آخر الأخبار

المختار الثقفي فى السيرة والتاريخ (6)








المختار الثقفي فى السيرة والتاريخ (6)


على الأصولى

ثورة المختار الثقفي في الميزان الفقهي:


من مقتضيات البحث الموضوعي وهذه الأوراق، هو توسعة البحث لضمان موضوعيته ودراسته دراسة شاملة وما يتعلق بثورة المختار الثقفي،وهذه التوسعة البحثية الفقهية ضرورة ملحة وما نحن فيه، وان كان يستفاد من التوسعة بيان كبرى كلية لاي ثورة كانت في زمن الحضور والغيبة ومن مصاديقها ثورة المختار..
اتفق الفقهاء قديما وحديثا على أن مصطلح الجهاد الاصطلاحي منصرف لخصوص جهاد الكفار بالمعنى الفقهي سواء كانوا أهل كتاب أو من أهل الشرك على تفصيل يطلب في مظانه، وعلى ضوء هذا الاتفاق بالاصطلاح الفقهي لا يمكن تسمية جهاد أهل البغي جهادا إلا من باب التجوز، ومثله الخروج على الحكومات الزمنية الجائرة فهو نوع جهاد تجوزا لا اصطلاحا، وحقيقة الخروج المسلح على حكام وأئمة الجور فهو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأعلى درجاته بعد توسعة المفهوم...
ف للمأمور والمنهي أما ان يكون متلبسا بالمعصية أو ناويا عليها والقدر المتيقن في الأول لا في الثاني وان كان يمكن شمول الثاني بعد لحاظ كون الشارع يعلم منه سد جهات وإعدام منافذ الفساد والإفساد، تبعا لمطلقات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل عنوان يقدر بقدره على كل حال،
ولذا يمكن الخروج المسلح تبعا لعنوان الأمر والنهي بحسب مرتبته الثالثة مرتبة اليد وان استلزم الجرح والقتل على ما أفاد مشهور الفقهاء، لان أدلة الباب شملت بيان أصل التشريع وكيفيته وشروطه والحث على امتثاله، ولم تبين هذه الأدلة طبيعة وماهية المعروف والمنكر سوى كون الأول حسن والثاني قبيح، ولذا نجد أن الفقيه النجفي الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر اعتبر الجهاد الدعوة أو جهاد الدعوة وما يسمى بالفقه الجهاد الابتدائي، من مصاديق الأمر والنهي،/٢١ / ٣٦١/

وبعد أن جعل الفقيه النجفي بأن الجهاد الابتدائي الهجومي من مصاديق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عمم بعض الفقهاء المعاصرين إلى تعميم التكليف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى ما يشمل الجهاد الدفاعي وبهذا الملاك عمموا الحكم لمقاومة الحكومات الإسلامية المنحرفة على ما أفاد الشيخ شمس الدين محمد في بحثه /فقه العمل المسلح /
نعم : واجه هؤلاء الفقهاء مسألة ضرورة عدم الضرر في مثل هذا العمل، والضرر معلوم في مقاومة الحكومات أكيدا،
ولذا فقد روى يحيى الطويل عن الإمام الصادق(ع) قوله : إنما يؤمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم، وأما صاحب السوط أو السيف فلا !  الوسائل / ج11/ ح2/
ورواية المفضل بن يزيد عنه أيضا (ع) قال: يا مفضل : من تعرض لسلطان جائر فأصابته بلية لم يؤجر عليها، ولم يرزق الصبر عليها ! /نفس المصدر/
وفيه : إننا لا يمكن المضي قدما نحو الهلكة بلا تدبير واستعداد وتهيئة المستلزمات اللوجستية والا فالتكليف مرفوع وهو يلحظ الأفراد لا الجماعات المنظمة ك قوة مؤثرة في الساحة السياسية، والتوجيه يطول وهذا المقام نتركه رعاية للاختصار على أننا سنكمل ما بدأناه .
ويؤيد ذلك ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) السياسي رسالة الإمام الحسين(ع) لأخيه ابن الحنفية والتي كانت مضمونها طلب الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فحقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذا مراتب وأعلاها الكفاح المسلح، لحفظ الملاكات المهمة في الإسلام،
وعلى ضوء هذه التوسعة في الإطلاق بحسب أصل الوضع، يمكن أن تصحح الكثير من الثورات ومنها ثورة المختار التي لم ينهى عنها المعصوم كما أسلفنا في هذه الأوراق البحثية ، والتصحيح وفق كبرى ما قدمناه لا يعني التبني والقبول التفصيلي ومخرجات هذه الثورات بقول مطلق،
فأن قيل : بأن المعصوم قد ترحم على بعض الحسنيين الذين سحقوا بالثورات على آل العباس ،
قلنا : إن مجرد الترحم ووصف الضحايا شهداء لا يعني أكثر من اعتبارهم عند المعصوم مظلومين وضحايا السلطات الجائرة فأفهم وتأمل، ومنه تعرف انه لا يمكن التمسك بترحمات المعصوم للمختار لبيان حقيقة واقعه على ما سوف تعرف في البحث الدرائي في الروايات المادحة والقادحة، فأصبر !

