آخر الأخبار

المتلاعبون بالعقول




المتلاعبون بالعقول

 بقلم/ د.أحمد دبيان

قول ثعلب السياسة الأمريكية العجوز هنرى كسينجر :
ان العرب يستدعون التاريخ بصورة مرضية ،
وعلى نهج الغواني اللواتي يلبسن نحلهن ، على الآخرين ، يتجاهل منظر السياسة الأمريكية فى القرن العشرين والواحد والعشرين ان دولة قومه التى يساند ويدعم قائمة على استدعاء مرضى للتاريخ .
تتناقل مواقع الأخبار العالمية ، والممولة صهيونيا ، عن اكتشافات تروج الى إن الفلسطينيين أصولهم من جنوب أوروبا فى توجيه متعمد لسلبهم الحق التاريخي للتواجد على الأرض او المطالبة بحقوق ، وقد فند الكثير من الانثروبولوجيين وعلماء التاريخ الأكذوبة التاريخية الكبرى بالحق التاريخى لليهود المعاصرين ، وأصول اليهود المعاصرين. فكان مآلهم الاضطهاد والمحاكمة والإرهاب .
نعيد هنا نشر مقتطفات من مقال سابق استعرضنا فيه تاريخ التواجد والصراع


فلسطين ليست الأرض الفضاء التى حاولوا ويحاولون ان يروجوا ارضاءا للصوص الأرض كانت ولازالت ارضا لها شعب ، عاش فيها الكنعانيون والفلسطينيون ، فى الوقت الذى خرج العبرانيون من مصر بعد ان تعاونوا مع المستعمر ضد الارض التى استضافتهم فى ارض جوشن . وحين امرهم نبى الله موسى ان يجاهدوا لإعلاء كلمة الوحدانية زاغوا بعد ان عبدوا العجل حسدا فى سيكولوجية الدنو ، وقالوها له دون خجل اذهب أنت والهك فقاتلا.
لم يدخل موسى فلسطين أبدا ، ومات فى ارض مؤاب ( الأردن حاليا ) ، وظلوا فى التيه يعمهون .
قادهم بعدها يوشع بن نون نبيهم المسلح الدموى ، وبعد مذابح تتوارى خجلا منها مذابح داعش احرقت الحرث والنسل أوردتها التوراة فى فخر دموى صار عقيدة المعتنقين :
( ثم تحرك يشوع وجيش إسرائيل من لخيش نحو عجلون فحاصروها وحاربوها ، واستولوا عليها فى ذلك ودمروها ، وقضوا على كل نفس فيها بحد السيف )
رغم هذه الدموية المفرطة لم ينجحوا الا فى احتلال مساحات محدودة من الأرض ، وظل الكنعانيون والادوميون والفلستيون متواجدين بقواتهم المؤثرة على الأرض ، وهنا ظهرت أساطير رامبو التوراتى شمشون ، الذى كان يحقق فى الخيال الجمعى لشعب يجابه قوة الحق لأصحاب الأرض فيحقق بقوته الأسطورية أمانى شعب يعجزه الحق الأصيل لشعوب تواجدت قبله على نفس البقعة منذ آلاف السنين.
لم ينجح بنو إسرائيل بأسباطهم الاثنى عشر الا فى إنشاء مملكة يهوذا والتى أسسها الملك داوود ، والذى كان قواده يقاتلون حروبا منهكة مع الفلسطينيين ، لياتى الملك سليمان بعده بحكمته فيوطد الملك بالتعايش السلمى الذى بلغ فيما أوردته التوراة ان يتزوج من صيدونية جعلته ينجرف لعبادة البعل .

