آخر الأخبار

اعرف عدوك الحقيقي




اعرف عدوك الحقيقي







د. محمد ابراهيم بسيوني


منذ عام ٢٠١٢، احتلت إسرائيل المرتبة ١٦ بين ١٨٧ دولة على مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة، الأمر الذي يضعها في فئة الأكثر تطورًا. إسرائيل حاليًا وفي السابق أيضًا سعت أن تشتري كل شئ، استحوذت أخيرًا على شركة ايسكار لشغل المعادن، علاوة على جذبها لمراكز أبحث وتطوير خارج الولايات المتحدة لشركات مثل آبل وإنتلومايكروسوفت، بجانب الميزانية الضخمة للتعليم والبحث العلمي التي تعتبر الأولى في العالم بمقدار ٣,٥ ٪‏ من الناتج القومي في إسرائيل، هذا ما أدى لظهور قائمة من براءات الاختراع أبسطهم الفلاش ميموري التي لا يوجد على البسيطة شخص لا يستخدمها. كل هذا بجوار السياحة التي تعتبر من أهم الركائز الأساسية في الاقتصاد بواقع ٣,٥ مليون سائح سنوياً. الاقتصاد الإسرائيلي يمتاز بالقوة لثلاثة أسباب:
أولها أنه يتميز بكونه منفتح علي كل الأسواق العالمية ويشجع التجارة الحرة والسوق المفتوح.
ثانيها أنه اقتصاد غني ومتنوع، يتمتع فيه الفرد بمستوى معيشي يضاهي الفرد في الدول الصناعية الغنية.
ثالثها أنه اقتصاد ملتزم بمشروع سياسي يؤيده أغلب اليهود حول العالم بكل طوائفهم.
عندما كانت إسرائيل حديثة العهد، حاولت قدر الإمكان توفير حياة مناسبة لسكانها، لأن أغلبهم بالطبع جاء من أوروبا، وهجر ذويه وأصدقاءه، بالتالي يلزم تعويضه بمستوي معيشي مناسب يضمن له نفس مستوي الرفاهية والدخل وبامتيازات أفضل من التي يعيش فيها، أو بمستوي وميزات مغرية تدفعه لترك حياته الأوروبية ويجذبه لكيانهم بدون تردد أو تفكير. وبجانب كل هذه المزايا كانت السلطة تفتقر إلي التمويل اللازم الذي يضع فكرتهم المزعومة في حرج كبير بسبب الكُلفة الكبيرة علي الدولة، فكانت إسرائيل تعتمد علي المساعدات الأمريكية في المقام الأول وبشكل أساسي، وبعد نكسة يونيو ١٩٦٧ استطاعت بشكل ما أو بآخر أنها تُسخّر الأراضي العربية المحتلة لخدمة نشاطاتها واحتياجاتها، أضف إلى ذلك التنقيبات على البترول والغاز الطبيعي والفوسفات فى صحراء سيناء خلال فترة الاحتلال، وتحوليها إلى منتجات تصدر من المواني في ايلات وغيرها.
في السبعينيات وأواسط الثمانينات عانت إسرائيل من أزمة اقتصادية وانكماش كبير بسبب الحروب اللي خاضتها بشكل مباشر مع الدول العربية، مما حتم عليها أن تفكر في الانفتاح على الاقتصاد العالمي، بعدما اعتمدت الأفكار الاشتراكية كسياسة اقتصادية خلال الثلاثين سنة الأولى من تأسيسها، وسرعان ما كانت هذه الخُطوات نبضات كهربية أنعشت الاقتصاد، وتُرجم لاتفاقيات أُبرمت خلال وجود الحكومات المتعاقبة. بعد انتهاء مرحلة الانكماش برز على السطح في إسرائيل ثلاث مؤسسات عملاقة Conglomerates تحتل مركزًا قياديًا في الاقتصاد الإسرائيلي وهي بالترتيب:
١- كوور Koor.
٢- الاستثمارات المحسومة Discount Invesment.
٣- كلال Clal.
وكانت كل واحدة من هذه المؤسسات تشكل مجمعًا اقتصاديًا يرتبط بواحد من المصارف الثلاثة الرئيسية وهي لئومي، وهبوعاليم، وديسكاونت، فأدى ذلك إلى تعاظم دور رأس المال بالنسبة إلى دور الدولة والهستدروت، وبرز دور اتحاد الصناعة كمؤسسة مهيمنة فتمكن من إغراق أسواق الضفة والقطاع بالسلع الصناعية وطبعًا في الفترة الحروب العربية كانت الهجرات علي أشدها، فقدم إلى الكيان الصهيوني أشخاص علي قدر عالي من الثقافة والخبرة، في الوقت الذي كانت إسرائيل بهذه الفترة مشغولة بالأعمال الزراعية والإنشاءات، فهنا كان دور القطاع الخاص الذي بدأ يدخل في الاقتصاد خطوة بخطوة. مع الوقت بدأ القطاع الخاص يتنفس الصعداء، وبدأت إسرائيل في فترة التسعينيات تجذب الاستثمارات من الخارج وتركز علي المجالات التكنولوجية فائقة التعقيد، حتي أنني أتذكر قرائتي لمقال أن إسرائيل تمتلك ما يقارب من ٥٠٠٠ شركة ناشئة في مشروع يستهدف تأسيس ٢٥٠ شركة كل عام، بجانب أكبر تجمع لشركات التقنية في العالم Silicon valley. السبب الرئيسي في تقدم الاقتصاد في إسرائيل بالأحرى هو الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي، وهو أيضًا السبب في زيادة معدل العلماء والباحثين في العالم فيها على مستوى العالم، ولزيادة دهشتك فإن النتائج العلمية تخبرنا أن كل ١٠,٠٠٠ شخص فيهم ٨٥ عالم وباحث، بالتالي هي متفوقة علي ألمانيا واليابان والولايات المتحدة، أضف إلي ذلك الجامعات الإسرائيلية التي أصبحت في طليعة الجامعات في الشرق الأوسط ومن أهم ١٠٠ جامعة في العالم في جَودة التعليم، والدليل علي ذلك حجم الدورات الكبرى التي تقدمها الجامعات الإسرائيلية مباشرة ومسجلة على موقع Coursera. أضف إلى هذا المعونة الأمريكية التي تقدر سنويًا بـ ١٢ مليار دولار، وهذا في حد ذاته مبلغ ضخم يسد احتياجات إسرائيل ويساعدها علي مواجهة أي أزمة مالية. إسرائيل بوجودها من ٧٠ سنة استطاعت أن تحقق طفرة في المجال الاقتصادي، الزراعة والصناعة والتجارة الخارجية والمعلومات، من اللازم أن يعرفها كل طالب وعالم في وطننا العربي، لأننا أمام عدو يفكر ويخطط بذكاء وبخبرة، مثلما نفعل نحن كذلك.


عميد طب المنيا السابق


إرسال تعليق

0 تعليقات