آخر الأخبار

الحلقة الأولى طبيعة الكيان الصهيوني ووظيفته






الحلقة الأولى
طبيعة الكيان الصهيوني ووظيفته







صالح عوض عوض

الحديث هنا ليس سردا لتطور المشروع الصهيوني وليس تقصيا لأطراف المؤامرة التي تمت ضد الشعب الفلسطيني... إنما هي عملية تدبر للكيان الصهيوني في طبيعته ووظيفته.. وهنا نؤكد على قيمة التفكير والتدبر في هذا التحدي الماثل أمامنا.. فلقد غاب عن الكثيرين منهج التفكير العلمي في فهم طبيعة العدو ووظيفته وحقيقة علاقته بالمشاريع الدولية..فكانت الإجابات مهزوزة مترددة أو في غير مكانها الأمر الذي أصابنا بالإعياء والتعب دونما منجزات بحجم تضحياتنا.

إن عملية التفكير يجب أن تتحرر بداية من كل ما يحيط بالفكرة (معالجة القضية الفلسطينية) من أية مشاعر وعواطف وأوهام وإجابات مسبقة ذلك لأننا إزاء قضية حياة أو موت تخص شعبا بكامله وأمة بكاملها بل والاستقرار والسلم الدوليين والضمير الإنساني..بمعنى أكثر مباشرة هل يمكن إيقاف هذه الانهيارات والهزائم التي تتلاحق في ساحتنا العربية والفلسطينية ؟

إننا ملزمون بالتوقف عن السير في المسارات السابقة التي تعاملت مع الموضوع الفلسطيني لنسأل عدة أسئلة :
 إلي أين تتجه بنا هذه المسارات؟ ثم هل هناك مرتكزات حقيقية للسير في تلك المسارب؟على ماذا استند العقل والفعل العربي وهو يواجه التحدي الصهيوني؟
وهنا بعد هذه الأسئلة نصبح أكثر حاجة وإحساسا بضرورة إعادة قراءة المشروع الصهيوني كتحدي لنا في حاضرنا ومستقبلنا وذلك لاعتقادنا أن أفعالنا في السابق انتابتها العفوية والردود الانفعالية متولدة من ثقافتنا البيئية وعدم الإدراك أكثر من كونها ردودا في مستوى التحدي وعلى طبيعته.. إننا نعتقد أن القراءة الخاطئة لخريطة تساند القوى المعادية وأهدافها وعدم إدراك نقطة ضعفها هو السبب الرئيس في انتهاجنا سبيلا عوجا لم يحقق لنا انجازات ومكاسب بل أوصلنا إلى الخطيئة الكبرى ممثلة بالإقرار بشرعية وجود إسرائيل..


طبيعة الكيان الصهيوني و وظيفته:

منذ البداية يجب أن نؤكد على أن الكيان الصهيوني حالة عدوانية ضد الأمة من جملة التحديات الاستعمارية العدوانية ضد أمتنا، رغم كونه حلقة إستراتيجية كبيرة في العدوان على امتنا ، ويصبح من العبث فصل هذا التحدي الخطير عن مجموعة التحديات الأخرى ، فعندما تداول الاستعماريون الغربيون الفكرة الصهيونية وجدوا فيها هدفا يحقق لهم عدة أهداف إستراتيجية ضرورية تكفل لهم تحطيم احتمال نهوض العرب والمسلمين .. فبالإضافة إلى إيجاد قاعدة ارتكاز أمنية إستراتيجية في القلب من الوطن العربي لاستنزاف المنطقة .. كانت دولة إسرائيل العنصرية السم الذي سرى في المنطقة كلها حيث انتشرت بفعل وجودها حالات التطرف والتفسخ الاجتماعي في مجتمعاتنا في المشرق العربي كما كانت التجزئة بالحدود والطوائف أهم مرافقات المشروع الصهيوني في المنطقة.

لقد أغرقت المنطقة بعنصريات وعصبيات وتحزبات تشغلها عن مواجهة جوهر التحدي الحضاري مع الغرب..واندلعت الحروب التي لا طائل منها بين مكونات الأمة الثقافية والقومية وذلك كله على أرضية التفسيخ الذي طال الأمة متزامنا ومتفاعلا مع نمو المشروع الصهيوني على أرض فلسطين.
كان واضحا لدى صناع المشروع الصهيوني منذ البداية ضرورة أن يكون هذا المشروع عنصريا لكي يؤدي كل تلك الوظائف الشريرة.. ولقد استفاد دهاقنة الغرب من الجو الدعائي الضخم الذي راج على إثر المجازر التي طالت اليهود في ألمانيا لتسريع إنجاز المشروع الصهيوني رغم أنه قد بدأ بالفعل قبل الحرب العالمية الأولى ولم تكن هناك مجازر لليهود مما يدلل على أن التوجه لإقامة المشروع العنصري الصهيوني لم يقم على خلفية ما لحق باليهود إنما من أجل أهداف إستراتيجية تاريخية للقوى الاستعمارية في منطقتنا..وضمن رؤية استعمارية أخذت بعين الاعتبار فشل مشروع مملكة بيت المقدس الصليبية في فلسطين .. ومنذ الغرس الشيطاني الأول للمشروع الصهيوني كان واضحا أن خطامه بيد الغربيين في مركز الفعل بأوروبا ثم هاهو ينتقل إلى مركز الفعل الاستعماري الغربي في أمريكا.


لقد تمثل أحد وجهي المشروع الصهيوني في الجريمة المرتكبة في حق اليهود الذين مورست عليهم عمليات غسيل مخ وتضليل ضخمة من قبل الصهيونيين والاستعماريين لإغوائهم بالنزوح إلى فلسطين وتيسير ذلك لهم تحت شعارات أثبتت وقائع الحياة كذبها وفسادها وكارثيتها على الجميع.. كما تمثل الوجه الآخر للمشروع الصهيوني في تدمير مجتمع عربي متناسق ( المجتمع الفلسطيني) بكل مكوناته وتنوعه الديني والثقافي وتفكيك أواصره بالعنف والبطش .


لقد ولد الكيان الصهيوني بناء على قرار دولي استعماري وتشترك كل الدول الكبرى صانعة القرار في الدفاع عن وجود الكيان الصهيوني وتقدم له ضمانات الاستمرار لكنها تختلف حول وظيفته..فالاتحاد السوفيتي وبعد روسيا تلتزم بوجود الكيان الصهيوني كما هو الموقف الأوربي والأمريكي لكنها تختلف في تحديد الوظيفة
كما كانت وظيفة المشروع الصهيوني إرباك المنطقة واختراقها لتفسيخها وصنع عراقيل حقيقية أمام انسجامها وتجانسها واستنزاف ثرواتها وإلغاء احتمالات نهوضها ووحدتها والإسهام بشكل رئيس في التحضير لجولات قادمة لاحتلالات استعمارية تستهدف ثروات الأمة والقضاء على طموحها وإدخالها في دوامات العنف والفوضى.







إرسال تعليق

0 تعليقات