آخر الأخبار

عبد الله بن سبأ1/1



عبد الله بن سبأ1/1



محمود جابر

 هو ذلك الذي استندوا إلى دورا كبيرا منذ الفتنة الكبرى في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، من تحريك الناس وسيطرته عليهم وهو دور لم يستطع الاطلاع به لا كبر الصحابة ولا شيوخهم ، ونسب إليه البعض انه جعل عليا بن أبي طالب في مرتبة “إله”، وبعض آخر يقول إنها قصة متقنة الحبك وإن دوره ضُخّم كثيرا… فمن يكون عبد الله بن سبأ هذا؟

لربما يكون من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي؛ ذلك أن البعض يعزو إليه إثارة الفتنة الكبرى في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وآخرون يقولون إنه جعل عليا بن أبي طالب في مرتبة “إله”، وبعض آخر يقول إنها قصة متقنة الحبك وإن دوره ضُخّم كثيرا.

مكمن إثارته للجدل أساسا، أن آخرين ينكرون وجوده أصلا، بالأخص كان فى مقدمتهم الدكتور طه حسين ثم جاء بعده العديد من الباحثين – خاصة الشيعة . وبينما ينسب إليه البعض دعوته، أول مرة، إلى الانقلاب على عثمان وولاية علي، يقول الشيعة إن قصة هذا الرجل مجرد اختراع من قبل علماء ومؤرخي “السلطة”، كمؤامرة هدفها تبرير ما حدث وتحميل الفتنة لطرف مجهول .
الباحث في سيرته ينتبه دون صعوبة إلى الغموض الذي يكتنف شخصيته. حتى إنك بعد قراءة كتب عدة تروي قصته، لن تعرف نسبه ولا أهله ولا أي معلومة عن نشأته، سوى أنه يهودي عرف بابن السوداء، وظهر بين المسلمين في عهد عثمان بغرض زعزعة استقرار دولتهم آنذاك، بإيعاز من الروم، وهذا نفسه، كما سبق القول، محط خلاف كبير.

في هذا الملف، سنخوض في بعض من سيرة عبد الله ابن سبأ، الرجل المثير للجدل، وسنعرض آراء كثيرة عنه لبيان دوره في محطة “حساسة” من التاريخ الإسلامي -على فرض أن له دورا-!

نسب غامض ومختلف عليه!
المعلومات التاريخية الواردة في نسب ابن سبأ من والده، ضئيلة، بل إنها غير متجانسة.

ثم إن أباه لا يُعرف عنه شيئا لا في المنشأ ولا في الممات.

 أما أمه، فكانت حبشية، ولذلك لقب بـ”ابن السوداء”. أكثر من ذلك، لا معلومات البتة عن فتوته ونشأته؛ أي فترة ما قبل ظهور وانتشار اسمه.


عبد الله بن سبأ، كما تدل كنيته على ذلك، ينسب إلى “سبأ”. وقد ورد ذكر هذه المنطقة في القرآن: “لقد كان لسبأ في مسكنهم آية[1]“، وهي في الغالب مجموعة من القبائل التي استقرت في اليمن حوالي سنة 800 قبل الميلاد.

لكن بعض المصادر التاريخية الأخرى تنسبه إلى قبيلة حمير، وأخرى إلى قبيلة همدان، وهناك أيضا من يقول إنه من الحيرة، وآخرون يقولون إنه رومي.

 أيّا كان القول، جل المصادر تكاد تجمع على أن عبد الله بن سبأ، يمنيٌّ. وقد جاء في تاريخ الطبري: “كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء”.


يروى أن ابن سبأ كان يخفي أصله “عمدا”، إذ سأله والي البصرة في عهد عثمان بن عفان عمن يكون، فأجابه بأنه رجل من أهل الكتاب يرغب في الإسلام وفي جواره، دون أن يصرح له باسمه.
وللإجابة عن السؤال الأول: من هو عبد الله بن سبأ ؟
نقول: عبد الله بن سبأ أو عبد الله بن السوداء أوهما رجلان كل منهما غير الأخر واليك بعض من الروايات التي جاءت فيه وهى:-
محمد فريد وجدي:عبد الله بن سبأ يهودياَ من الحيرة أظهر الإسلام
أحمد عطية الله: عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء وأظهر إسلامه في خلافة عثمان.
محمد أبو زهرة:عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء أمه سوداء أسلم أيام عثمان، وفى موضع أخر:-عبد الله بن سبا كان يهودياَ من أهل الحيرة أظهر الإسلام.
أحمد أمين: عبد الله بن سبأ وكان من يهود اليمن فأسلم وهو بن السوداء.
حسن إبراهيم حسن:رجل من أهل صنعاء عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم.
المقريزى: عبد الله بن سبأ قام زمان الإمام على وأحدث القول بوصية رسول الله لعلى وهو ابن السوداء ؟
ابن حزم : عبد الله بن سبأ الحميرى قال لعلى أنت الله فاستعظم على الأمر منهم وأمر بنار فأججت وأحرقهم.
عبد القاهر البغدادي : عبد الله بن سبأ الذي غلا في على.وذكر قول الشعبي إن عبد الله بن السوداء من أهل الحيرة كان يعين السبئية إلى قولهم وابن السوداء كان على هوى دين اليهود، فانتسب إلى الرافضة السبئية حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر ودَلسّ ضلالته في تأويلاته.
الذهبي :عبد الله بن سبحرقه.لاة الزنادقة.ضال مضل احسب أن علياً حرقه.
الطبري:كان عبد الله بن سبأ يهودياً من صنعاء أمه سوداء.

