آخر الأخبار

تأملات فيما كان ليحدث لو حدث وفى ذكرى ثورة يوليو





تأملات فيما كان ليحدث لو حدث
وفى ذكرى ثورة يوليو

بقلم د.أحمد دبيان

هبطت الحوامة التي أتت من الفراغ بأضوائها الليزرية التي تنبعث من الجوانب ومن القاع بكوابحها الهوائية ، فى ذلك الحى العريق يوم ١٥ يناير ١٩١٨ وتوقفت عند منزل رقم ١٢ ش قنواتى باكوس الإسكندرية ،فيما كان يسمى وقتها بالسلطنة المصرية تحت الحماية البريطانية .
تسلل من جنباتها المعلقة فى الفراغ اربعة مدجحين بالمدافع الرشاشة والمسدسات الليزرية .
كان الأربعة عناصرا من فرقة عالية السرية عالية التدريب ، تتبع قسم السفر عبر الزمن والتى انبثقت كفكرة طرحها احد ضباط جهاز المخابرات المركزية الأمريكية للقيام بعمليات جراحية اجهاضية للتخلص من كل من لم يتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية أو عطل مشروعات تمددها فى حقب زمنية مختلفه .
اقتحم الرجال المكان ، أشهروا فوهات مسدساتهم على الموجودين بالمنزل ، واقتحموا غرفة الوليد الجديد ، ورحلوا بعد ان تركوا المكان بلا نفس يتردد .
مرت السنين بخطواتها المتثاقلة ، ماطلت انجلترا فى منح مصر استقلالها وهى التى جندت وبالسخرة أكثر من اثنين مليون عامل للعمل على جبهات قتالها الممتدة فى الشام وأوروبا ولقى منهم اكثر من نصف مليون علما ومجند مصرعهم على جبهات القتال المفتوحة ، حينها حاول الشعب عن طريق طلائعه البورجوازية والتى كانت تؤمن بالحلول السلمية والتفاهم مع الانجليز كقوة لا تقهر ، التفاهم مع المعتمد البريطانى والذى رفض مطالبهم او منحهم إذن السفر للذهاب لمؤتمر الصلح فى باريس ،
كان هناك إبطالا فى الظل يؤمنون بالحل الذى تفهمه بريطانيا وحتمية المواجهة العسكرية ،
كان السيد عبد الرحمن بك فهمى القائد الفعلى الميدانى لثورة ١٩١٩ يؤمن بحتمية الحل الراديكالى للحصول على الاستقلال وسرعان ما تفجرت ثورة ١٩١٩ وفى خضم المواحهة والعنف الذى جعل جنود بريطانيا العظمى غير امنين فى شوارع المحروسة ارتأت انجلترا التفاهم مع القوى المعتدلة برأيها فكان السماح لسعد زغلول ورفاقه بالذهاب الى مؤتمر الصلح فى باريس والذى جوبه بمماطلات القوى الكبرى وسرعان ما قال كلمته الشهيرة مفيش فايدة .
تكللت ثورة الشعب الكبرى بإصدار تصريح ٢٢ فبراير بإلغاء الحماية وإصدار دستور ١٩٢٣ واكتساح حزب الوفد المستفيد ببورجوازيته وكبار الملاك من ثورة الشعب الكبرى ،للانتخابات والذى سرعان ما أطيح به وبرئيسه بعد حادثة اغتيال السردار السير لى ستاك الحاكم البريطانى والفعلى للسودان وتم طرد وحدات الجيش المصرى الرمزية من السودان .
أعلنت الملكية عام ١٩٢٢ وفى عام ١٩٢٥ وفى عهد السلطان فؤاد والذى صار ملكا وفى عهد وزارة أحمد زيور تم التنازل عن واحة الجغبوب باوامر انجليزية لايطاليا لتصير ضمن حدود ليبيا كنوع من التسويات لتهدئة الجشع الايطالي وتقسيم الكعكة الأفريقية الكبرى .
جاء عام ١٩٣٠ وتم الاجهاض التام لثورة ١٩١٩ وجاءت حكومة إسماعيل صدقى وتم إصدار دستور ١٩٣٠ والذى يمنح صلاحيات كبرى للملك ،
عاد العمل بدستور ١٩٢٣ بعد مظاهرات كبرى عام ١٩٣٥ وعاد حزب الوفد والذى صار يمثل مصالح كبار رجال المال والإقطاعيين للحكم ووقع عام ١٩٣٦ معاهدة أخرى مع بريطانيا اعترافا منه باستقلال ١٩٢٢ المنقوص و انسحبت بريطانيا الى مدن القناة بشرط العودة الى المدن حال قيام حرب عالمية كبرى ،


قام طلعت حرب باشا والذى كان احد المشاركين فى ثورة ١٩١٩ بتأسيس بنك مصر بمشاركة المساهمين وبرأس مال قدره ثمانون الف جنيها مصريا وحاول إقامة مشروعات صناعية وطنية مصرية كما قام بتأسيس ستوديو مصر ولكنه وتحت ضغط ازمات مالية وتآمر أعضاء مجلس إدارة من اليهود وبمؤامرات من بنك باركليز الانجليزي اضطر عام ١٩٤٠ لبيع أصوله و الاستقالة وتم إجهاض أهم مشروع لقيام رأسمالية وطنية حقيقية .

