آخر الأخبار

(الحلقة الخامسة) الفتوة في القران الكريم






(الحلقة الخامسة) الفتوة في القران الكريم
دراسة مقارنة لمعاني الفتوة في ضوء القران الكريم





صبيح البخاتي

 قال تعالى (( ودخل معه السجن فتيان فقال احدهما .. )) يوسف / ٣٦
لا يزال إصرار وتأكيد صاحب الميزان على رأيه بأن الفتى معناه هي الفترة الزمنية من الشباب حتى هنا في هذه الآية المباركة
وتنصرف للعبيد مطلقا بدون أن يخصص ذلك في زمان الحادثة فيقول ما نصه :
الفتى الحدث العبد كما يدل على ذلك سياق الآيات أنهما عبدين من عبيد الملك وفي فترة شبابهما مع أن المعاجم اللغوية تتحدث عن الفتى خلاف ما يراه السيد الطبطبائي وتتكلم بمعاني أكثر عمقا
ففي لسان العرب يرى ابن منظور ما نقله عن القتيبي : ليس الفتى بمعنى الشاب والحدث إنما هو بمعنى الكامل الجزل من الرجال
ومنه قول الشاعر :
إن الفتى حمّال كل ملمّة
ليس الفتى بمنعم الشبان

ثم يقول : وقوله تعالى (( ودخل معه السجن فتيان ))
جائز أن يكونا حدثين أو شيخين لأنهم كانوا يسمون المملوك فتى
كما يتعرض سيد قطب بسلسلة أفكاره في ظلاله إلى محنة النبي يوسف الأخيرة :
وهنا تأتي محنته الثالثة والأخيرة من الشدة في حياة يوسف وفيها تتجلى نعمة الله عليه
ويختصر السياق ماكان من أمر يوسف في السجن وما ظهر من صلاحه وإحسانه فوجه إليه الأنظار وجعله موضع ثقة لجميع المساجين والاختصار السياقي القرآني هنا لعرض مشهد يوسف في السجن إلى جوار فتيان أنسا إليه وتقربا تحببا به لما يتوسمانه فيه من الطيبة والصلاح فهما يقصان عليه الرؤيا بنفس الوقت هو ينتهز هذه الفرصة ليبث بين السجناء عقيدته الصحيحة فكونه سجينا لا يعفيه من تصحيح العقيدة الفاسدة القائمة على إعطاء حق الربوبية للحكام ..



وبعد التوكيد بالثقة بان الرجل على علم لدني يرى به مقبل الرزق وينبئ بما يرى وهذا فوق دلالته على هبة الله لعبده الصالح (( ذلكما مما علمني ربي )) تجيء اللحظة المناسبة من الناحية النفسية ليدخل إلى قلبيهما بدعوته إلى ربه وليعلل بها هذا العلم اللدني الذي سيؤول لهما رؤياهما عن طريقه وخطوة خطوة في حذر ولين يتوغل في قلبيهما أكثر وأكثر ويفصح عن عقيدته ودعوته إفصاحا كاملا ويبين فساد معتقدهم وفساد ذلك الواقع النكد الذي يعيشون فيه فيكون مدخلا لطيفا فيتخذ منهما صاحبين ويتحبب إليهما وليدخل في صلب الدعوة ويعرض قضيته عرضا موضوعيا ليهز الطاغوت والجاهلية هزا عنيفا شديدا ويهجم على الفطرة في الأعماق وهو قوله تعالى :
(( اارباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ))
كما لا يخفى على القارئ اللبيب كونه اتخذهما صاحبين لما رأى منهما صفاء قلبيهما ونضج في التفكير وهذا جزء مهم لما يحملانه من معنى الفتوة فيهما وهو موضع إشادة من النبي لهما وكانا أهلا للهداية والصلاح من جهة أخرى


إرسال تعليق

0 تعليقات