آخر الأخبار

السلطان العثماني والمرشد الإخوانى



السلطان العثماني والمرشد الإخوانى




د. محمد إبراهيم بسيوني


لعل فكرة الخلافة كانت تناسب عصرها كنظام سياسي إما الحلم الذي يشيدوه في أذهان الأجيال الحاضرة حول الخلافة فهو وبال على الحاضر والمستقبل.

 تخليق الإخوان فى مصر سنة ١٩٢٨ كان بعد سقوط الخلافة العثمانية على يد أتاتورك وتخليه عن هذا الإرث الثقيل سنة ١٩٢٥، وكانت الخلافة هى ذريعة الاحتلال الانجليزي للمنطقة وبسقوطها سقطت الحماية الانجليزية، فكان على الانجليز تجميع هذه الدول تحت (سلطان) غير عبد الحميد الثاني الذي توفي في ١٩١٨، وكان فؤاد ملك مصر جاهزا لشغل هذا المنصب المرموق ليكون هو الخليفة بقيادة مصر بحكم الإرث الثقافي وعدد السكان ووجود الأزهر، رغم كونه أصوله الألبانية، وكان لابد من التمهيد لهذا التحول لكى يتمكن من إعلان نفسه خليفة، فأطلق تنظيم الإخوان للتوغل فى أرجاء مصر بموافقة انجليزية طبعا وبداية طرح فكرة الخلافة الإسلامية وقبول مصر المدنية وقتها لهذا الطرح، وربما يفسر ذلك إعلان الملك فاروق فيما بعد انتسابه زورا لآل البيت رغم معرفة الجميع لأصوله الألبانية، وأيضا يفسر لنا لماذا كان أول تبرع للإخوان ٥٠٠ جنيه انجليزيا عن طريق شركة قناة السويس، وكأن الانجليز والإدارة البلجيكية اتفقتا فجأة على نصرة الإسلام والمساهمة فى نشر الدعوة.

‏ضمن وقائع الاحتلال العثماني البغيض قتل أجداد أردوغان عشرة آلاف مصري في يوم واحد. يقول ابن إياس في بدائع الزهور ‏(.. فصارت جثثهم مرمية على الطرقات من باب زويلة.. ولولا لطف الله لكان لعب السيف فى أهل مصر قاطبة).
حلم إعادة الخلافة العثمانية خلل في العقل والضمير، المضحك المبكي أن هناك من لايزال يستخدم تعبير (الفتح) العثماني وليس الغزو أو الاحتلال وكأنه (فتح) لنشر الإسلام في بلد دخله الإسلام قبل مجيء الغزاة بقرون طويلة.


فكرة الخلافة عموما والخلافة العثمانية تحديدا كانت سببا مباشرا في ظهور جماعة الإخوان المسلمين. ساهمت الخلافة العثمانية في تشييد سور شاهق من التخلف حول مستعمراتها وتركت للإخوان عرقلة كل محاولة للنهوض إما بنشر أفكار مدمرة أو بالتلاعب في الساحة السياسية. لم يكن غريبا ان ترتبط فكرة الخلافة بالدين في زمن كان العالم كله يتعامل مع الحاكم على أنه (ظل الله في الأرض)، لكن حين جاء الاحتلال العثماني كانت هذه الفكرة قد بدأت تتغير مع عصر النهضة في إيطاليا ثم أوروبا، ألا ان العثمانيين كرسوا المرجعية الدينية للخلافة.

فى تلك الأثناء قام الشيخ الجليل على باشا عبد الرازق بكتابة كتابه الشهير "الإسلام وأصول الحكم" وفند فيه مزاعم الخلافة المزعومة فغضب الملك فؤاد عليه وأوعز للأزهر بعزله وتجريده من درجة العالمية وقد كان وكانت تلك سقطةً تاريخية للأزهر الشريف. وللأسف الشديد فإن الكثير من نظار المدارس الإخوان منعوا هذا الكتاب من المكتبات المدرسية بل ان بعضهم قاموا بحرقه علانية أمام الطلبة.


عميد طب المنيا السابق






إرسال تعليق

0 تعليقات