دروس الحياة

دروس الحياة

د. محمد ابراهيم بسيوني

تواضع في أحلامك واحتفظ بها في اكتمالها وعليائها في نفس الوقت. تواضع فلن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا. والدرس المهم الثاني طبيعة الحياة النقصان، فلا تبحث عن اكتمالها، ابحث عن وضع مريح ترضاه لنفسك وتزود من نفسك لنفسك، فالجموح في الطموح خطر علي النفس والروح. ليست بطبيعة هذه الدنيا أن تحقق الأحلام كاملة ولا حتى سلاسة السعي لها. تفهم طبيعة الدنيا الغادرة. لا بأس إن رأيت فرصة سانحة أن تسعى لها حتى لو أدي هذا لضياع الفرصة المكتملة للأبد. الحياة نسبية، جاهد لأقصى نسبة من المتاح ممكنة ووسع قدراتك وإمكانياتك أما المرغوب بتمامه فهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا "وهم". ليست طبيعة هذه الدنيا تحقيق الأحلام كاملة ولا حتى سلاسة السعي لها. تفهم طبيعة الدنيا الغادرة. وعموما لا تحزن.

هي أقدار وربنا قدرها حاول أن تسعد نفسك داخلها، والدنيا عموما كلها فترة عقوبة أصلا، عبث إنك تظن فيها أي ظن آخر. في كل الأحوال لا تحزن ولا تخاف من أحلامك وطموحاتك، وقاتل لأجلها راضيا بالنتائج أيا كانت. أحيانا ستضطر ان تسايس أمورك وتري الممكن في مراحل، طبيعي هذا النضوج أصلا، لكن الرضا بالمتاح أحيانا مفتاح للسعادة، خاصة عند الشخصيات التي بطبيعتها طموحة وجامحة أكثر من اللازم، والتي لا تدرك ما تحت قدميها من سعادة ممكنة. لا تجعل أحدا يحرفك عن طريقك الأصلي ومسعاك الوحيد في الحياة وهو أن تكون سعيدا. صدقني رغم بساطة هذا الكلام إلا إنه بيضل عنه ضلالا بعيد. هدفك الوحيد في الحياة إنك تبحث عن سعادتك وما يرضيك وما تفني نفسك في داخله راضيا مرضيا، غالبية الناس بيغيب عنها هذا الهدف. ولو هدفك فعلا السعادة وبوصلتك توجهها عليها هتوصل لها وهتدفع لها أثمانها وتضحياتها. المهم أن تكون سعادة حقيقية وليست زائفة زائلة، وكل منشأ الإيمان والدين هو البحث عن السعادة أصلا، منه نشأ وإليه يؤوول. أكيد هيفضل أشياء ناقصة في حياتك وفيه حاجات هتفضل ناقصة ولكن هتكملها مع العمر ولا تحزن علي الذي فاتك لن يفرق معك. اتفرج وإنت ساكت وعندما تحتار، انظر للسماء مقلبا وجهك شاكيا ما لا تعلمه إلى من وحده يعلمه، وعموما لا تغضب لو فيه تعزية في الأمر. كلنا نمر بهذه اللحظات بين حين وآخر، نوبات الإحساس بالقصور والعجز الإنساني وإن مكاننا الحقيقي ليس هنا. كلما أردت الحياة ومن الحياة شيئا كلما أهملتك وأدارت لك ظهرها. كلما أدرت لها ظهرك أتتك راكعة خاشعة بأكثر مما طلبت، هذه الدنيا. خلي قلبك معلق بالله هو المانح الرازق الوهاب، وحده سيحررك من غدرها وسيطيب قلبك من آلامها وجراحها ويفك رقبتك من أسرها وقيدها، أسلم له يحررك.

عميد طب المنيا السابق