي بهذه الوحدات
القوية وبالتالي سيبقى العبيد والأغراب ضعفاء فى هذا المجتمع، وما كنا رأينا أشخاص
كـ عمار بن ياسر، أو عبد الله بن مسعود، او حذيفة بن اليمان او سلمان الفارسى
فكلهم ليسوا أبناء قبائل كبيرة ومعروفة ومع هذا لعبوا أدوارا كبيرة فى التاريخ الإسلامي
.
فالهجرة التي قام بها النبي
وأمر بها أصحابه ومن أراد أن يكون ضمن هذه الجماعة أو الدولة، لم تعنى انتقال من
مكان إلى مكان بقدر ما كانت تعنى هجرة نمط اجتماعي وسياسي قديم إلى نمط اجتماعي وسياسي
جديد قادرا على أن يصنع نمطا قيميا مغايرا لأنماط سلوك القبيلة المصلحية (
البرجماتية ) .
هذه المعايير مكنت النبي من
البدء فى تخطيط استراتيجي يهدف منه أن يكون لديه دولة قوية ومواطنين أقوياء وان
تستمر هذه القوة حتى وان اختل نمط البعد القيمى الذى وضعه النبى للمسلمين وهو
بينهم .
الشاهد هل استمر المسلمون على
عهد النبى فى بناء مجتمعات حداثية قائمة على القانون أم ان المسلمين بين الحين والأخر
يقومون بحركة ردة جماعية من القبلة الى القبيلة ...
سيكون هذا السؤال مفتاحا للإجابة
فى الحلقات القادمة .. إنشاء الله تعالى
وللحديث بقية
0 تعليقات