مطار
سامراء الدولي
هادي جلو مرعي
كانت واحدة من المرات القليلة التي ارتقيت فيها مئذنة
الجامع الكبير في مدينة سامراء التاريخية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وكان
الوقت ربيعا، وشقائق النعمان تتفتح للتو، بينما حولنا أصدقاء من المدينة أذكر منهم
(وليد ووعد إبراهيم وعباس مرهج البونيسان وعماد يوسف وأحمد هاشم) وجهوا لنا دعوة
لزيارة سامراء، وكنا ندرس سويا في كلية المأمون الجامعة، وذهبنا رفقة بعض أساتذة
قسم اللغة العربية، وزرنا حينها مرقدي الإمامين الهمامين علي الهادي والحسن
العسكري، والجامع الكبير المشهور بمأذنته الملوية، وقصري العاشق والمعشوق، وكانت
هناك ملوية أخرى أصغر ويصعب صعود سلمها المبني من الطابوق المفخور لضيق السلم
وخطورة الانزلاق من حوافه.
سامراء في الذاكرة عاصمة للتاريخ، إتخذها بنو العباس
مكانا وموضعا للحكم، وكانت ملائمة لموقعها الجغرافي المميز، ووقوعها على الطريق
بين الحواضر الكبرى، وكانت معسكرا للجيوش، ودارا للحكم، وفيها توجد قصور بني
العباس، كما إن الإمامين العسكريين أضفيا عليها بهجة ورونقا وبهاءا، وصارا من
علامات المدينة التي لاتزول، فالملوية والمرقدان شخوص على مر الزمان لاتبلى.واجهت
سامراء تحديات جسيمة عبر التاريخ والمؤلم أكثر حين تحولت من عاصمة تحكم العالم الى
قضاء يتبع لتكريت، مع إن تكريت لاتقل شأنا عنها، غير إن سامراء مثلت عمقا حضاريا
ودينيا وسياحيا قدم للعراق المزيد من الألق.
بعد العام 2003 ونتيجة لتداعيات مثيرة وصادمة في
الحالة العراقية تعرضت سامراء لضغوط كبيرة من جماعات العنف المسلح التي حاولت
السيطرة عليها لمرات، وكان الحادث الأليم بتفجير المرقدين سببا عميقا في تضاعف
المأساة، ووقوع المدينة تحت وطأة تلك الضغوط التي رافقتها إجراءات أمنية مشددة كان
منها تطويق المدينة القديمة بالحواجز الكونكريتية، بعد تهديدات من تنظيم داعش،
وبرغم كل ذلك لم ينقطع الأمل في بدء عمليات إعمار ممكنة لتطوير المدينة القديمة
لتكون جاذبة للإستثمار أكثر، مع الترويج لمشاريع بنية تحتية في قطاع الكهرباء
والماء والمجاري، فالمدينة يقع أسفلها كم هائل من المياه الجوفية المهددة لوجودها،
وهناك من يتحدث عن وحدات سكنية لمواجهة أزمة السكن المتصاعدة.
ولماذا لايكون لسامراء مطار دولي، فهناك قاعدة
الضلوعية الجوية يمكن أن تستثمر وهي لاتبعد عن سامراء سوى بثلاثين كم بخط مستقيم،
وهو أمر يمكن أن يؤدي الى نهضة عمرانية وسياحية، وتطوير للطرق والجسور والأسواق،
كما إن المطار يبعد بضع كيلومترات عن قضاء بلد الذي يشهد دفقا دينيا متزايدا بوجود
مرقد السيد محمد بن علي الهادي، إضافة الى وجود مواقع أخرى كمنطقة الجزيرة القريبة
من حواف الثرثار، والمهيئة لتكون جاذبة للإستثمار، وهذا كله بحاجة الى إرادة حقيقية
قد يكون الزمن كفيلا بتوفيرها، وجميل أن نمر على الطريق ونقرأ على لوحة ضوئية
عبارة ( مطار سامراء الدولي).
0 تعليقات