.انتهى الأمر وفى عهد رحبعام ابن الملك سليمان بانقسام المملكة لمملكتين ،
وكانت مملكة إسرائيل فى الشمال ومملكة يهوذا حول أورشليم أو أور سالم ( مدينة سالم ) العربية ..
انجرفت مملكة إسرائيل للعبادة الوثنية كما تورد التوراة وتعايشت سلميا مع الشعوب المحيطة واكتسبت معتقداتها حتى اجتاحها الأشوريون ،
وانتهت مملكة يهوذا ، باجتياح نبوخذ نصر الثانى لأورشليم وهدمه للهيكل الذي أقامه الملك سليمان وهو الهدم الأول ، وبدأ منذ هذا التاريخ السبى البابلى الذى قام بأكبر عملية ترانسفير تاريخى ولقرون كانت الأرض الفلسطينية فيه بلا يهودى واحد يعيش أهلها وأصحاب الأرض فيها دون دخيل .


جاءت الإمبراطورية الفارسية الاخمينية وسمح قورش الكبير مسيح الرب كما أسموه رغم وثنيته ولكن لأنه سمح لهم بالعودة لأورشليم وسمح لنحميا ببناء السور وهنا تنبئنا التوراة أيضا أن هناك بطل عربى من مملكة قيدار ابن إسماعيل وقف لهم بالمرصاد ولم يسمح لهم بتكملة البناء ، رغم السماح لهم بالعودة ظل اليهود فى فارس وبابل وان لم تتوقف مؤامراتهم فتورد التوراة اختراق استر ومردخاى راعيها للعرش ، بعد ان انسحبت الملكة الشرعية وشتى لكرامتها ، فصارت هى الملكة وقاموا بانقلاب كامل ذبحوا فيه الوزراء وكبيرهم هامان وسيطروا على مفاصل العرش لتنجب دارا الثانى الذى سمح لليهود بإعادة بناء الهيكل وليتم هيرودس بناؤه بعد أن سقطت فلسطين تحت حكم الرومان وعينوه وهو نصف ادومى.
افسد اليهود كعادتهم وتاجروا بالتوراة وأقاموا التلمود ككتاب مقدس موازى يعلى من الفقه والروايات الشفهية وتأويلات الحاخامات ، ليصير هو المقدس ، وليصير الدين تجارة والتطهير بالمال لحساب الحاخامات ، وليأتى روح الله وكلمته وتدبيره عيسى بن مريم محاولا إصلاح ما أفسدوه ليعيد التأويل ليكون من اجل الإنسان لا من اجل الفريسيين أو الصدوقيين أو الصيارفة وتجار الشريعة فتآمروا عليه مع السلطات الرومانية الحاكمة والتى أعطتهم نوع من الحكم الذاتى وفقا للشريعة . وليتنبأ عيسى عليه السلام بخراب الهيكل الأخير كما ينبئ الإنجيل :


“«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!. هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا.”
و في مدة حكم الولاة الرومان فيلكس وفستوس وفولوروس في أورشليم .. ازداد الفساد الأخلاقي والانحلال الاجتماعي وانتشرت أعمال السرقة والبلطجة والنهب والقتل .. إلى جانب ذلك وصلت روح التحزب بين اليهود أنفسهم وكراهيتهم لمستعمريهم الوثنين الرومانيين .. وتعصبهم السياسي والديني حدًا بالغًا .. وقد شجع على هذه الروح وزادها اشتعالاً ظهور أنبياء ومسحاء كذبة أضلوا كثيرين وقد استطاع أحدهم بحسب رواية يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن يجذب وراءه ثلاثين ألف رجل .. وفي شهر مايو سنة 66م تحت حكم الوالي فولوروس اندلعت ثورة يهودية منظمة ضد الرومان .
هذه المرة كانت الثورة دموية بحق، فقد ظهرت من عباءة الفريسيين فرقة «الغيورون» التي تنادي بالكفاح المسلح، وانبثقت عنها فرقة «حَمَلة الخناجر»، الذين كانوا يستهدفون الرومان والموالين لهم من اليهود، فأشاعوا الرعب والدم والفوضى في الولاية، فضلًا عن أعمال التمرُد العلنية.


