آخر الأخبار

مقدمات تعريفية في نقد القراءة العسرية! (2)







مقدمات تعريفية في نقد القراءة العسرية! (2)

على الأصولي

المقدمة الرابعة: من الأخطاء المنهجية التي وقع فيها العسر وسياق مقالاته هو الخلط بين عدة مناهج وعرض ما توصل إليه وكأنه الحق القراح؛ فهو دمج بين العرض التاريخي والكلامي والرجالي والدرائي ومنهجيات الإثبات إذ جعلها في سلة واحدة؛
وكان من المفروض وهذا العرض بيان أسباب الاختلاف التاريخي العلمائي ابتداء وطبيعة النزاع على مقولتي الغلو والتقصير؛ أولا: ومن ثم الذهاب صوب منهجية كل من المدرسة القمية والمدرسة البغدادية في القرن الثاني والثالث لتضح الصورة للمتابع بشكل لا تشوبه اي ضبابية؛
وأما إغفال هذه المشكلة وعرض المطلب بشكل مفاجئ للقراء يجعل المتابع الذي لم تكن له دراية بهذا المنعطف وكأنه كان مخدوعا لقرون طوال وهذه الصدمة؛
مع ان الأمر سهل للمتابع الجاد وهذه المعلومات التاريخية فلا يستغرب المتتبع بإن الشيخ المفيد والسيد المرتضى يذهبان على أن النبي واله ص يتمتعون بعلم لدني وهذا العلم لا يعني معرفة تفاصيل جزئيات الحوادث إلا ما شاء الله وهو ما ذهب إليه السيد الأستاذ في هذه العصور؛
بينما نجد عدد معتد به من المتكلمين الشيعة يعتقدون على أن علم المعصوم على نحو فعلي كان وما يكون إلى يوم القيامة غاية الأمر لا تظهر هذه التجليات العلمية إلا بوجود مصلحة ملزمة؛ وهذا العلم لا يعتبر من العلوم الذاتية بل هو رشح غيبي حسب ما يصطلح عليه بينهم؛ وهو مذهب العلامة الطباطبائي والشيخ المظفر؛
ولم يقتصر هذا الاختلاف في الشأن العلمي المعصومي فهذا نجف صالحي آبادي هو الآخر يعتقد بعلمهم ع من صنف الغيب وما وراء الستر؛ بموهبة إلهية ومع ذلك فالشيخ لا يعتقد بشان علم المعصوم ووقت موته أو استشهاده وكل من خالف هذه المفردة فقد وقع في شرك الغلو؛
شاهد الكلام أن موضوع الاختلاف تابع للافهام والنصوص واعتباريتها؛ وليس تابع الى عقد فصول من الفكر المؤامراتي وكأن الموضوع برمته أمر قد دبر بليل؛

أصول المقدمات


الأصل الأول: الأصل في المقامات هو الطبيعة البشرية؛ إذ ان كل خبر مخالف للطبيعة فهو كذب بالأصل ما لم يصار إلى دليل معتبر حاك وشاهد على صدقه؛
وكل خبر يوافق الأصل البشري فالأصل صدقه ما لم يثبت بدليل كذبه؛ وكما تلاحظ هذا الأصل الكبروي هو من إيمانات نفس الإمامية؛ وهو معقد اتفاق بيننا؛
ولكنه وقع بمغالطة كبرى من حيث التثبت حيث حاول إحراج الشيعة بقاعدة أدلة ما بعد الوقوع في كل دليل يقدم على انه مما يصار اليه وإثبات خلاف الطبيعة البشرية في بعض مراحلها الطويلة؛ وبيان المغالطة ان التمسك بالطبيعة بدليل خلافها ثبت عنده برتبة سابقة أيضا هو من قبيل أدلة ما بعد الوقوع لأنه بالتالي أما الدليل منحوت من قبله هو؛ أو منحوت من مدرسة القميين أو من قبل عالم هنا او هناك؛
وهنا دعونا والمصير للقرآن واثبات كبرى الاتفاق وهو واضح بدليل إنما أنا بشر مثلكم إنما يوحى إلي؛
ودلالة الآية صريحة بإثبات كبرى البشرية واستثناء المقامات الغيبية؛ وهذه الكبرى ثابتة للمعصوم عندنا نبيا كان أو إماما وليا؛ والغريب بأنه موافق لهذه الكبرى مع توقفه في الإسراء إسراء حكم النبي ص إلى الإمام ع إلا بدليل معتبر الذي هو من قبيل أدلة ما بعد الوقوع !!


وما يستدل عليه عندنا هو جملة من الآيات القرآنية بصرف النظر عن بحث مصاديقها في هذه الكلمات منها #لا ينال عهدي الظالمين؛ وبملاحظة مناسبات الحكم والموضوع بحسب التعبير الأصولي؛ يتضح بإن الآية بصدد بيان القضية الحقيقية بحسب تعبير المناطقة لا القضية الشخصية الخارجية؛ وعلى ضوء هذا الاعتبار ( بصرف النظر عن مصاديقه الخارجية كما نوهنا) يثبت الإسراء والتعدي والأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد؛
ومع رفد هذه الآيات القرآنية بالسنة ذات الدلالة القطعية يتم المطلوب؛ وتكون النتيجة ان حكم الإسراء الزائد عن الطبيعة البشرية كما هو ثابت للنبي إبراهيم ع او الرسول الأكرم ص فهو ثابت لغيرهم بشروط ومحددات؛
ولا يقال ان تنصيب الإمامة وهذه المقررات لم تثبت عند علماء الإسلام؛ وبعد إثباتها يمكن المناقشة في تفصيلاتها إذ يقال: لم تثبت وقد اتفقت المذاهب بقضها وقضيضها سوى احد تلاميذ ابي هذيل العلاف( ٢٣٥- ٢٣٧) هجري والخوارج الى ضرورة ووجوب تنصيب الإمام وان كان هناك اختلاف حاد وعميق في التشخيص المصداقي؛


