آخر الأخبار

مستر "فيسك" بوق قطرى








 مستر "فيسك" بوق قطرى


د. محمد إبراهيم بسيوني

ربورت فيسك الصحفي البريطاني لمنطقة الشرق الأوسط لصحيفة الأندبندنت البريطانية، ويعتبر أشهر مراسل غربي خلال ثلاثين سنة من تغطيته لأبرز الأحداث العربية، نشر مقالا له بجريدة الاندبندنت البريطانية في ابريل ٢٠١٧ بعنوان “وصلت داعش أخيرا إلى وسط مصر، ولكن هذه ليست أكبر مشكلة للسيسي” وواضح من العنوان أن الرجل كان يتمني وصول داعش إلي قلب محافظات مصر، حيث استخدم كلمة Finally التي إذا ترجمناها في سياق ما كتبه فيسك سوف نجد معناها (أخيرا، في الختام، في النهاية)، وهذا يدل علي ما تمناه الرجل أو اعتقد حدوثه بالفعل، وأكده في مقاله حيث قال “بإعلان قوانين الطوارئ، يثبت الرئيس للعالم بأنه لا يمكن زيادة استثمارات القطاع الخاص في بلاده، فمن يريد أن يستثمر في دولة تستثمر داعش في عاصمتها؟”.

 وفي كلام الرجل تحريض غير مبطن، فهي صراحة لا تدل على وقاحة، ولكن تدل على أنه قد أنفق عليه مبلغ محترم من قبل أمير قطر، جعله يسهر بجوار ضميره الذي يأنبه ويطالبه بتحذير المستثمرين من الذهاب إلى مصر، التي أضحت عاصمتها بين يد داعش وأمست على طوارئ الرئيس السيسي، وتناسي ضمير فيسك أن في الحالات التي تتعلق بالأمن القومي لأي مجتمع، لا بد من اتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن سلامة وأمن أفراد هذا المجتمع، وهنا نذكر من تناسي بأن في الثاني من نوفمبر ٢٠١٥، استهدفت سلسلة هجمات بالرشاشات والمتفجرات ملعب ستاد فرنسا قرب باريس ومسرح باتاكلان ومطاعم عدة ما أدى الى مقتل ١٣٠ شخصا وجرح ٤٠٠ شخص آخرين، وتبنى داعيش الاعتداءات، مما جعل الرئيس فرانسوا هولاند يُعلن حالة الطوارئ في ليلتها لمدة ثلاث أشهر، ومددها البرلمان ثلاث مرات إضافية.
ونفس الأمر قامت به الولايات المتحدة عقب هجمات ١١ سبتمبر، حيث أعلنت حالة الطوارئ وكانت عبارة عن مجموعة من الإجراءات الاستثنائية شديدة القسوة التي قيدت من حريات المواطنين في العديد من الأمور، وتم القبض على ١٢٠٠ شخص ينتمون لجنسيات عربية وإسلامية بينهم أمريكيون، كما تم إعلان حالة الطوارئ في بروكسيل عام ٢٠١٥، وتم إعلان حالة الطوارئ في مدينة ميونيخ الألمانية بعد أن هاجم مسلحون على مركز أوليمبيا التجاري شمال مدينة ميونيخ، ما أدى إلى قتل ١١ شخصا وجرح آخرين.
وأيضا تركيا التي أعلنت وفرضت حالة الطوارئ بداية من العام الحالي ٢٠١٧، فمنذ ثلاثة أشهر وافق البرلمان التركي على مقترح رئاسة الوزراء تمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر اخري، وذلك للمرة الثالثة على التوالي منذ المحاولة الانقلابية في منتصف يوليو الماضي، وجاء هذا التمديد لحالة الطوارئ بعد ثلاثة أيام على الاعتداء الذي استهدف ملهى ليلي في إسطنبول، أثناء الاحتفال بحلول العام الجديد، ما أسفر عن ٣٩ قتيلا وعشرات الجرحى.
كل هذه الدول أعلنت حالة الطوارئ يا مستر فيسك من أجل حماية أمنها ضد الإرهاب الأسود، ولم نسمع لك صوت أو نري مقال تهاجمهم فيه، وتحذر المستثمرون من الاستثمار في تلك الدول التي وضعت حذاء الطوارئ فوق رقبة الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تنادون بهما ليل نهار.

ويوضح لنا ضمير مستر فيسك أثر فاعلية مبلغ إمارة قطر المحترم الذي تم ضخه في جيوبه، فيقول لنا “أن السيسي أدعي أن الإخوان المسلمين، الذي أطاح بحكومتهم عبر انقلاب هم داعش”. وهي نفس المفردات اللغوية التي تستخدمها الأبواق الإعلامية القطرية، ثم يأتي ليؤكد لنا على ذلك الأثر في فقرة اخري من مقاله حيث ذكر “وفي واقع الأمر، فإن قوانينه الضارة تخلق إرهابا أكبر من خلال عزل آلاف الشباب وتجريدهم من أي أمل للعودة إلى الديمقراطية”. وإذا عدنا بالذاكرة إلى القمة العربية المنعقدة بالأردن سنجد أن أمير قطر قد قال في خطابه ”ليس من المنصف اعتبار تيارات سياسية نختلف معها إرهابية” وبمقارنة ما ذكره مستر فيسك مع خطاب أمير قطر، سيتضح لنا أن الفكرة واحدة والصياغة تختلف، فأمير قطر يدافع عن الإرهاب، ومستر فيسك يبرر زيادة عدد الإرهابيين في المستقبل.
عميد طب المنيا السابق

إرسال تعليق

0 تعليقات