قام الانجلو ايجيبشيان بنك
The Anglo Egyptian Bank


والذى تم تأسيسه بالإسكندرية عام ١٨٦٤ إبان الأزمة المالية جراء الديون الباهظة والتى اغرق بها الخديوى إسماعيل البلاد بإقراض العديد من الدول الأوروبية بل والأفريقية وقام بتحويل أرصدة مصر الذهبية الى انجلترا وأكمل مهمته بنك باركليز الانحليزى بعد دمجه فيه عام ١٩٤٢.

جاءت الأربعينيات و الحرب العالمية فى أوجها ، وكانت بريطانيا قد احتسبت لذلك وغيوم الحرب تلوح بعد صعود الحزب القومى الاجتماعي فى ألمانيا لسدة الحكم بانتخابات ديمقراطية نزيهة ، فقامت بتوسيع قواعد القبول فى الكلية الحربية ليتم قبول عناصر من الطبقة المتوسطة لحماية المنشآت البريطانية فى الدلتا والقناة لتتفرغ هى بقواتها لجبهات القتال المحتملة .
.جاء يوم ٤ فبراير عام ١٩٤٢ وحين ماطل الملك فاروق فى تكليف مصطفى النحاس باشا بتشكيل وزارة ائتلافية على رأسها الوفد لتهدئة الجبهة الداخلية والحرب على أشدها والألمان على مشارف الإسكندرية ، بأوامر من السير مايلز لامبسون

( اللورد كليرن )

فقامت الدبابات الانجليزية بحصار قصر عابدين وتهديد فاروق بالعزل والذى سرعان ما أهان نفسه ومنصبه بقبول الإنذار وتم تكليف مصطفى النحاس بتشكيل الوزارة والذي أصر ان تكون الوزارة وفدية.
بعد الاهانة التى لحقت باستقلال مزعوم ووضوح ان حلم الاستقلال لا يزال بعيدا تم تشكيل خلايا داخل الجيش من ضباط وطنيين بهدف محو العار الذى لحق بالأمة وبالعرش الذى كان يمثلها وكان نشاط التنظيمات مثل اسكرا وحدتو والذى كان لهما عناصرا داخل الجيش وفى الوقت ذاته لجأ الملك المنغمس فى ملذاته لاستخدام تنظيم الإخوان الذى تأسس فى عهد أبيه برعاية بريطانية لإحياء مشروع الخلافة وللترويج انه من نسل الرسول .


قام الملك أيضا بتأسيس تنظيم عالى السرية يدعى الحرس الحديدى لحماية العرش ولاغتيال خصوم الملك ، والذى كان من ابرز عناصره الضابط محمد أنور السادات والمفصول من الجيش بعد اتهامه باغتيال أمين باشا عثمان والذي أعاده الضابط الطبيب يوسف رشاد .

قام الحرس الحديدى بمطاردة الضباط الوطنيين بالاغتيال والذين لمسوا فساد الملك وكان اغتيال الضابط عبد القادر طه بداية العمليات لتصفية عناصر الضباط الوطنيين والذين كانوا يمثلون أعلى هرم الحراك السياسى لتنظيمات العمال والحركة الطلابية فى الأربعينيات وخصوصا بعد حادثة كوبرى عباس وقمع الحركة الطلابية بالقاء الطلبة فى النيل وإغراقهم بعد فتح الكوبرى .

انتهت الحرب العالمية الثانية و بعد انعقاد مؤتمر يالطا فى الاتحاد السوفيتى تم رسم خارطة النفوذ العالمى الجديد وتم ميلاد المعسكرين الشرقى والغربى وكان تحسس القوة الأمريكية الجديدة لتمركزات التحالفات باللقاء على متن الطراد كوينسى بين الرئيس روز فلت والملك فاروق والملك عبد العزيز آل سعود والذى تم ترسيخ العلاقات فيه بالسعودية كحليف أولى بالحماية ومصر كتابع يأتي فى المرتبة التالية .


قامت العصابات الصهيونية بإعلان قيام دولة إسرائيل فى ١٥ مايو ١٩٤٨ وتحت ضغط المد القومى الشعبى لمناصرة العروبة فى فلسطين وسط دعم بعض عناصر العائلة المالكة للحركة الصهيونية فى القاهرة حيث قامت اميره مصرية هى ( البرينسيس ) نازلى حليم باعطاء مزرعتها على طريق المنصورية لتكون معسكرا لتدريب شباب هاشومير هاتسعير وهى حركة حراس المستعمرات الاستيطانية فى فلسطين .