البشارة هو الإخبار بالشيء السار ك قوله تعالى ( إنا نبشرك بغلام أسمه يحيى ) والاستعمالات القرآنية متعددة وهذه اللفظة وان اختلفت هيئتها ( بشر بشرى يابشرى بشرهم )
وتقابل مادة ( ب ، ش ، ر ) على نحو الضد ( الإنذار )
وهو الإخبار بالشيء الضار، كقوله تعالى ( ولقد أنذرهم بطشا ) وغيرها من الآيات ذات الصلة، ودليل وهذا التقابل هو ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا )
وتستعمل البشارة بالإضافة إلى الشيء السار تستعمل في الأخبار الضار أيضا نحو قوله تعالى { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ ألِيْمٍ } وان قيل هذا الاستعمال انه من المجاز جاء على نحو الاستعارة، ما يهمنا هو الإطلاق لفظ البشارة بهذا المعنى وذاك على ما إفاد المبرد كبير أدباء العرب،
وذهب بعض الأساتذة على ان قوله تعالى { فبشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أليمٍ } حقيقةً لا مجازاً ، ولكنَّه تعميمٌ للوضع على غير أساس سوى التَّعليل والقياس فلا يثبت به وضع ، ألا ترى أنَّ اشتقاق ( المَسَرَّة ) مِن ( سِرَار الوجه ) وهي خطوطه وطيَّاته ، فعلى قياسه يجوز أنْ تقول ( سَرَّتْنِي رُؤْيَتُكَ ) وأنت تريد ( ساءَتْنِي رُؤيَتُكَ ) لأنَّ المساءة يظهر أثرها على أسارير الوجه كالفرح .أنتهى

وعلى كل حال : يمكن مراجعة هذه الاستعمالات في البحوث الأدبية القرآنية والتي تطلب من مظانها.

 والبشارة كما تكون لفظية مقالية فقد تكون حالية وبصرف النظر عن بشارة ميثم التمار التي اخبر بها المختار بصرف النظر عن كونها لفظية أو حالية فهي بالتالي بشارة سارة.
وهذه البشارة لا يمكن ان يترتب عليها اثر في فهم حقانية نفس المختار لا حقانية مطالبته بدماء الإمام الحسين(ع) بل ولا يمكن استفادة نفس المعنى ودعاء الإمام الحسين(ع) إذا صح المروي بقوله اللهم سلط عليهم غلام ثقيف وبين الحقانيتين فرق فلاحظ وتأمل وارجع البصر كرتين وتفطن،
لم يهدأ للمختار بال حتى اخذ يحدث الناس في الكوفة ويستنهض همهمهم نحو تنظيم أنفسهم لأخذ زمام المباراة بعد أن ولى ابن زياد هاربا نحو الشام، واستقرار المجتمع الكوفي على إمارة عامر بن مسعود بعد ان طلبوا من الخليفة الزبيري ان يتولى شؤونهم،
يحدثنا المسعودي ان شيعة الكوفة كانوا مع نوعد مع زعيمهم المنشود حيث جعل المختار يظهر البكاء على الطالبيين وشيعتهم، ويظهر الحنين والجزع لهم ويحث على اخذ الثأر لهم حسب تعبير صاحب مروج الذهب / ج3/
وهذه الممارسات وغيرها تثبت بما لا شك فيه ولا ريب بكون المختار الثقفي شيعي متمسك بعقائده المنتشرة بين صفوف الشيعة ولم يهوى غير آل علي بعد كل المتغيرات التي حصلت ورأها بأم عينه،
والجماعة الشيعية الكوفية لم تجتمع ولم تلتف حول من يشك بولائه لغير آل علي فليس هم على غفلة من أمرهم وفيهم فقهاء وقراء وأهل دراية بشؤون الناس، وهنا لا نبحث في عقائد المختار ولا بولائه السياسي فهذا من تحصيل الحاصل بعد تضافر الأخبار والروايات على ولاءه وشيعيته بل ونجد الخصوم العقائديين من المؤرخين يعيبون عليه هذه العقائد.






إرسال تعليق

0 تعليقات