مصر وآل البيت (3)
محمود جابر
كيف نؤرخ العلاقة بين مصر وبين الاسلام .... وقصة مكاتيب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى الملوك والرؤوساء والعاملين و رسالة النبى
الاكرم الى المقوقس حاكم مصر ؟
قال الأحمدي في مكاتيب الرسول (صلى الله
عليه وآله) :1/181: «لما تم صلح الحديبية في شهر ذي القعدة سنة ست من
الهجرة ، رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إلى المدينة.. فعندئذ كتب إلى الملوك من العرب والعجم ورؤساء القبائل والأساقفة
والعمال وغيرهم ، يدعوهم إلى الله تعالى وإلى الإسلام ، فبدأ بإمبراطوري الروم
وفارس ، وملكي الحبشة والقبط ، ثم بغيرهم ، فكتب في يوم واحد ستة كتب ، وأرسلها مع
ستة رسل ».
فكان أحسن رد جواب المقوقس ملك مصر، وأسوأ رد جواب كسرى ، فقد مزق كتاب
النبي (صلى الله عليه وآله) وطرد
الرسول وحمله كيس تراب !
قال الأحمدي في
مكاتيب الرسول (ص) :2/416: « كتابه (صلى الله عليه وآله) إلى المقوقس: بسم الله الرحمن الرحيم . من
محمد بن عبد الله ، إلى المقوقس عظيم القبط:
سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك
بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإنما عليك إثم
القبط و:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى
كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللهَ وَلا نُشْرِكَ
بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ .
قال المقوقس: إني
نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى عن مرغوب فيه. ولم أجده
بالساحر الضال ، ولا الكاهن الكذاب . ووجدت معه آلة النبوة بإخراج الخبء والإخبار
بالنجوى ، وسأنظر . ثم أخذ الكتاب وجعله في حق من عاج وختم عليه ، ودفعه إلى
جاريته .
وأرسل المقوقس
يوماً إلى حاطب فقال: أسألك عن ثلاث . فقال: لا تسألني عن شئ إلا صدقتك ، قال:
إلى مَ يدعو محمد؟
قلت: إلى أن نعبد الله وحده ، ويأمر بالصلاة خمس
صلوات في اليوم والليلة ، ويأمر بصيام رمضان ، وحج البيت ، والوفاء بالعهد ، وينهى
عن أكل الميتة والدم..
إلى أن قال: فوصفته فأوجزت ، قال: قد بقيت أشياء
لم تذكرها: في عينيه حمرة قلما تفارقه ، وبين كتفيه خاتم النبوة ، يركب الحمار ،
ويلبس الشملة ، ويجتزي بالتمرات والكسر ، ولا يبالي من لاقى من عم أو ابن عم .
ثم قال المقوقس:
هذه صفته ، وكنت أعلم أن نبياً قد بقي ، وكنت أظن أن مخرجه بالشام ، وهناك تخرج
الأنبياء من قبله ، فأراه قد خرج في أرض العرب في أرض جهد وبؤس، والقبط لا تطاوعني
في اتِّباعه، وأنا أظِنُّ بملكي أن أفارقه ، وسيظهر على البلاد وينزل أصحابه من
بعد بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما هاهنا ! وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفاً
واحداً ، ولا أحب أن تعلم بمحادثتي إياك!
ثم دعا كاتبه الذي
يكتب له بالعربية ، فكتب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) : بسم الله الرحمن الرحيم , لمحمد بن عبد
الله ، من المقوقس عظيم القبط:
سلام عليك ، أما بعد ، فقد قرأت كتابك وفهمت ما
ذكرت فيه ، وما تدعو إليه ، وقد علمت أن نبياً قد بقي ، وقد كنت أظن أنه يخرج
بالشام ، وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم ، وبثياب ،
وأهديت إليك بغلة لتركبها ، والسلام عليك ».
ثم عدد الأحمدي
هدية المقوقس للنبي (صلى
الله عليه وآله) : أربعة جوار، مارية أم إبراهيم بن رسول الله ، وسيرين
أخت مارية ، وقيسر أخت مارية أيضاً ، وجارية أخرى سوداء إسمها بريرة ، وغلاماً
خصياً أسود إسمه مابور. وبغلة شهباء وهي دَلْدَل ، وحماراً أشهب يقال له يَعْفور .
وقيل وألف دينار وعشرين ثوباً ، وألف مثقال ذهباً ، وفرساً وهو اللَّزَّاز .
وأهدى إليه عسلاً
من عسل بنها – التى تسمى الان بنها أو بنها العسل ، ومكحلة ومربعة توضع فيها ،
وقارورة دهن ، ومقصاً ومسواكاً ومشطاً ومرآة . وقيل عمائم وقباطي وطيباً وعوداً
ومسكاً ، مع ألف مثقال من ذهب مع قدح من قوارير ، وخفين ساذجين أسودين ، وطبيباً
يداوي مرض المسلمين...
وقال حاطب: كان
المقوقس لي مكرماً في الضيافة وقلة اللبث ببابه ، وما أقمت عنده إلا خمسة أيام ،
ودفع له مائة دينار وخمسة أثواب... ذكر بعضهم أن هرقل لما علم ميل المقوقس إلى
الإسلام عزله... راجع المناقب: 1/139، و: 2/65 ، وابن هشام:1/3 ، و123 ، والشفا: 1
/ 115 .
إذا نحن أمام حاكم إن لم يكن أعلن إسلامه وقال الشهادتين فقد قدم للنبى
وللمسلمين رسالة ودية واشترى عهد النبى وباع حلفائه أو من أقاموه فى حكم مصر من
الروم ...
0 تعليقات