أما دينه، فكان يهوديا. وبالرغم من أن بعض المستشرقين قالوا إن الاحتمال الغالب أن ابن سبأ ليس كذلك، إذ أن انتسابه إلى قبيلة عربية يمنع من أن يكون يهوديا، إلا أن عبد الرحمن بدوي[2]، يؤكد أن هذا الاستنتاج لا مبرر له.
دليله في ذلك، أنه ليس هناك من تناقض بين أن يكون المرء يهوديا وأن يكون من قبيلة عربية، ثم إن الاتجاه الغالب في يهود اليمن أن أغلبيتهم كانوا ذوي أصل عربي.

هل ظهر بين المسلمين لمآرب مخفية؟
أسلم ابن سبأ في عهد عثمان بن عفان، ونسبة إلى تاريخ الطبري، فإنه أخذ ينتقل في البلاد المسلمة من قطر لآخر، “محاولا ضلالتهم”، فابتدأ بالحجاز ثم البصرة فالكوفة، ثم الشام، فلم يقدر على شيء فيها- الشام الى اعتدى أهلها على آل البيت، حتى أتى مصر واستقر بها وقيل إنه افتتن بعض أهلها – لانه كانت قربة من الإمام على .


نفس القول يرد عند ابن كثير[3]، إذ يروي أن ابن سبأ كان سبب تألب الأحزاب على عثمان. ويرد أيضا عند ابن عساكر[4]، الذي يؤكد أن ابن سبأ ظهر بين المسلمين في عهد عثمان لـ”يلفتهم عن طاعة الأئمة”، لكن دون تحديد سنة معينة لهذا الظهور.

ويقول ابن كثير إن ظهور ابن سبأ من أسباب تألب الأحزاب على عثمان، إذ “اخترع” كلاما يقول مما قال فيه: “… محمد خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء”، ثم يتم “محرضا”: فهو أحق بالأمر من عثمان، وعثمان معتد في ولايته ما ليس له”.
وإذا كان الناس قد أنكروا عليه، وفق ابن كثير، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن بشرا كثيرا من أهل مصر، كان قد افتتن به.


“تأليهه” لعلي بن أبي طالب!
يشير صلاح الدين الصفدي[5] في تعريفه لابن سبأ، إلى أنه قال لعلي بن أبي طالب: “أنت الإله”، فنفاه الأخير إلى المدائن، وحين قتل، زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءا إلهيا، وأن “ابن ملجم”، وهو قاتل علي، إنما قتل شيطانا تصور بصورته، وأن عليا في السحاب، الرعد صوته والبرق صورته، وأنه سينزل يوما ما إلى الأرض ليملأها عدلا “.


أما عبد القاهر الجرجاني[6]، فيزعم أن أصحاب عبد الله بن سبأ إذ يسمعون الرعد، يقولون: “عليك السلام يا أمير المؤمنين”.

ويذكر أبو حاتم الرازي[7] أن عبد الله بن سبأ ومن قال بقوله من السبئية[8] كانوا يزعمون أن عليا هو الإله، وأنه يحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته”.
ويشير المستشرق يوليوس فلهاوزن[9]، إلى أن ابن سبأ ابتدع ما يسمى بعقيدة ناسخ الأرواح التي أصبحت بعد ذلك ضمن عقيدة السبئية، وذكر أن هؤلاء يؤمنون بأن: “روح الله التي تسري في الأنبياء تنتقل بعد موت كل نبي إلى النبي الذي بعده، وأن روح محمد خاصة انتقلت إلى علي، وهي باقية في سلالته”.
بالمقابل، يرى عبد الرحمن بدوي أن عبد الله بن سبأ والسبئية لم يقولوا بألوهية علي بن أبي طالب، حيث لم يرد شيء من ذلك عند الطبري والقمي وأبي الحسن الأشعري، أما ورود ذلك عند الآخرين فاعتبره “تزيدا” من عندهم.


وإذا كان هناك اختلاف واضح في ذكر الكتب الأولى لسيرة ابن سبأ، فإنها تكاد تجمع على أنها شخصية ظهرت في المسلمين لتلفتهم عن دينهم، فاجتمع إليها مجموعة من الناس، أطلق عليها الطائفة السبائية.
ينسب البعض الدعوة إلى التشيع لعبد الله بن سبأ مع أنه ثمة تضارب كبير في أمر وجوده…

وذاك ما سنتابعه فى الحلقات القادمة


الحلقة الثانية : عبد الله بن سبأ2/2




إرسال تعليق

0 تعليقات