المختار
الثقفي فى السيرة والتاريخ
(4)
على الأصولى
بعد استشهاد مسلم بن عقيل(ع)
وتفرق من كان حوله، قطع ابن زياد الطريق على الإمام الحسين(ع) في كربلاء، وجهز
جيشا بقيادة عمر بن سعد والشمر ( لعنهم الله) بينما اخذ هو يعالج بعض الجيوب
المعارضة من الشيعة في الكوفة، وحمل عليهم باعتقالات قل نظيرها في التاريخ الكوفي،
بينما وهو في حالة قمع المعارضين فقد أغدق أموالا طائلة لزعامات الكوفة ممن لم يكن
هواهم مع آل علي (ع)..
وكل هذه الأعمال التي مارسها
الطاغية ابن زياد جاءت بعد ان استثمر تفرق الصف الشيعي وعدم حكمة قائدهم الروحي
سليمان بن صرد ( رحمه الله ) فلم يستغل الشيعة الظروف المؤاتية عندما كان النعمان
هو من يحكم الكوفة ولم يحكموا دعاية الحرب وأساليب الإعلام الحربي عندما كان ابن
زياد مرتبكا في أول أمره، وعلى ضوء هذه المعطيات استدل الستار على فاجعة كربلاء الأليمة،
لم يكن المختار حينها في وضع
ان يغير المعادلة الكربلائية فكان الهوى الشيعي الكوفي يتبع لسليمان بن الصرد فهو
فقيهم ومرشدهم الروحي وأما المختار بالكاد ظهوره على مسرح الأحداث عندما استضاف
مسلم بن عقيل(ع) وتوافد الناس للبيعة،
وحتى لو حضر المختار بأرض
كربلاء لم ولن يستطع ان يغير المعادلة العسكرية التي استنفرت فيها كل أجهزة الدولة
من الشام للبصرة للكوفة في سبيل إخماد صوت الحسين(ع)
ف شيعة أهل البصرة مع ان
حاكمهم في الكوفة ونائبه عثمان في البصرة لم يتحرك متحركهم وهذا ما لوحظ في مقتل
سفير الحسين(ع) قيس بن مسهر الصيداوي، بل لم يبادروا والتوجه لكربلاء او للكوفة
للنصرة؛
نعم ان البصرة عثمانية الهوى
قديما وبعد هواها القديم تحولت الى زبيرية الهوى فكان الشيعة فيها قلة، بالقياس مع
حاضرة الكوفة،
يذكر المؤرخ اليعقوبي بان سبب
عدم مساعدة المختار للإمام الحسين(ع) هو سجنه في الكوفة فقد نظم المختار جماعة
مسلحة وتوجهوا الى كربلاء لنصرة الإمام الحسين(ع) وعدم السماح لنزول مصيبة ثانية
بعد مصيبة مسلم (ع) إلا ان هذه الجماعة قد اعترضهم رجال الدولة فأخذوه للحبس
وعندما مثل أمام ابن زياد ضربه بقضيب على عينه حتى شترها، ولولا عبد الله بن عمر
بن الخطاب ومكاتبه ليزيد بعد ان التمس منه إخلاء سبيل المختار لاعتبار النسبة
بينهما لمات او قتل المختار في سجنه، وعندما تم إطلاق سراحه فلم يقصد غير الحجاز
وحاكمها عبد الله بن الزبير في مكة،
وهنا استفاد المختار من أخطاء أقرانه
من شيعة الكوفة فقد اهتم إيماء اهتمام بعنصر المفاجأة والدعاية الإعلامية والإشاعة
لشل حركة الخصوم،
بعد ان تم إطلاق سراح المختار
الثقفي، بشفاعة من زوج أخته عبد الله بن عمر الذي توسط وشفع له عند يزيد برسالة
مستعجلة مخبرا اياه عدم مشاركة المختار في واقعة كربلاء ولم يبعث برسالة الى
الإمام الحسين(ع) كما فعل أقرانه، أمر الحاكم الأموي بإطلاق سراحه على الفور،
اذ ان يزيد دائم الصلات بابن
عمر فهو في بيعته وملازم داره ولم يعبأ بالأمور السياسية قط، بالإضافة الى سمعة أبيه
عمر بن الخطاب في الوسط الشامي والحجازي بصورة عامة وأركان الدولة، قصد المختار
الحجاز على وجه السرعة،
وهو مطمئن بأنه سوف يخرج من
السجن آجلا أم عاجلا،
على ما رواه الحديدي في كتاب
رسالة أخذ الثأر وشرح النهج/ج1/ ومفادها كان في السجن مع المختار رجلان هما ميثم
التمار (رض) وعبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وقد استعد
المختار وعبد الله للموت وتحضروا له الا ان ميثما تنبأ بأن بقائهما سوف يطول ولا
يصبهما اي مكروه حيث ان الحارث سوف يتولى حكم البصرة والمختار سوف يأخذ بالثأر من
قتلة الإمام الحسين(ع)
ومقتل ابن زياد سوف يكون على
يد المختار ويطأ وجنته بقدمه، فكانت هذه النبوة والأخبار المغيبي محفزا معنويا له الأثر
الواضح على نفسية المختار وهو في ذلك المأزق خاصة وقد صدر من شخصية مقربة من
علي(ع) وله بعض الأسرار التي تعلمها من أمير المؤمنين(ع) فكان التمار (رض) موضع
ثقة الشيعة وزعمائهم،
خرج المختار نحو الحجاز، بعيدا عن سلطة آل أمية وفي طريقه صادف احدهم ويدعى ابا الغرق او ابن العرق على رواية ابن الاثير في الكامل / ج4/واستخبره عن أحوال الحجاز وساحتها السياسية، وقد اخبر المختار هذا الرجل عن نيته المستقبيلة وضرورة قتل ابن زياد وغير ذلك،
وهذا الأخبار هو نوع إعلام
مجاني لحركة المختار المستقبيلة فالرجل سوف يتحدث في مجالسه العامة والخاصة بنية
المختار وهو هدف نفس المختار الإعلامي المتبع حسب سياسته وفعلا فقد قص ابي الغرق
هذا الكلام حتى للحجاج الثقفي اذ قد عاش هذا الرجل الى أيام خلافة عبد الملك بن
مروان، وما ان حط المختار رحاله في الحجاز حتى بدأت الحركة السياسية الزبيرية
بالاتساع واخذ البيعة من أهل مكة سرا وعلانية، معلنة رفضها أي هذه الحركة لرفض
المشروع الأموي والقيادة الفتية ليزيد في الشام،
وأول من أظهر العداء لحكومة
الشام أهل المدينة فقد انقلب بعض وجهائها على الوالي الأموي هناك واظهروا عدم
الطاعة لحكومة الشام، حاول يزيد ان يسايس الوضع وعدم الدخول معهم بمصادمات ولكن
اظهر سكان المدينة المزيد من الرفض
في حين إن المختار في هذه الأثناء
لم يلحظ له نشاط في الحجاز ولا في مكان إقامته الطائف لمدة سنة كاملة سوى بعض
الترديدات التي كان يسمعها بعضهم منه من قبيل أنا مبير الجبارين على ما ذكر
البلاذري في انساب الأشراف/ج5/
و انا صاحب الغضب ومسير
الجبارين، كما نقل ذلك ابن الأثير /ج4/ وهذه العبارات إعلامية محترفة لخلق هالة
حول شخصيته خاصة وهو مطمئن لنبوءة العارف بالله ميثم التمار(رحمه الله)..
المختار الثقفي فى السيرة والتاريخ (3)
المختار الثقفي فى السيرة والتاريخ (3)
0 تعليقات