آخر الأخبار

عن النقد وغيابه


عن النقد وغيابه




أياد نجم



كقطيع تتلاعب به عاصفة هوجاء تشتد ريحها كل حين باتجاه كذلك بني الإنسان...
من يقرأ التاريخ أو يقلب نظره في الأحداث الاجتماعية والسياسية التي عاشها خلال سني عمره سيجدها مليئة بذلك النوع من الأحداث العاصفة التي تأخذ بنا يميناً وشمالاً.

شخصياً عندما استذكر ما بعد ٢٠٠٣ حين سقط النظام في العراق أجد ذلك جلياً واضحا وان تلك النظرية تنطبق بشدة على المجتمع العراقي فما أن يدير الأقوياء الريح باتجاه حتى تجد المجتمع يلهث ورائهم مندفعاً بعماء دون ادني تروٍ أو نقد فمن التيارات الراديكالية مروراً بفترة القائد الضرورة حتى فترة انتشار الأفكار العلمانية والليبرالية.

ما يميز تلك المراحل أو الفترات هو غياب النقد فكل ما يأتي بريح قوية وتيار اجتماعي جارف يُتبع دون نظر .

المجتمعات التي تعبد الديكتاتور وتبجله وتعيش تحت رحمته ستكون بيئة مثالية لموت النقد إذ أن تلك المجتمعات تتعلم أن لا تنقد فليس ذلك مهمتها بل هي تتعلم أن مهمتها إظهار فروض الطاعة للأقوياء و عدم رفع رؤوسها لترى واقعها المزري في شتى المجالات بل تتعلم تبرير ذلك البؤس والتعايش معه على انه الواقع الذي ينبغي ان يكون وانه أفضل ما كان.
يبقى المجتمع المهشم تحت نير الديكتاتورية مستعبداً و الأسوأ انه يبقى يتوق للعبودية ولعل ذلك ما شرحه اريك فروم في كتابه (الخوف من الحرية) و لعلي استطيع تقديم مقاربة للتشريح الذي بينه فروم إذ اعتقد أن غياب النقد و عدم القدرة عليه يجعل المجتمع خاضعاً خائفاً يترقب مآلات الصراع بين الأقوياء ليقرر بعدها من يتبع.
إذن فالناقدون ومن لديهم القدرة على النقد هم أولئك القلة الذين يقفون بوجه التيار لا يتزحزحون و أولئك قليل
و المتزحزحون هم أولئك الذين يستطيبون التمايل خلف الريح لا يملكون نقداً لما بين أيديهم و لا يستطيعون أن ينظروا بما بين أيديهم بل يتبعونه وينقادون له.
هي ليست دعوة لنكون متفرجين و ليست دعوة للجمود بقدر ما أنها دعوة للتروي و النظر في الأمور قبل اتخاذ القرار ، و هي دعوة كذلك لمساءلة أفكارنا وتمحيصها باستمرار وتعريضها للنقد فالنقد هو حياة الفكر وبممارسة النقد نستطيع أن نحيا حياة مطمئنة لا تتلاعب بها عواصف الرياح كما تتلاعب بقطيع في ربيضة.







إرسال تعليق

0 تعليقات