شيوخ تقاوم وشيوخ تساوم..
سامح جمال
بعد سقوط القاهرة فى يد
نابليون بعد انسحاب القوات المدافعة وعبر الفرنسيين النيل العاصمة المهزومة،فانتشر
فى أرجائها اﻻضطراب
والذعر،وفر الكثيرون فى مختلف اﻻنحاء،وساد السلب والنهب ..فى
مشهد نقلته الفضائيات بعد ثلاثة قرون فى أثناء سقوط بغداد واختفاء القيادات واﻻمراء
والشيوخ،صبيحة 9 ابريل 2003وفى مشاهد مصغرة لسقوط أنظمة الربيع العربى ..واستباحة
الحزب الوطني وقصور القذافى وبن على..و
بدأت الملحمة وليس هناك من هو
اقدر بمؤرخنا العبقرى "الجبرتى"وهو يصفها بكلمانه الرائعة "كانت
هذه السنة أولى سنى الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة ،والوقائع النازلة والنوازل
الهائلة وتضاعف الشرور وترادف اﻻمور،وتوالى المحن واختلال
الزمن، وانعكاس المطبوع وانقلاب الموضوع ،وتتابع اﻻهوال
واختلاف اﻻحوال،وفساد
التدبير وحصول التدمير،وعموم الخراب وتواتر اﻻسباب
،(وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)"..
وفى الخامس والعشرين من يوليو
استقر نابليون فى منزل اﻻلفى بك باﻻزبكية
وبالرغم من انتصاره فى اﻻسكندرية وشبراخيت واﻻهرام
فانه كان يشعر ان انتصاره غير حاسم ،وادرك نابليون ان عليه ان يحتوى المسلمين
ويوقف مقاومتهم وأفكارهم الدينية واﻻ ارتبكت قواته وضاعت
انتصارها..وحسب رايه كان الجيش الفرنسى اضعف من يخوض حربا دينية.واختار حيلة اﻻقناع
وكسب ود الشيوخ والعلماء واﻻشراف،من اجل ان يحصل منهم على
تفسير ﻻيات
القرآن تخدم مصلحة جيشه وأهدافه اﻻستعمارية..
ويقول الجبرتى مؤرخ مفترق
الطرق :
"طلب سارى عسكر بونابرته
المشايخ فلما استقروا عنده نهض من المجلس ورجع وبيده طيلسنات ملونة بثلاثة الوان
(ابيض واحمر وكحلى)(علم فرنسا )..فوضع منها واحدة على كتف الشيخ الشرقاوى فرمى به
على اﻻرض
واستعفى وتغير مزاجه وانتقع لونه ،واحتد طبعه .وهنا وضع بونابرته يده على غدارته
(مسدسه)ﻻهانة
الشرقاوي للعلم رمز أمته ولكن الترجمان اسر له شيئا..فترك الغدارة..
وقال الترجمان "يا مشايخ
انتم صرتم أحبابا لسارى العسكر ،وهو يقصد تعظيمكم وتشريفكم بزيه وعلامته ،فان
تميزتهم بذلك عظمتكم العساكر والناس ،وصارت لكم منزلة فى قلوبهم "فقالوا له
:لكن قدرنا يضيع عند الله وعند إخواننا من المسلمين..
واندهش بونابرته ونقل عنه
الترجمان أن الشيخ الشرقاوى ﻻيصلح للرياسة ..فلاطفه بقية
الشيوخ فقال لهم نابليون : أن لم يكن ذلك فلابد ان تضعوا "الجوكار"فى
صدوركم..(علامة الوردة بالوان العلم الفرنسى)..فقالوا:امهلونا حتى نتروى..واتفقوا
على اثنى عشر يوما..
وبينما هم منصرفون حضر الشيخ
السادات فلما استقر له الجلوس بش له صارىالعسكر.. ولاطفه فى القول ..واهدى له خاتم
من اﻻلماس
وكلفه بالحضور له فى الغد واحضر له "جوكار" أوثقه بفراجته (وضعه فى
عبائته وثبته) ..فسكت الشيخ السادات وسايره فطلب منه بونابرته ان يوضع الوردة
باعتبارها إشارة طاعة ومحبة للفرنسيين ،فوافق الشيخ السادات..
وخرج المنادى يدعو الناس بناء
على أوامر من كبار الشيوخ بوضع شارة الوردة كنوع من اﻻمان
وقبول التعاون مع الفرنسيين ..!!
0 تعليقات