وزارة الهلالى تعمل يوما واحدا..
سامح جمال
فى اليوم 22يوليو 1952م.. تم
تسمية نجيب الهلالى رئيسا للوزراء، ولكن وزارة الهلالى لم تعمل الإ يوما واحدا..
ووصيفة القصر الملكى تلازم
فاروق وتعوم معه فى البحر..
دعا الملك فاروق، نجيب الهلالى
لتشكيل وزارة جديدة عقب استقالة وزارة حسين سرى باشا ، وفى السادسة من مساء يوم 21
يوليو 1952 أدى أفراد الحكومة اليمين الدستورية أمام الملك، وحدث ذلك دون أن يعرف
أحد أن هذه الوزارة سيكون عمرها يوم واحد فقط حيث تقع ثورة 23 يوليو. كان يوم 22
يوليو 1952(مثل هذا اليوم )، هو الذى يفصل بين حدث الثورة، وحدث حلف أعضاء الحكومة
لليمين الدستورية أمام الملك، وطبقا لمذكرات"مرتضى المراغي"وزير
الداخلية فى هذه الوزارة، فإن يوم 22 حمل إشارات بالغة القوة تنبئ بأن شيئا خطيرا
سيحدث فى مصر، ولكن لم تنتبه الدوائر الرسمية إليها، ويذكر"المراغي"هذه
الإشارات من موقع أنه كان طرفا فيها ويقول، أنه فى صباح أول يوم عمل بعد تشكيل
الوزارة (الثلاثاء 22 يوليو)، تلقى فى مكتبه بالإسكندرية تليفونا من اللواء أحمد
طلعت حكمدار القاهرة يقول فيه: أن سيدة اتصلت به منذ عشر دقائق وقالت له وهى تبكى
أن عربة نقل من عربات الجيش مرت على بيتها، ونزل منها ضابط متمنطق بمسدس وصعد إلى
المنزل، وطلب نجلها وهمس فى أذنه بشئ، ودخل ابنها الغرفة وارتدى زيه العسكرى على
عجل وتمنطق بالحزام الذى يحمله المسدس، وسألته أمه: لماذا تتمنطق بالحزام والمسدس
وأنت فى عطلة، وإلى أين أنت ذاهب؟، فأجاب: إدعى لى يا أمى. رأت الأم من النافذة،
سيارة نقل فيها عددا من صغار الضباط، وخوفا على ابنها اتصلت باللواء طلعت تستوضح
منه الأمر، ويستكمل "المراغى" شهادته، بأنه فكر على الفور فى منشورات
الضباط الأحرار، وفى التقارير المكدسة بوزارة الداخلية عن نشاط التنظيم، ودب الشك
فى نفسه بأنهم بدأوا التحرك، رغم أن المعلومات المتوفرة تقول أن حركتهم ستتم فى سبتمبر
أو أكتوبر، ويضيف بأن خاطر خطر له وهو احتمال أن يكون الضباط عجلوا بحركتهم بسبب
تعيين إسماعيل شيرين وزيرا للحربية وهو زوج شقيقة الملك. ويتحدث المراغى عن تفاصيل
اتصالاته فور تلقيه مكالمة حكمدار القاهرة، ومنها اتصاله باللواء حسين فريد رئيس
الأركان، والذى أجاب بأن كل شىء هادئ فى عمله ولعل الضباط ذاهبون إلى مشاهدة
مباراة لكرة القدم، فرد مرتضى: "هل يذهبون إلى لمشاهدة مباراة كرة قدم
بالأسلحة؟. شملت اتصالات مرتضى، الاتصال برئيس الوزراء نجيب الهلالى، ووزير
الحربية "إسماعيل شيرين" زوج أخت الملك، والملك فاروق، وفيما كان إسماعيل
شيرين يصطاد السمك فلم يرد، رد الهلالى عليه قائلا: "يعرف شغله الملك، واحنا
نقلق نفسنا علشان إيه يا مرتضى، أنا قرفان واللى يحصل يحصل ". فى الثامنة من
مساء اليوم اتصل حسنين (أمين الملك) بـ"مرتضي"، وقال له: "إن الملك
عاد من البحر ويريد أن يعرف لماذا طلبت التحدث معه، فقال له: "قل للملك إنى
أود مقابلته فورا، فعاد حسنين يسأله: ولماذا تريد مقابلته؟، رد مرتضى: لأنى أخشى
حدوث شئ فى الجيش فى المساء، لهذا أريد مقابلته، فذهب وعاد يقول لمرتضى: هل اتصلت
بوزير الحربية أو الفريق حيدر؟، فرد مرتضى: "مادام الملك لا يريد مقابلتى
فاتصلوا أنتم بمن تريدون الاتصال به ". يذكر مرتضى السبب الذى شغل الملك
فاروق عن الاهتمام بالأمر، قائلا: "علمت بعد ذلك أن وصيفة القصر السيدة نهى
(اسم رمزى أطلقه مرتضى على شخصية حقيقية)لازمت الملك منذ الصباح، وأنها تناولت معه
طعام الغذاء وعامت معه فى البحر، وعلمت بالمكالمة التليفونية التى أجريتها مع
أمينه الخاص، وقالت له: أن وزير الداخلية لن يتركك فى راحة أبدا، إنه يريد أن
يجعلك تصطدم بالجيش بأية وسيلة، اهدأ بالا يا مولاى ولا تهتم لهم أن الجيش موال
لك"، أما إسماعيل شيرين فاتصل فى التاسعة مساء ب"مرتضى "ونقل إليه
تعليق الفريق حيدر قائلا: "بوليس مصر يخالطون كثيرا الحشاشين ولهذا كثيرا ما
يتخيلون خيالات عن انقلابات". وفى اليوم الثانى قامت ثورة 23 يوليو ..!!
0 تعليقات