آخر الأخبار

الهزائم والثورات








الهزائم والثورات


د.أحمد دبيان


الهزائم الكبرى ، وخصوصاً من أنظمة حكم تفتقد أبجدية الانحياز الوطني والمشروع الاجتماعي تنسج معادلة شبه ثابتة للثورات فى التاريخ المصري ،


كان لهزيمة المماليك الفارقة فى الريدانية وسقوط مصر فى براثن الاحتلال العثمانى ، السبب المباشر فى حراكات المصريين والتى توجت بأول مشروع للجمهورية والنظام الجمهورى سبقت حتى الجمهورية الفرنسية وكانت جمهورية شيخ العرب همام ، والتى امتدت من المنيا حتى أسوان ، وضمت مصريين و مماليك فارين من على بك الكبير ونازعته حكمه ولم ينجح فى قمعها الا بالخيانة وكانت أول مشروع فعلى للاستقلال وحكم مصرى لمصر والمصريين ،


كان لهزيمة الحملة المصرية للحبشة فى عهد إسماعيل فى موقعة جوندت ، والتى تم ذبح الحملة بضباطها وجنودها وعودة الضابط (الصاغ) وقتها


أحمد عرابى ونجاته هو وستون من الجنود ، السبب المباشر للثورة ضد حكم الأسرة العلوية والتى توجت بمسيرته فى عابدين وتوليه وكالة الحربية ثم وزارتها لاحقاً ،


و كان لبطئه فى عزل الخديوي وتولى الحكم بنفسه واستكمال المشروع الاجتماعي السبب المباشر فى تأخير المشروع الوطنى المصرى وتم قمعه وقمع ثورته على غرار كومونة باريس ، بعد ان امتدت ثورته جماهيرياً واستولى الفلاحون على أراضى الإقطاع وتم توزيعها على المهمشين ، وخصوصا بعد انضمام الإقطاعيين للخديوي والانجليز واستعانتهم بالمحتل الانجليزي لقمع الثورة الوطنية ،


كان لهزيمة فلسطين والنكبة فى ١٩٤٨ وتجارة الأسلحة الفاسدة والتى تم طمس أدلتها وتجارة الملك الفاسد وحاشيته بمصر والمصريين السبب المباشر لثورة ١٩٥٢ .


المشروع الاجتماعي الوطنى واستمرارية النضال والذى انحازت له ثورة يوليو وزعيمها جمال عبد الناصر هو ما ضمن استمراريتها وتأييد الجماهير لرمزها رغم خسارة جولة فى مسيرة النضال و رغم انقضاض الثورة المضادة على منجزاتها بعد وفاة زعيمها،
وقد كان لعدم استكمال مؤسساتها المدنية والتى كان الزعيم يحاول جاهداً تأطيرها وترسيخها ميدانياً هو العامل الأكبر فى تقويض مشروعها .....


واخيراً كان للهزيمة الحضارية الكبرى التى منيت بها مصر واضاعت بها زخم انتصارها العسكرى فى نوفمبر ١٩٧٣ وهويتها كحضارة نهر ، حين اختار نظامها الحاكم ان يلقى بسلة اوراقه فى يد الرعاة ، رعاة البقر وغيرهم ، والتى أصبحت بمقتضاها مصر قوة خاضعة متقزمة تحيا بسيكولوجية الريع والنفط وتخلت بمقتضاها عن ديناميكية التأسيس وزخمه الانتاجى ، الفضل فى حراكات ١٩٧٧ و٢٠١١ والتى لم تستطع تأطير التغيير السياسى والاجتماعى ، فظلت تحكم بأدوات الجمهورية الثانية .


ولا زال القوس مفتوحا الى حين ، يرتقب .



إرسال تعليق

0 تعليقات