آخر الأخبار

صراع السنة والشيعة




صراع السنة والشيعة




د. محمد ابراهيم بسيوني


طوال قرون مضت، لم يهدأ الخلاف بين السنة والشيعة، بل وتحول الخلاف في أحيان كثيرة إلى حروب دموية أزهقت الكثير من أرواح الأبرياء. وظل الشرخ بين الطائفتين يتوسع كل يوم حتى أصبح من المستحيل إصلاحه، كما يقول متخصصون في المجال الديني.

 ويرجع أصل الخلاف بين السنة والشيعة إلى مسائل فقهية وفتاوى مذهبية مرتبطة بالفروع أساسا أما الأصول والعقائد فهي واحدة.

 فعلماء كل طائفة كان لهم رأي مخالف في مسألة معينة وكل عالم تعصب لطائفته، ومن بين أهم نقاط الخلاف: العصمة والصحابة والتقية وزواج المتعة والميراث.

يؤمن الشيعة أن التشيع هو الإسلام ذاته، ويرون أن المسلم يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب، ويرون أن الوصية هي الإسلام الأصيل الذي وضع أساسه النبي محمد نفسه على مدار حياته، وأكده قبل موته عندما أعلن الولاية لعلي من بعده.

 كما يرون أن الطوائف الإسلامية الأخرى هي "المستحدثة ووضعت أسسها من قبل الحكام والسلاطين" وغيرهم من أجل "الابتعاد عن الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل".
أول مسائل الخلاف هي العصمة عن الخطأ، فالسنة يعتقدون أنها للأنبياء فقط، أما الشيعة فيؤمنون أنها للأنبياء والأئمة الاثني عشر من أهل البيت، أي علي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين والتسعة أبناء الأئمة من نسل الحسين.

 وثاني تلك المسائل متعلق بصحابة الرسول، فأهل السنة يقولون إنهم كلهم منزهين ويجب احترامهم واحترام أقوالهم لأنهم "السلف الصالح الذي يجب الإقتداء به"، أما الشيعة فيظل حكمهم نسبيا في هذه القضية، إذ يرون أن الصحابة بشر عاديون وفيهم المخطئ والكاذب وحتى المرتد عن الدين. إن الشيعة يحترمون الصحابة لكنهم لا يأخذون عنهم لأنهم مختلفون في الرأي والاجتهاد، أما الأئمة من أهل البيت فهم المرجع الصحيح الذي أوصى به النبي قبل وفاته". إن علماء السنة صحيح بدلوا واختلفوا، ولكن يجب ألا ننسى أيضا أن علماء الشيعة مختلفون أيضا في مراجعهم واجتهاداتهم، فالخلاف موجود عند الطائفتين".


والمسألة الثالثة هي التقية، أي إظهار عكس ما يفكر به الإنسان أو يؤمن به، وهي جائزة عند الشيعة، أما أكثرية السنة فيعتبرونها "نفاقا وسوء نية وخروجا عن الجماعة". وحتى هذه المسألة غير محسومة تماما.

 أما المسألة التي تثير الخلاف الشديد بين السنة والشيعة فهي زواج المتعة. فهو عند الشيعة مباح بل ويزيدون أن عليه الأجر والثواب، أما شيوخ السنة فيؤكدون أنه حرام بل ويصنفونه في خانة الزنا.

والمسألة الأخيرة هي ضرب النفس، فكثير من الشيعة يعتبرونه مباحا ويخرجون في ذكرى مقتل الحسين ويشرعون في ضرب أنفسهم حتى تسيل الدماء، لكن السنة يرفضون ذلك ويعملون بالآية القرآنية التي تقول "ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة". الشيعة يقولون إن "الضرب المباح هو اللطم الخفيف تعبيرا عن فقد الحبيب علي وأبنائه، أما الضرب المبرح فمرفوض".

الخلاف بدأ سياسيا ولا يزال كذلك، فالمسائل الخلافية الخمسة الكبرى بين السنة والشيعة مجرد قشور لأصل الخلاف الحقيقي الذي هو الحكم. إن الصراع حول من يكون الإمام ويحكم بعد وفاة الرسول هو الذي جعل المسلمين ينقسمون بين من يدعي الحق المطلق لعلي ابن أبي طالب ابن عم الرسول، وبين من يعطي الحق لجميع الصحابة على حد سواء.

 الصراع حول من يكون الإمام ويحكم بعد وفاة الرسول هو الذي جعل المسلمين ينقسمون، وقد جعل الخلاف حول الحكم كل طائفة تستل سيفها، وتقاتل الأخرى حتى انفلتت الأمور واتخذت أبعادا إيديولوجية واجتماعية وسياسية متشعبة، واختفى النقاش ليحل محله التكفير وإقصاء كل طائفة للأخرى.

