آخر الأخبار

بغداد والهوية الحضارية

بغداد والهوية الحضارية



ستار النعماني

يصعب في بعض الأحيان الوقوف على تعريف محدد وواضح المعالم للهوية كما أن تعدد الانتماءات قد شكل نوع من التهديد على الانتماء الحضاري والجغرافي.
وقد بدأ البعض بالترويج لثقافة تلاشي هويات مدن مثل بغداد والقاهرة وبيروت وصناعة هويات مدن أخرى بالاعتماد على حجم الاستثمارات والمشاريع في هذه المدن وقد تناسوا أن هوية المدن انتماء تعززه الفطرة والعاطفة والعقيدة لا كما يصوره البعض بان المال هو من يصنع الهوية وان صنعها فهي مؤقتة لا تستطيع مواجهة التاريخ .
بغداد هذه المدينة التي تميزت عن غيرها بأنها تمتلك هوية ذات جوانب متعددة فطرازها العمراني هوية ومناخها الاجتماعي هوية وتراثها الثقافي والفكري هوية.
رائحة الثقافة في بغداد تختلف عن رائحة الثقافة في باريس فما بين ثقافة بغداد وباريس آلاف السنين من الحضارة وتراث بغداد ليس مثل تراث روما فتراث بغداد يختزل في ذاكرته قصة حضارة والحق يقال لم تكن هناك حضارة في العالم استطاعت أن تضاهي حضارة وادي الرافدين.
بغداد مدينة ضربت جذورها أعماق التاريخ تعاني اليوم من مشكلة غياب للهوية الاجتماعية فكما هو معروف ان لكل مدينة خصائصها الثقافية والاجتماعية والتي تنعكس على سكانها حيث ترسم لهم هذه الخصائص أطار معين للسلوك وتوفير البيئة الملائمة مع طبيعة المكان .
لكن لماذا باتت المدن تفقد هويتها بالتدريج وخصوصا المدن العريقة وما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك هل المشكلة بالأشخاص الذين بدءوا يفقدون الثقة بالوطن أم الإفراط بالانفتاح والذي ساهم بانسلاخ بعض الأفراد عن تراثهم أم طبيعة الصراع السياسي الموجود هو من وفر مناخ اجتماعي بعيد عن تاريخ وثقافة المجتمع .
أن التاريخ والأرض مقترنة بشكل أو بأخر بجانب مهم هو الثقافة هذه الثقافة هي الأخرى أصبحت تحت طائلة تهديد الثقافات الأخرى التي بدأت بالانتشار مدعومة بأحدث وسائل الترويج .
بغداد التي بدأت هويتها بالتحول تدريجيا وبدأت العاصمة تفقد تراثها شيئا فشيئا والتراث يعتبر من أهم مقومات الهوية الحضارية .
بغداد ذات الطابع الإسلامي ثقافيا وعمرانيا وفكريا تتعرض لحملة تذويب تاريخها ولا يخفى أن النظام السابق هو من بدا هذه الحملة من خلال طمس معالم بعض المدن ذات الطابع الإسلامي . ولا زالت هذه السياسة مستمرة لكن بعناوين مختلفة .
إضافة إلى غلبة انتماء القبيلة والعقيدة السياسية والعرق على الانتماء الحضاري قد ساهم أيضا بغياب هوية المدينة ولا زال هناك من يحاول التعتيم على رصيد بغداد الفكري والثقافي متجاهلين عن عمد الأبعاد التاريخية والفكرية والجغرافية التي توفرت من اجل أن تنشأ المدينة وان هذه العوامل قد لا تتوفر لمدن أخرى يحاولون جعلها مركز للفكر والثقافة متحدين بذلك التاريخ .




إرسال تعليق

0 تعليقات