بعد قيام عناصر الإخوان وتنظيمهم السرى باغتيال المستشار الخازندار وقيام النقراشى باشا بحل التنظيم قاموا باغتياله فخرجوا عن الخط المرسوم الذى كان الملك يستخدمهم فيه تم اغتيال المرشد العام حسن البنا ، بواسطة عناصر الحرس الحديدى كما يوحى السياق التاريخى .
جاء عام ١٩٥١ وانجلترا تسوف فى منح مصر مستحقاتها جراء استخدام المطارات والطرق فى الحرب العالمية الثانية فقام النحاس باشا بالغاء معاهدة ١٩٣٦ من جانب واحد والتى سبق ان وقعها وبدأت عمليات حرب العصابات والنشاط الفدائى فى القناة ،


قامت القوات الانجليزية فى القناة فى ديسمبر ١٩٥١ بمحو قرية كفر أحمد عبده فى السويس وقامت بصلب الرجال على الاشجار وتسيير النساء عرايا الى المعسكرات البريطانية حيث لم يعرف مصائرهن بعدها ،

فى ٢٥ يناير تم حصار مبنى المحافظة فى الاسماعيلية وقتل رجال الشرطة البواسل والذين قاوموا ببسالة رغم عدم تكافؤ السلاح ،

وفى ٢٦ يناير قام حريق القاهرة وبعناصر من الاخوان وجمعية مصر الفتاة وباصابع تشير الى الملك ذاته ردا على احداث القناة واثناء احتفاله بميلاد ابنه من الملكة ناريمان والتى امر خطيبها بتركها ليقوم هو بالزواج منها لتمنحه الوريث بعد تطليقه للملكة فريدة ولقى عشرة بريطانيين مصرعهم فى الاحداث.

تم الاطاحة بحكومة الوفد وكان وزير المستعمرات وقتها انتونى ايدن يبحث تفعيل الخطة روديو باعادة احتلال القاهرة والدلتا والتى كان الجنرال ماكسويل يخشى من مجابهته بحرب عصابات من عناصر الضباط الوطنيين ،

بغياب الغائب الذى تم تصفيته وبتصفية الضباط الوطنيين الاحرار بعناصر تنظيم الحرس الحديدى ما كانت لتقوم ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢ وكانت بريطانيا سوف تقوم بتفعيل الخطة روديو باعادة احتلال القاهرة والدلتا ولتهدئة الرأى العام الشعبى كانت لتقوم بعزل الملك وتولى ابنه الملك احمد فؤاد وتحت وصاية الأمير ( البرنس ) محمد على .
كانت احداث قرية بهوت واقتلاع اعين الفلاحين وقتلهم من عائلات الاقطاع ممثلة فى البدراوى عاشور نسيب الباشا فؤاد سراج الدين وزير الداخلية وقتها لتتكرر وكان الاقتصاد المصرى سيظل هشا تابعا للاقتصاد الغربى الممثل فى بنك باركليز وغيره مستنزفا غارقا فى التبعية والاحتكارات والديون .
كانت مصر تحت حكم الملك أحمد فؤاد لتدخل فى منظومة حلف بغداد والحلف الاسلامى لمحاربة الشيوعية وكان الجيش المصرى ليظل هشا ضعيفا معتمدا على التسليح الغربى المراعى لتوازنات القوة بين مصر واسرائيل ،

ما كانت ثورات الجزائر واليمن والعراق لتلقى الدعم المطلوب كمحاور امن قومى مصرى بل وكانت مصر لتصبح عنصرا فاعلا فى نادى سفارى مبكر لقمع الحراكات الثورية العربية وترسيخ وجود بريطانيا فى قاعدتها فى عدن .


كان عام ١٩٦٨ ليأتى لتطلب الشركة العالمية لقناة السويس مد امتياز القناة وكان الملك احمد فؤاد المدعوم من تنظيم الاخوان الذى صار حزبا سياسيا مشكلا اغلب وزارات المحروسة والذى قام بعمليات تصفية واسعة النطاق ضد تنظيمات حدتو وايسكرا وعناصر العمال والطلاب الوطنيين ، ليقوم الملك بمد امتياز قناة السويس ومنح الاراضى المحيطة به لشركات عالمية لتقوم بادارته ،
كانت اسرائيل لتتمتع بحق المرور فى قناة السويس وفى المضايق وكانت لتصبح العنصر الاول هى والسعودية التى تليها ثم مصر فى منظومة الدفاع عن الشرق الاوسط الكبير .
سلام على الغائب الذى جاء جملة اعتراض فى تاريخ مثقل بالعار والخنوع والتبعية .

سلام على ناصر فى عليين .




إرسال تعليق

0 تعليقات