وسارع أهل الطبقة العليا إلى مراسلة الرومان للاستغاثة بهم، فأرسل نيرون القائد فيسباسيانوس لقمع الثورة، فاتخذ هذا القائد من قيصرية (في سوريا حاليًّا) مركز عملياته، وتقدم بقواته التي ضمت بعضًا من العرب، الذين كانوا يعادون اليهود ويريدون التنكيل بهم.
وعندما بلغ نيرون خبر ثورة اليهود .. أرسل قائده الذائع الصيت فسبسيان على رأس قوة كبيرة إلى فلسطين .. بدأت الحملة سنة 67م وواجهت مقاومة مستميتة في الجليل قوامها 60 ألف مقاتل .. لكن الأحداث لم تمشِ مثلما خطًّط لها فسبسيان فاضطر للرجوع سريعًا حال دون استكمال النصر بعدما بلغه خبر انتحار نيرون .. وخلف فسبسيان في قيادة الحرب ضد اليهود ابنه طيطس .. كان جيشه قوامه 80 ألف مقاتل مدرب .. وبدأ الحصار سنة 70م عقب عيد الفصح مباشرة .. وكانت أورشليم مكتظة بالغرباء الّذين وفدوا لحضور العيد العظيم .. وجعل طيطس يقدم عرضًا للتفاهم بالحسنى لكن جماعة الغيورين رفضوا بكل تحدي لمقترحات طيطس ومحاولاته المتكررة.
وأخيرًا سنة 70م وتحديدًا في 10 أغسطس نفس اليوم -حسب تقليد اليهود- الّذي خرب فيه الهيكل قديمًا على يد نبوخذ نصّر.. هاجم طيطس مدينة أورشليم بلا رحمة فكان يصلب يوميًا من اليهود العصاة نحو 500 يهودي .. وسرعان ما ظهرت المجاعة في أورشليم وعلى الرغم من ذلك لم يسجل التاريخ لنا صورًا من البؤس أبشع مما شهدته مدة حصارها على يد طيطس ..


كانت الأروقة المحيطة بالهيكل هي أول ما احترق منه .. وسرعان ما أصبح الهيكل كتلة نارية يتصاعد منه ألسنة اللهب .. أطلق اليهود صرخات هستيرية مفزعة .. وتنافس الجنود الرومان في تغذية ألسنة اللهب وسرعان ما تحوّل البناء الضخم إلى شعلة نارية أضاءت السماء .. بينما أرض الهيكل امتلأت بجثث القتلى .. فقد كانت الدماء في كميتها أكثر من النار! .. كلُّ هذه الأحداث من خراب الهيكل في أورشليم كان يوسيفوس المؤرخ اليهودي شاهدًا عيانًا عليها.


استطاع اليهود بعد أن هزمهم طيطس و فى عهد هادريان الذي خلف والده علي الإمبراطورية...استطاعوا ان يتجمعوا بهدوء ومثابرة وكونوا مركزا لهم حول أورشليم وزاد عددهم فتمردوا مرة أخرى وناطحوا الرومان وأرادوا الاستقلال بدولة يهودية مستقلة عن روما ، فظهر قائدهم المدعو ( شمعون باركوكبا وقاد ثورة ضد الرومان ما بين أعوام 132 الي 136 فقرر الإمبراطور " هادريان " تدميرهم والقضاء عليهم وكان شتاتهم الأخير عام 136 وبعد ان قاد باركوكبا التمرد في قلعة " ماسادا ( المسعدة ) " ذبح اليهود بعضهم بعضا خوفا من الوقوع في قبضة الرومان


كان العام ١٣٦ م هو التاريخ الأخير لوجود بقايا اليهود القدامى الذين تم نفي الباقى منهم من فلسطين وتحريم عودتهم إليها فاختلطوا بالشعوب وحاليا لا يستطيع احد ان يدعى بنقاوة نسبه للاسباط ولم يبقى فعليا منهم الا سبطين ونصف يستطيعون وبصعوبة ذكر شجرة نسبهم المختلطة .
كان لتحول مملكة الخزر الوثنية واعتناق ملكها لليهودية هو وشعبه الرافد الأكبر لليهود المحدثين .






إرسال تعليق

0 تعليقات