نبهنا فيما سبق على المراجعة العلمية في ثبوت الصفات الزائدة للأصل البشرية؛ وبين أيدينا تنبيهات قرآنية وذكر بعض الصفات فوق البشرية لبعض الأفراد الذين ذكورا قرآنيا في بيان موضوع ما؛ او قصة ذات حكمة بالعرض؛
فهذا وصي النبي سليمان ع وقصة العرش وتلك أم موسى ع وقصة الإيحاء وهناك قصة يوسف وشهادة الطفل وغير ذلك من التنبيهات القرآنية؛
فإن قيل ان هذه الموضوعات هي من الاخبارات القرآنية ولا مجال ومقارنتها بالاخبارات القصصية التراثية؛
قلنا ان الملاك واحد في التحقق وهنا لا نبحث بأصل ثبوته بل نبحث بطريق إثباته فقط وفقط؛
وبيننا وبين الخصم هو الدليل الحاكم؛
وهذا الدليل إما انه موضوع اتفاق مع اختلاف المبنى أو اختلاف مع اتفاق المبنى والأمر سهل؛
على ما سوف تعرف في قابل مناقشة الارتكازات والمرتكزات العسرية فلاحظ وأنتظر؛
وكيفما كان ان الخصم اعجز من ان ينفي طبيعة وإمكانية ثبوت هذه الصفات ويتجلى عجزه في الخوارق البارسكلوجية الحديثة ونحو ذلك؛ على ما سوف تعرف في قابل مناقشة الارتكازات والمرتكزات العسرية فلاحظ وأنتظر؛


الأصل الثاني؛ ويمكن تمثيله بتقريب هب أنك في مرحلة الثبوت أصبح عندك شعور وجداني بأنك أصبحت مجتهدا أو أعلما بينك بين نفسك؛
وهنا لا يمكن إكتفاء هذا الفرد بدعوى نفسه للإجتهاد والأعلمية؛ إذ لا حجية بنفس هذه الدعوى برأسها؛
نعم أذا ثبت للناس بطريق آخر صحة هذا الادعاء من شهادة أو أثر علمي مبرز لهذه الدعوة إمكن التمسك بصحتها حينئذ لان الإثبات لم يأتي من نفس الداعي بل من طريق عقلائي آخر يمكن تصنيفه عقلائيا ويكون بالتالي مؤمن لمن يروم تقليد هذا الفرد المجتهد أو الأعلم؛
وعلى ضوء هذا التقريب فلا يمكن إدعاء الإمامة الإلهية للشخص وعصمته وفضائله ومقاماته بنفس رواياته ومروياته وان صح إسنادها؛ لان هذا إما يرجع للدور أو ما يشبه الدور المنطقي الباطل؛ انتهى
هذا ما يمكن تقريبه وشرحه في هذا المقام لهذا الأصل الثاني من أصول العسر؛
وفيه إن أصل هذا الادعاء صحيح ولكن توظيفه وما نحن فيه فاسد بيان الفساد ان قياس الفرد المجتهد بالإمام من القياسات الباطلة والفاسدة وان تم الأصل الثاني فهو تام على ذلك الفقيه المجتهد لا على مصداق الإمام بتقريب ان نفس الإمام لم يدع بإنه منصب من قبل الله بدوا او ابتداءا ولا يدع انه خليفه رسول الله ص في اول أمر؛
بل هناك أحاديث إما أنها شخصته باسمه وعنوانه ووصفه كالإمام علي ع أو من قبيل الأحاديث المفاهيمية بشقيها العام أو الخاص وإما العام فحديث اقتران الكتاب والعترة واما الخاص فاحاديث اثنى عشر خليفة على سبيل الفرض؛
والدعوة دعوة الإمام لنفسه بالإمامة فهي دعوة بعد التفرغ من أصلها المفاهيمي العام والخاص؛
بل إننا نجد بوضوح أن أهم طريق من طرق معرفة الضابط التشخيصي للإمام هو الوصية عليه من السابق إلى اللاحق ودونك ما سطره الكليني في الكافي وهذا الباب باب معرفة الحجة؛
وعليه فلا يرد أصل الإشكال على الإمام من هذه الناحية وان توهم إمكان تعميمه من فرد الفقيه إلى فرد الإمام وحسب أن الإشكال يطال الفردين بالتمام؛
وأما قصة عصمته وفضائله ومقاماته فرع ثبوت أصل إمامته فإن ثبتت الكبرى وهي الإمامة فلا مناص والتسليم بالصغرى وهي مجموع فضائله ومقاماته فضلا عن عصمته؛ فتنبه كثيرا كثيرا والله من وراء القصدكما يعبرون؛


إرسال تعليق

0 تعليقات