آخر الأخبار

ماذا فعل محمد مرسى وجماعته فى 369 يوم




ماذا فعل محمد مرسى وجماعته فى 369 يوم




هانى عزت بسيونى
ونحن نقترب من تاريخ 30 يونيو استدعتني الذاكرة للظروف التي مرت بها مصر والأخطاء التي دمرت اقتصادها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ، فبعد عزل الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي بأقل من 10 أيام نشرت مجلة "Foreign Policy" الأميركية ( اي في عهد إدارة اوباما الداعم للإخوان ) تقريراً رصد الأخطاء الكبرى لمرسي وجماعته والتي دمرت مصر ، وتضمن التقرير أشارة واضحة إلى تحمل جماعة الإخوان المسئولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والحياتية للمواطن في مصر جاء فيه إن 30 يونيو 2013 كان يوماً كارثياً لشرعية وسياسات مرسي وجماعته لأنه اليوم الذي أثبت أن قدرة رجل الإخوان على حكم مصر كانت وهم كبير وذلك بالنظر إلى اتساع رقعة الاحتجاجات ضد سياساته … وهو إعتراف جدير بالتأمل …

وبالعودة إلى اللحظة التي انتخب فيها مرسي رئيساً لمصر ، ورغم الإرث الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي تركه النظام السابق ، فقد كانت له بعض الخيارات التي من شأنها تفادي ما وقع غير أنه اختار الأسوأ منها وفقاً لما يلي …

فالدكتور محمد مرسي اختار أن ينتصر لجماعته وعشيرته دون كونه ومن موقعه رئيساً لكل المصريين ، ولجأ إلى خطاب شعبوي غايته الاستقطاب السياسي والاجتماعي وخلق حالة من عدم الثقة أدت إلى شلل مصر عن الحركة وتقسيم شعبها إلى أقسام حتى دبّ الخلاف في داخل الأسرة الواحدة والبيت الواحد ، فلم يدرك مرسي أن المعارضة المجتمعية لها دور في البناء الديموقراطي بل سعى إلى تقزيمها وتشويهها لصالح جماعته وعشيرته ، حتى انه وقبل خروج المتظاهرين إلى الشوارع في الثلاثين من يونيو كانت وعود الرئيس السابق غير قابلة للتحقق ، وطريقة محاورته لخصومه السياسيين تنم عن نوع من التعالي والتشفي والثأر ، ليتسبب في إهدار فرصة التوافق السياسي في وقته المناسب وليضع مصر على حافة الحرب الأهلية والصراع العنيف بين مختلف الأطراف .…

نعم كانت مصر على شفا حرب أهلية يجب ان نتذكر ذلك جيداً …
وهي أخطاء لا تحصى ولا تغتفر … فهل كان من الممكن ان يتم ترك مصرنا اسيرة له ولجماعته وهم يقولون لنا " طز في مصر !؟ " …

ففي الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة 30 يونيو كانت خطايا د. مرسي ونظامه لا تعد ولا تحصى والتي من بينها على المستوى الاقتصادي ما يلي … طرح مجلس الشورى الإخوانية قانون الصكوك الإسلامية رغم أنه قد تم انتخابه كمجلس استشاري ومَنحه مرسي سلطة التشريع من خلال إعلانه الدستوري الخطير فأصبح جهة تشريع … ! .. ليناقش أهم القوانين الاقتصادية التي كان منها مشروع قانون الصكوك التي سميت من قِبل السلطةالاخوانية بـ(الإسلامية)".! … وهي الشعارات التي يتم تداولها للحصول على مكاسب سياسية كما هو معتاد ، ولست ادري على اي أساس اكتسبت هذا الوصف …!؟ …

كما وأن المذكرة الإيضاحية التي أعدتها اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى لمشروع قانون الصكوك الإسلامية آنذاك تضمنت مجموعة محاور أهمها أن يكون قانوناً موحداً وشاملاً لكل الإصدارات الحكومية والخاصة واستهدف الصك سد جزء من الفجوة التمويلية داخل منظومة الاقتصاد الوطني من خلال المساهمة في تمويل المشروعات والأنشطة الاستثمارية المتعددة حيث أنه بموجب هذا الصك يحق لمالكه استخدامه في البيع والرهن والهبة ، مما خلق حالة الاستقطاب التي كانت تمارسها السلطة المستبدة بكتم الأصوات المعارضة لها ….

أيضا أود أن أذكركم بإن الإخوان كانوا أشد المعارضين للتعامل مع صندوق النقد الدولي في فترة التسعينيات … وبعد ثورة يناير 2011 تعالت الأصوات الرافضة من داخل الجماعة للتعامل بأي شكل من الأشكال مع الصندوق ، كما أن جماعة الإخوان وبعد ان أصبحت صاحبة الأغلبية البرلمانية بعد ثورة يناير 2011 أعلنت في مجلس الشعب رفضها التام لقرار الاقتراض من الصندوق بدعوى انه رِبا ، وأن المجلس العسكري يدير مرحلة انتقالية ويسلم بعدها السلطة إلى رئيس منتخب ولا يجب أن يسلم البلاد مثقلة بالديون الخارجية …

لكن الوضع تغير تماماً إلى النقيض بعد تولي مرشح الجماعة السلطة … حيث بدأت مفاوضاتهم مع الـ IMF اي صندوق النقد الدولي للحصول على القرض ، والسابق قيامهم بتوجيه الانتقادات إليه ، وأصبح القرض الذي كان حراماً خلال المرحلة السابقة لدخوله ضمن الربا بسبب الفوائد المحملة عليه ، محل ترحيب من الإخوان والتيارات الإسلامية بعد أن اعتبرت فوائده مجرد مصاريف إدارية .. بالذمة ده كلام …!

