الفتوة في القرآن (9)
دراسة مقارنة لمعنى الفتى ومشتقاتها
في ضوء القرآن الكريم
صبيح البخاتى
(( ولا تستفتِ فيهم منهم أحدا )) الكهف / ٢٢
سبق وان تعرضنا الى معنى الإفتاء
في مواضع من سورة النساء وسورة يوسف وما هي العلاقة بين معنيين الفتوى والفتى
وتحصل من ذلك ان الأصل بينهما واحد وان الفتوى لكل أمر مشكل وأنها تحتاج الى فهم
عميق ودقيق فراجع
وهنا موضع النهي الوارد في
سورة الكهف عن أمرين هما ( ولا تمار فيهم ) و ( ولا تستفتِ فيهم )
يذكر الفيض الكاشاني في تفسيره
الصافي :
والمعنى : فلا تجادل أهل
الكتاب في شأن الفتية الا جدالا ظاهرا غير متعمق فيه وهو ان تقص بما أوحى إليك من
غير تجهيل لهم والرد عليهم
ويظهر لأول وهلة ان النهي
الوارد هنا ان لا تسأل بيدَ ان هنالك معنى آخر أكثر عمقا للمتأمل ان النهي ليس عن
السؤال والجدال بل ان ذلك مسموح به وإنما النهي عن العمق والإمعان والتدقيق فيه لا
مجرد السؤال الظاهري
ويذكر علي بن إبراهيم القمي في
تفسيره لهذا المورد :
حسبك ما قصصنا عليك من أمرهم
ولا تسال أحدا من أهل الكتاب عنهم
وجاء هذا النهي بعد جدال عن
عدتهم بقوله : ( سيقولون ) ويذهب القمي أنهم أهل المدينة والملك الذي في عصر
الحادثة.
وقيل : يعني بهم الخائضين في
قصتهم في عهد نبينا ( ص) من أهل الكتاب والمؤمنين
وروت أهل السنة عن علي عليه
السلام في تفسير الكشاف ج ٢ ص ٧١٢
هم سبعة وثامنها كلبهم وقد
وافقتهم الشيعة على ذلك في روضة الواعظين رواية الإمام الصادق ص ٢٦٦ فراجع ان شئت
بينما يبرر سيد قطب ان النهي
عن الجدال والاستفتاء إلى صيانة الطاقة العقلية من التبدد في غير ما ينفع ويذكر ما
نصه:
لذلك يوجه القران الرسول ( ص )
الى ترك الجدل في هذه القضية والى عدم الاستفتاء من المتجادلين في شأنهم تماشيا مع
منهج الإسلام في صيانة الطاقة العقلية من التبدد في غير ما يفيد وفي ان لا يقفو
المسلم ما ليس له به علم وثيق ويعززه قوله تعالى :
(( ولا تقولن لشيء أني فاعل
ذلك غدا الا ان يشاء الله واذكر ربك اذا نسيت وقل عسى ان يهدين ربي لأقرب من هذا
رشدا ))
انتظروني في حلقة قادمة
0 تعليقات