ليبرمان
و الكريملين
ظل أفيغدور ليبرمان، إلى أن أسس في عام 1999 حزب
"إسرائيل بيتنا"، وهو حزب خاص بالمتحدثين باللغة الروسية، معروفاً بأنه
أحد موظفي حزب الليكود، وكان بمرتبة مدير عام فيه، ثم أصبح مدير مكتب رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو.
يمتاز حارس الملاهي الليلية (سابقا)ً، بنبرة صوته
الحادة، ولكنته الروسية الواضحة، وبأنه لايفوت فرصة في ازدراء محاوريه وتهديدهم،
قبل الشروع في التعامل معهم.
قام الأوزبكي مايكل شيريني، المقرب من بوريس يلتسين
في عام 2003 بتمويل
مؤتمر غريب من نوعه في فندق الملك داود في القدس. كان
يتمحور المؤتمر حول توحيد السياسيين الإسرائيليين الناطقين بالروسية، بمن فيهم
ليبرمان، مع أتباع الفيلسوف ليو شتراوس وحلفائهم من "الصهاينة
المسيحيين" في الولايات المتحدة.
كان واضحاً أنه كان يحظى بدعم إدارة بوش الابن، حيث
شارك كل اليمين الإسرائيلي، وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو، في تلك التظاهرة.
تلك كانت مناسبة ذهبية ليحصل ليبرمان على مكانته في
البلاد.
لقد طور هذا المؤتمر اعتقادًا، سرعان ما راح يفرض
نفسه منذ ذلك الحين في بعض الأوساط: السياسة الدينية. ومعه أيضاً برز مفهوم السلام
ممكن في العالم، وفقط إذا تحقق أولاً في إسرائيل. وسوف تمنع حكومة عالمية
يكون مقرها في القدس، نشوب أي حرب جديدة.
صارت أفكار ليربرمان معروفة للجميع. وهي لم تتغير قيد
أنملة.
وفقا له، ينبغي على المرء أن يعرف إلى من يدين
بالولاء. وفي اعتقاده، ينقسم الفلسطينيون بين قوميين فلسطينيين وقوميين إسلاميين
(وجميعهم لا يناضلون من أجل دولة فلسطينية، بل من أجل رفعة الأمة). يجدون صعوبة
بالغة في العيش مع بعضهم البعض، ولذا فهم أقل استعدادا للعيش مع الأوروبيين اليهود
( بافتراض أن روسيا دولة أوروبية). وبالتالي فهم يشكلون شعبين مختلفين، حسب
ليبرمان.
وباسم الواقعية، يعارض ليبرمان كلاً من خطة الأمم
المتحدة في حل الدولتين، وكذلك مخطط "إسرائيل الكبرى". ويعتقد جازما أنه
من المستحيل الاستمرار بترك "عرب 48 الذين يعارضون حق إسرائيل في الوجود،
بالاحتفاظ بالجنسية الإسرائيلية.
وغالباً ما كان ينظر إلى ليبرمان على أنه عنصري بسبب
أسلوبه العدواني في التعبير عن نفسه.
بيد انه في الواقع، اسند مناصب مهمة للعديد من مواطنيه
الدروز والإثيوبيين أو حتى البدو. مما يعني ببساطة أن المواطنة تعني الولاء للصهيونية.
لذا فإن السؤال ليس ما إذا كان ليبرمان يمينياً أم
لا، أو ما هو مستقبله الشخصي، بل ما هي القوى التي دفعته لكسر تحالفه القائم منذ
التسعينيات مع نتنياهو، كما تحالفه منذ عام 2003 مع المتدينين.
يبدو لنا أن كل ما يحدث الآن يأتي في سياق "صفقة
القرن" التي تم الإعلان عنها مراراً، ولكن من دون الكشف عن محتواها، على
الرغم من أنها قيد التنفيذ على الأرض..
يخطط مشروع (كوشنر- ترامب) لحل النزاع الإسرائيلي-
الفلسطيني من خلال تطوير الفلسطينيين اقتصادياً، مع الأخذ بعين الاعتبار هزائمهم
العسكرية المتعاقبة.
وقد أعلنت موسكو صراحة أن الطريقة المتعمدة في تجاهل
القانون الدولي "غير مقبولة" بتاتاً.
لهذا سعت روسيا منذ مؤتمر جنيف المنعقد في حزيران
2012 للحصول على موطئ قدم في الشرق الأوسط والحصول على سلطة مشتركة مع الولايات
المتحدة، على إسرائيل.
وبكلمة أخيرة، فإن ليبرمان أقرب ثقافياً للكرملين من
شركائه في البيت الأبيض والبنتاغون.
يفرض أفيغدور ليبرمان، منذ سبعة شهور وربما لخمسة
شهور قادمة، إملاءاته على الطبقة الحاكمة الإسرائيلية.
وفي الوقت الذي تنظر إليه وسائل الإعلام الدولية
كعنصري، ترى فيه موسكو ورقة رابحة في يدها.
0 تعليقات