معنى الماسك على دينه

معنى الماسك على دينه

هادي جلو مرعي

هكذا هي الإنسانية، وكلما تقدمت الحضارة في رقيها المعرفي والعلمي وفي إبتكاراتها وجدت كم هي ساذجة بعض التصورات والمواقف والقرارات التي أتخذت في السابق، وفعلا وكما قال أحدهم: إننا اليوم نمجد أشخاصا قتلناهم قبل مئات من السنين.. كنت أقرأ للحلاج وعن الحلاج فأتعاطف معه مثلي مثل والدة الخليفة العباسي الذي جعله نهبا للتعذيب والتجريح، وثم صلبه في بغداد، وكنت أعجب بغاليلو الذي حكم عليه بالموت من قبل الكنيسة لأنه تجرأ ووصف الأرض إنها كروية، وليست مسطحة، بينما هي بيضوية الشكل كما أراد لها خالقها، وكما يقول العلماء: إن ذلك لحكمة لكي تتعاقب الفصول، حتى إن الطريف كما يقول علماء فلك: إن الشمس تكون في مطلع يوليو بعيدة عن الأرض، لكن حرارتها تصل إلينا وكأنها رسالة من جهنم، بينما هي في أقرب مسافة في يناير، لكن الكوكب الأزرق يكاد يتجمد.

علمونا أن نؤمن بالأشياء كأشخاص سذج ليسوا بعارفين، وقالوا: يأتي زمان على الناس الماسك فيه على دينه كالممسك بجمرة، ولكنهم لم يوضحوا الأمر أيكون الإمساك بمعنى الصوم والصلاة والزكاة وزيارة المساجد والكنائس، أم بمعنى الأفعال المحمودة كالكرم والرحمة والإحسان والتوزيع العادل للثروات والرفق بالضعفاء واليتامى والنساء والتكافل المجتمعي؟ وكأن هناك فصلا بين الدين بمعناه التعبدي، والدين بمعناه الأخلاقي، فإذا صلى العبد وصام وذهب الى رجال الدين وسلمهم أموال الخمس والزكاة سقطت عنه التزامات أخرى اهم !

فما حاجة الرب لك في الكنيسة والمسجد وأنت تسرق المال وتقتل النفس المحرمة وتكذب وتزني وتغتاب الآخر وتتآمر وتفتري وتعيب على الناس حياتهم وتشتم هذا وذاك ولاتعطي الحقوق التي عليك لغيرك وتساند القوي على الضعيف ولاترحم يتيما، وإذا جاءتك إمرأة في حاجة ساومتها على شرفها وكرامتها، ولاتفعل ماعليك من واجب إلا إذا دفع لك المال. فالماسك على دينه هو من يلتزم بدينه في العبادات والمعاملات وأن يفعل الحسن من الأفعال، وأن يتكلم في الخير ويبتعد عن الشرور، ولاقيمة لصلاة بلا أخلاق وكلها عبادة، فمن مسعى في قضاء حاجة لإنسان كان خيرا من عامة الصلاة والصيام. والحق إن هذا مكمل لذاك..