الإعلام اليوم !!
د. محمد إبراهيم بسيونى
ما يفعله الإعلام اليوم هو
شبيه بمحاولة إقناعك بأن رجلا أخرسا قال لرجل أطرش إن رجلا أعمى شاهد رجلا مشلولا
يلحق برجل مقطوع اليدين ليمنعه من شد شعر رجل أصلع.
الإعلام اليوم لا يريدك بالضرورة أن تفهم؛
فالهدف هو ألا تخرج بأي شيء منطقي، فاللا وضوح وضبابية الأمور هو الوضع الأنسب
والأمثل لجعل الأمور دوما تحت السيطرة.
لكن الحقيقة انه لم يعد
الإعلام الحديث قابلاً للسيطرة، وهو غير قابل للمنع، وغالبية الإعلام الإلكتروني
غير قابل للضبط.
المشكلة الحقيقية التى يواجهها الإعلام المصرى
أن كل طرف ينظر له من زاوية مصلحته ويحاول اختطافه لجانبه، وكل جانب يعتبر أن
الإعلام مهمته الأساسية الدفاع عنه وتوظيف طاقته فى خدمته، وهى مشكلة مزمنة وليست
حديثة أو وليدة اليوم بعد أن ظلت الصحافة والإعلام لنحو ستون عاماً مملوكة للدولة
ومحظوراً على غيرها الدخول فى هذا النشاط، الإعلام همه الأساسي يجب أن يتحدد فى
تلبية احتياجات المتلقى وليس المُرسل، الحكومة أو مُلاك القنوات أو أصحاب الصحف
كلهم مُراسلون وصانعون ومتحكمون، أما المُتلقى فهو الحلقة الأضعف رغم أنه هو
المُغذى لجيوب كل الأطراف بمن فيهم العاملون بالمهنة.
الإعلام المصرى يحتاج لإعادة نظر فى مضمونه
ورسالته وأدوات توصيلها، ومحتاج رؤية جديدة فى علاقته بمؤسسات الدولة، ومحتاج
مفاهيم مختلفة لدور المؤسسات النقابية.
الرهان على تصويب مسار الإعلام
ليس فى العقوبات وإنما على تقوية حقوق المتلقى فى التشريع بما يجعله وسيلة الضغط
الحقيقية على باقى الأطراف.
ببساطة كل ما نراه ونعيشه
وأصبحنا نتعايش معه مكرهين. إنها حقيقة تتعلق بصناعة السياسات والتوجهات وحتى
العقليات، والتي يتم توليفها سلفًا في غرف صناعة القرار من القلة المسيطرة التي
تمتلك هذه الوسائل الإعلامية، وطبعا كما هو معروف فالذي يسيطر على الإعلام هو من
يحكم فعليًا في آخر المطاف.
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات