آخر الأخبار

أولوية حق الفرد




أولوية حق الفرد

د. محمد ابراهيم بسيوني

الفرد هو نواة المجتمع وأساسه والذي يتكون مع بعض الأفراد الأسرة التي هي ركيزة المجتمع وهي حلقة الوصل بين الفرد ومجتمعه وهي المدرسة الأولى التي يتعلم الإنسان خلالها مباديء الحياة والتعايش. لا يوجد شيء اسمه مجتمع دون أفراد، الفرد هو العنصر الأساسي، لذلك حقه هو الأساس لتكوين الحقوق والقانون. كون هناك علاقات ناتجة عن التواصل والارتباط لا يلغي أصالة الفرد.
‏وجود المجتمع وجود اعتباري وليس جوهري في ذاته، المجتمع مجرد نتيجة تابعة للوجود الأصيل للفرد، قانون المجتمع يجب أن يُراعي التفرد وحق التفرد، لا توجد قوة عقلانية ومحترمة تلغي حق الفرد لارضاء حق المجتمع.
‏يكتسب قانون أي مجتمع شريعته باحترامه لحقوق الفرد وحرياته، حتى لو كان فردًا واحدًا أمام مجتمع غفير. دور القانون ليس مُحاباة معتقدات الأغلبية على حساب حق الفرد.
‏كلما كان للفرد تلك القيمة والاحترام لكيانه واستقلاليته، كلما كان المجتمع صحيًا للحياة الطبيعية، وليس مجتمعًا ممتلئًا بالتناقضات الناجمة من الإكراه والقسر على الأفكار والمعتقدات.
‏كيف يمكن تكوين مجتمع سليم بأفراد غير مكتملين أصلاً، أفراد غير قادرين لتحقيق أبسط معالِم الانسجام بين الفكرة والسلوك، إذا كان الفرد نفسه لا يمتلك ذاته، كيف يثق بايمانه بالأشياء، كيف سيكون قادرًا للمشاركة كعنصر حقيقي وصادق في المجتمع.
‏فرد بلا قيمة، يعني مجتمع بلا قيمة.
‏المجتمعات التي تلغي كيان الفرد لتبني كيانها، التي تغتال الفرد لتُنعش حياتها، هي مجتمعات ميتة تمامًا، حتى وإن ابتاعت مظاهر الحداثة من تقنيات ومحافل وثقافة وكُتب. مجتمعات تستهلك فقط.
‏ما معنى الفرد وهو مجرد قطعة لتشييد مجتمع بلاستيكي، يقضي حياته مجرد حاضنة مؤقتة لتمرير قناعات ومعتقدات غيره، مجرد أداة مُستخدمة لمرة واحدة مُدتها كلّ عمره.
‏حتى الديموقراطية والتي تقوم على حكم الأغلبية لا تلغي حق الفرد إن لم يكن منضّمًا لهم، لأنه وببساطة هنالك فرق بين شكل السلطة التنظيمية ومحتوى القانون لحق الأفراد، لا توجد حرية لتحديد وقمع الحريات.
‏الفرد الناشئ في بيئة تُقدم حق الفرد له قدرة أعلى بكثير للانسجام مع ذاته، للايمان الحقيقي، للرأي الصادق أكثر، بعكس الناشئ في بيئة مُنتهكة لكيان الفرد بحجة "المصلحة العامة".
عميد طب المنيا السابق


إرسال تعليق

0 تعليقات