هذا فقط لأُذكر الواهمين والمترحمين على أيام حكم تلك الفئة … وأضيف لكم من الشعر بيتاً آخر …

هل نسيتم أن فترة حكم الرئيس الأسبق د. محمد مرسي المرتبكة سياسياً كانت السبب الأهم وراء تخفيض التصنيف الائتماني لمصر ؟ … فقد خفضت وكالة Standard & Poor’s التصنيف الائتماني لمصر إلى "c" وهو التخفيض الرابع على التوالي خلال المرحلة الانتقالية ، وأدخل مصر إلى منطقة خطرة تعني تراجع الثقة في القدرة على السداد ، الأمر الذي أثَّر على قدرة مصر في الحصول على القروض التي طلبتها من مؤسسات التمويل الدولية ، وجاء التخفيض الأخير بسبب غياب خطط معالجة عجز الموازنة وعدم الاستقرار السياسي ….

وبدأ صعود مؤشرات الفشل الاقتصادي في إدارة الدولة ، وجاءت البداية من برنامج المائة يوم حيث كانت من بين أهم ما تعهد به الرئيس الأسبق مرسي في برنامجه الانتخابي هي … حل مشكلات المرور والنظافة والوقود والخبز والأمن ، لكن ما حدث كان زيادة الأوضاع سوء خاصة أزمة الوقود التي انعكست سلباً على المخابز وحركة المرور والكهرباء ، كما أثارت الوعود التي قطعها د. مرسي في المائة يوم الأولى من حكمه الكثير من الجدل ، فرأي مؤيدو مرسي أنه عمل جاهداً على إنجاز ما وعد به وأنه ورث تركة مُثقلة بالفساد والفوضى من سلفه الأسبق مبارك كما أنه كان يحتاج لمزيد من الوقت للعمل على إصلاح الأوضاع في مصر …. ولكن وعلى عكس ذلك رأى د. محمد مرسي نفسه انه حقق نجاحات غير مسبوقة !؟ …
فقد أعلن في خطاب رسمي أنه حقق نجاحاً نسبته 70% في مجال توفير الأمن و85% في مجال توفير الغاز للمواطنين و40% في ملف النظافة ، كما أشار إلى أن معدل التضخم انخفض إلى أقل مستوياته في عشر سنوات …!!!
غير أن منتقدي مرسي رأوا أنه فشل في تحقيق وعود المائة يوم فشلاً تاماً ، كما أن خطابه الذي أعلن فيه نجاحه ذلك في تنفيذ الوعود كان مليئاً بالمغالطات ومجرد نوع من الدعاية ، فقد كانت هناك فجوة كبيرة بين ما تحدث عنه من إنجازات وما يواجه الشعب المصري من مصاعب في حياته اليومية ، حيث شهدت مصر خلال الفترة من عام حكم مرسي عدت أزمات منها ……

أزمة وقود خانقة غير مسبوقة تسببت في تكدس السيارات أمام محطات البنزين في مختلف أنحاء البلاد لساعات طويلة خاصة في القاهرة التي تعرضت لشلل مروري في العديد من المناطق بسبب الطوابير الممتدة أمام محطات البنزين وتعد أزمة البنزين والسولار أحد الأسباب الرئيسية لخروج ثورة 30 يونيو ضد مرسي ، ويمكن القول إنه لم يكن هناك تفاعل مع دعوات المعارضة ضد مرسي منذ أول أسبوع لحكمه ، لكن أزمة الوقود تسببت في خنق المواطنين وتفاعلهم مع الدعوات للنزول إلى الشارع للثورة ضد نظامه ، وبالإضافة الى ماسبق وغيرها من أسباب ، تباينت أسباب الأزمة لتلقي الرئاسة المصرية والقائمين على وزارة البترول آنذاك باللوم على عمليات التهريب المستمرة خصوصاً الى حماس في غزه ، ورفض القائمين على توزيع الوقود من أصحاب المستودعات ومحطات البنزين تطبيق منظومة جديدة لتوزيع البنزين والسولار بالكروت الذكية للحد من التهريب وترشيد الدعم ، وأشار المسئولون في وزارة البترول الى أن الأزمة جاءت بسبب نقص كبير في المعروض لعطل فني في معملين للتكرير من أكبر معامل مصر بسبب الإهمال …

ولكن الرئاسة المصرية الإخوانية أوضحت في تقرير لها في يونيو 2013 أن أسباب أزمة الوقود ترجع إلى ارتفاع احتياجات السوق عن معدلات الاستهلاك الطبيعية وعمليات التهريب التي تمت قد وصلت إلى 380.5 مليون لتر سولار و52.1 مليون لتر من البنزين في الفترة من يونيو 2012 وحتى مايو 2013 ، أي قبل شهر واحد من الإطاحة بمرسي …

ولم تكن أزمة الوقود وحدها كفيلة بتأجيج الشارع وإنما تسببت في ارتفاع أسعار مختلف السلع بشكل كبير لاعتماد النقل على السولار والبنزين كما تزايدت أزمة انقطاع التيار الكهربائي لنقص الوقود أيضاً الذي تعتمد عليه محطات الكهرباء في توليد التيار ….

الأزمة الثالثة كانت الانقطاع المستمر للكهرباء ، حيث شهد التيار الكهربائي انقطاعات متكررة على مدار العام الذي حكم فيه مرسي واعتبرت إحدى الأزمات الرئيسية التي أدت إلى تصاعد الغضب الشعبي ضده حيث وصلت الأزمة ذروتها في شهري مايو ويونيو 2013 ، وعانت القاهرة وعدد من المحافظات من الانقطاع المتكرر لعدة ساعات يومياً في جميع المحافظات بسبب نقص إمدادات الوقود المُغذِّي للمحطات مما زاد من سخط المواطنين في الوقت الذي ناشدت فيه الحكومة ممثلة في وزارة الكهرباء المواطنين بالعمل على ترشيد الاستهلاك ، وأظهرت مؤشرات وزارة الكهرباء مطلع يوليو 2013 أن نسبة العجز في التيار الكهربائي في الفترة من يونيو 2012 الى يونيو 2013 بلغت نحو 25% بما يصل إلى خمسة آلاف ميجاوات …!

نعم … لقد تسلم مرسي مصر وديونها الخارجية 34,4 مليار دولار أمريكي لكنه اقترض من قطر 7 مليارات دولار ومن ليبيا ملياري دولار ، ومن تركيا مليار دولار لأسباب وأهداف واضحة للعلن وتحددها الأحداث الجارية الآن وسابقاً ، وتم سحب نحو مليار دولار من قرض قيمته 2.5 مليار دولار تم عقده مع بنك التنمية الإسلامي بما يعني أنه أضاف 11 مليار للديون الخارجية لتصبح 45.4 مليار دولار بعد أقل من عام من حكمه ، صدَّر خلاله صورة الدولة الساعية للاقتراض دون أن يفعل شيئًا بشأن تعبئة الموارد المحلية ….

وبلغ إجمالي الدين العام لأجهزة الدولة 1310 مليارات جنيه بما يعادل نحو 79.4 مليار دولار أمريكي بسعر تلك الفترة وبما يوازي 85% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام المالي 2011-2012 ( عند تسلم د. مرسي الحكم ) كما ارتفع الدين إلى 1553 مليار جنيه اي نحو 94 مليار دولار في العام المالي 2012-2013 وبما يعادل 89% من الناتج المحلي الإجمالي في العام نفسه وفق تقديرات الحكومة بمشروع موازنة 2013-2014.
كما انه وبنهاية عام حكم د. مرسي ، انخفض التصنيف الائتماني لمصر مرة أخرى في خلال عام إلى "‏CCC‏ " … وهذه المكانة المنخفضة وضعت مصر في مكانة قبرص وأعلى من اليونان التي أعلنت إفلاسها بدرجة واحدة ، وهذا الانخفاض في التصنيف الائتماني يعني انخفاض قدرة مصر على سداد التزاماتها الخارجية والداخلية …! فهل يعقل هذا !؟؟ …
كما انخفضت الاستثمارات الأجنبية والعربية في مصر خلال الفترة من يونيو 2012 وحتى الشهر ذاته من 2013 إلى أقل مستوياتها ، فبعدما وصلت الاستثمارات الأجنبية والعربية إلى 13.4 مليار دولار أمريكي خلال عام 2009 انخفضت خلال عام 2012 لتصل إلى ملياري دولار فقط ، ثم انخفضت خلال عام 2013 لتصل إلى أقل من مليار دولار أمريكي ….!
هكذا سلم الدكتور محمد مرسي ، مصر ، للقيادة التالية له …… وأنا أتحدثت فقط عن الأوضاع الاقتصادية ولم أتطرق للأوضاع الأخرى وأسباب العبارة الشهيرة للدكتور مرسي رئيس مصر وقتها " حافظوا على الخاطفين والمخطوفين …!!… " ونعلم جميعاً ما ورائها من قصد …
أقول كل ذلك لأوضح فقط لمن يتحدثون عن حكم الإخوان بأنه كان المسار الصحيح وأنهم مظلومين ، وهو الأمر الذي وصل بنا إلى ان نواجه كل ذلك وميراثه بروشتة علاج قاسية ما زالت الدولة تعمل على كتابتها وتنفيذ ما بها ويتحمل مرارتها المواطنون حتى الآن …

والله المستعان …







إرسال تعليق

0 تعليقات