التعصب للأفكار الدينية هو أخطر أنواع التعصب لأنه يعمي، ويصبح ذريعة لارتكاب كل أنواع العنف مما يهدد مصير البشرية خاصة مع وجود كل هذه الأنواع من أسلحة الدمار الشامل. اذا يرجع الخلاف بين السنة والشيعة لسنة ٣٧ و٣٨ هجري لأسباب سياسية بحتة وصراع على حكم انتهى بانتصار بني أمية بعد معارك قتل بها الوف المسلمين. وليس هناك أي خلاف عقائدي بين السنة والشيعة بل بعض الخلافات الفقهية وهي داخل المذاهب السنية والشيعية أكبر مما هي عليه بين السنة والشيعة. انتهى بل تم دفن خلاف السنة والشيعة لأكثر من الف سنة حتى أحياه الصفويون وهي دولة على حدود إيران كانت بصراع دائم مع الدولة العثمانية.

رأت الدولة الصفوية أن أنسب طريقة لصد الدولة العثمانية عن اقتطاع إيران منها هو تشييع إيران وبالتالي هم من يحاربون العثمانيون السنة. لم تكن إيران تعتنق المذهب الشيعي حتى ١٦٠ سنة مضت بل كانت سنية وتم تشييع شعبها من قبل الصفويين لأسباب سياسية بحتة لمواجهة العثمانيون. بالداخل العربي لم يعرف العرب أي خلاف بين السنة والشيعة طوال تاريخهم ولا أدل على ذلك من عدد التزاوج بينهم بل أن القبيلة تضم سنة وشيعة.

 وبالرغم أن الخلاف بين السنة والشيعة سياسي ويعود لعامي ٣٧ و٣٨ هجري لم يسأل أحد نفسه عن سبب إشتعاله بهذا السعار بدءا من ٢٠٠٤ وليس قبلها. الصراع بين العرب وإيران من قبل الإسلام وليس سني شيعي والكثير لا يعرف أن العقال الذي يضعه رجال العرب فوق رؤوسهم أحد مظاهر هذا الصراع، سبب وضع رجال العرب عقال فوق رؤوسهم تبجيل لعقال البعير حيث ربط ملك الفرس أحد ملوك العرب وهو النعمان بن المنذر بعقال بعير وهذا قبل الإسلام.

الحرب بالوكالة بين السنة والشيعة أصبحت أقرب من أي وقت مضي، إنه بعد مرور ستة أعوام علي الربيع العربي بما حمله من صراعات سياسية وتقاتل على السلطة، فقد بدأت الخلافات في اتخاذ شكلا أكثر طائفية بين الأكثر تشددا بين الفصيلين اللدودين.

 إن الصراع بين السنة والشيعة أصبح منبعا لبحار الدماء في كافة الدول العربية تقريبا بداية من سوريا واليمن ومرورا بالعراق ولبنان وليبيا والبحرين.

 إن طائفية الصراعات انعكست بدورها على التحالفات في المنطقة ففي الوقت الذي تحاول فيه السعودية دعم الفصائل السنية في دول عدة مثل اليمن والبحرين، تسعى إيران لكسب أراض جديدة عبر حلفائها من الشيعة. بدءأ من ٢٠٠٤ إستعر الصراع بين السنة⁩ والشيعة وتم فتح فضائيات ومواقع لا حصر لها ولم يسأل أحد نفسه من المستفيد وان ولم يسأل أحد نفسه من المستفيد وانساق الكثير. كان ٢٠٠٤ عام مذلة وهوان لأمريكا حيث أخذت ضربات المقاومة الحقيقية التي كان عمادها جيش العراق تذل أمريكا حتى تم سحل جنودها في الفلوجة.

 لتنقذ أمريكا نفسها في العراق من مستنقع فيتنام جديد لجأت لحلين مع إيران التي اقتنصت الفرصة والحلان مولهم العرب بمالهم ودمهم ضد أنفسهم. أعادت أمريكا لعبة القاعدة في أفغانستان بالثمانينات في العراق لكسر المقاومة الحقيقية وأججت صراع السنة والشيعة الذي لم يعرفه أباؤنا. استطاعت إيران استمالة الكثير من الشيعة العرب بالخطاب الديني بينما فشل العرب باستمالة السنة أو الشيعة لازمة الثقة بالحاكم العربي من شعبه. مددت إيران نفوذها واستحوذت على كامل العراق تقريبا بمال ودم عربي خالص بصفقة مع أمريكا بينما انهمك العرب بصراخ خلافات السنة والشيعة.

الأزهر قلعة الدين ولقد زوج شيخ الأزهر الشيخ المراغي بالأربعينات شاه إيران الشيعي لأخت ملك مصر السني. إذا سألت أي شخص قبل مواليد ٢٠٠٠ السنة أو الشيعة لقال لك لم أسمع أي خلاف إلا بعد ٢٠٠٤ وهو العام الذي عقدت فيه أمريكا صفقة مع إيران.

هل سألنا أنفسنا لما صراع السنة والشيعة محصور عند عرب الخليج، والعراق، واليمن، وسوريا ولم يمتد إلي مصر أو إيران أو افغنستان أو باكستان. الطائفية بالشرق الأوسط نتيجة استغلال إيران للفشل التنموي والسياسي عند العرب، النظام الإيراني ثعبان اقتات على جثث العرب.



إرسال تعليق

0 تعليقات