د. رفعت سيد أحمد : يلعب الأدب، والفن الدور الأبرز
في مواجهة الاختراق، والتطبيع
التقيته في القاهرة في أواسط
نيسان أبريل ٢٠١٩ في حفل تكريمه من قبل ديوان العرب بعد أن قرأت عنه، وله الكثير،
وزادني تعريفا به صديقنا المشترك المؤرخ الفلسطيني المقيم في القاهرة عبد القادر
ياسين، فزدت شرفا بذلك.
الدكتور رفعت سيد أحمد مدير
مركز يافا للأبحاث في القاهرة، ومؤسسه، صاحب العديد من المؤلفات أبرزها:
- الداعشيون في مصر، ١٩٢٩ إلى ٢٠١٩، تسعون عاما من العنف ضد الدين، والوطن.
- موسوعة التطبيع والمطبعون في
مصر ١٩٧٩-٢٠١١
- النبي المسلح جزءان وثائق
الحركات الإسلامية الراديكالية في مصر
- موسوعة: ثورة الجنرال قصة
جمال عبد الناصر كاملة
- موسوعة الأعمال الكاملة
للشهيد الفلسطيني الدكتور فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
- الإسلام وقضايا الصراع
- الدين، والدولة، والثورة في
عهد جمال عبد الناصر
- وثائق حرب فلسطين عام 1948
- جنين ملحمة الدم والشهادة
- من التطبيع إلى المقاومة –
اختراق العقل المصري
- قرآن وسيف: الإسلام السياسى
في مائتي عام
- سيف السامية: قصتي مع أكذوبة
الهولوكست
- من سرق المصحف: دراسات ورؤى
عن العروبة والإسلام
يشرف على إصدار العديد من الدوريات المتخصصة مثل مجلة القلم، مجلة تراثيات، مجـلة المقاومة. وتصدر جميعها من القاهرة. تشعر خلال اللقاء معه أنك أمام موسوعة علمية، وتاريخية، وقامة وطنية حافظت على نقائها، وصدقها، وما زالت في قمة عطائها.
خلال لقائنا أهداني موسوعته
الشهيرة (التطبيع، والمطبعون في مصر ١٩٧٩ إلى ٢٠١١) وهو عمل قيم استغرق الدكتور
رفعت سنوات عديدة فكان موسوعة تاريخية تضاف إلى المكتبة العربية دون منازع خصوصا
أنها ظهرت في ظل تنامي حالات التطبيع العربي الرسمي مع العدو الصهيوني، وانحسار
المد الوطني، والقومي في المنطقة. لهذا كان لا بد أن نجري معه حوارا مفتوحا حول
الموسوعة، وما تواجهه المنطقة من أخطار في هذا المجال.
- دكتور رفعت فرصة سعيدة أن
نلتقي بك في ديوان العرب، فالكتاب المناهضون للتطبيع، والمقاومون له يتعرضون في
الوطن العرب للتعتيم، والتغييب كي تخلو الساحة للمطبعين، وكتاب السلاطين.
لنبدأ بالموسوعة الشاملة التي
ألفتها والتي تحمل اسم (التطبيع، والمطبعون)، والتي صدرت طبعتها الثانية قبل فترة،
والتي يبدو أنها أخذت من وقتك الكثير حتى صدرت بمجلداتها الثلاثة.
كم من الوقت استغرق إنجاز هذه
الموسوعة القيمة؟ وهل واجهتك مشاكل أثناء إعدادها؟
- «موسوعة التطبيع والمطبعون في مصر ١٩٧٩-٢٠١١» استغرق العمل فيها قرابة العشر سنوات من جمع للمادة العلمية، والمعلوماتية إلي أرشفة الحقائق، والوثائق، والأخبار المتعلقة بالتطبيع إلى متابعة يومية للقضية حتى صدرورها عام ٢٠١١.
بالطبع واجهتنا مشاكل تتمثل في مضايقات أمنية عديدة في زمن مبارك لأن حكمه الطويل (٣٠عاما) الفاسد، والمطبع كان يكره المقاومين للتطببع ولو بالكلمة لذا ضيق علينا كثيرا، أضف إلى ذلك ندرة المعلومات الصحيحة عن الاختراق، والتطبيع الصهيوني الأمر الذي احتاج جهدا مضاعفا وفريق عمل (١٠باحثين كبار ومحترمين) وإمكانيات مادية كبيرة، ومتسعا من الوقت ..كل هذة التحديات كانت تقف في مواجهتنا ولكننا انتصرنا عليها لأننا كنا نعلم أن إصدار هكذا عمل يمثل شكلا مهما ومتقدما من أشكال المقاومة، وخاصة أننا في تلك الفترة أنشأنا لجانا لمقاومة التطبيع، ومساندة المقاومة الفلسطينية، واللبنانية ..فمزجنا بذلك بين العمل الأكاديمي المقاوم والعمل الميداني السياسي ..ونجحنا في المشروعين وخرجت الموسوعة للنور من مركزنا البحثي (يافا للدراسات والابحاث بالقاهرة).
- تشهد الساحة العربية تعتيما
واسعا للكتاب المعادين للصهيونية، والمقاومين للتطبيع، والهيمنة الأمريكية في
المنطقة سواء كانوا كتابا، أم أدباء، أم شعراء إلخ.
كيف يواجه هؤلاء الكتاب
التعتيم المتعمد بحقهم؟ ولماذا هم مفتتون، ومنقسمون في المواجهة؟
- مواجهة حملات التعتيم
الموجهة ضد كتاب وشعراء ومثقفي المقاومة يكون بالوحدة في المواجهة وبفتح الابواب
الثقافية لمجلاتنا، وصحفنا وفضائيانتا المقاومة أمامهم وهنا أدعو مجلتكم المحترمة
إلي عقد موتمر سنوي يحمل عنوان (نحو وعي عربي لمقاومة مشاريع الاختراق والتطبيع)
يلتقي فيه نخبة المثقفين المقاومين للتطبيع وتحشد فيه وسائل الإعلام والتواصل
الاجتماعي ..كبداية للوحدة في مواجهة زمن ورجال التطبيع.
- نلاحظ في السنوات الأخيرة،
ومع اشتداد الهجمة على بلادنا في سوريا، وليبيا، واليمن، ارتفعت نغمة التطبيع بشكل
لم نعهده من قبل.
كيف تفسر تلك الظاهرة في
العالم العربي؟
- نفسر هوجة التطبيع مع
المؤامرة على سوريا، وليبيا، وغيرها بأن ذلك كان من بين شروط الربيع العبري (وليس
العربي) وكان تسويق، وتعريب الكيان الصهيوني أحد الأهداف الاستراتيجية ولدينا
أبحاث منشورة عن الدور الإسرائلي في المؤامرة على سوريا قلب العروبة النابض ..ممكن
لاحقا نرسلها لكم
- في المجلد الأول وتحديدا في
صفحة ٥٣٦ تقول أنه تم اكتشاف ثلاث شحنات أدوية مصنعة في إسرائيل، وموجودة في ميناء
دمياط عام ٢٠٠٥ وتم تفريغ ٢٤ حاوية منها وتوزيعها في السوق المحلي المصري!!!
بعد تلك الحادثة ألم تفكر مصر
في منع استيراد أية بضائع تصنع في إسرائيل؟
بعد تلك الحادثة ازاداد
التطبيع بين نظام مبارك، والكيان الصهيوني لأنه كان نظاما خائنا بامتياز ولم تكن
تهمه صحة الشعب المصري، او زراعته، أو ثقافته، أو اقتصاده ..وغيرها من مجالات
التطبيع لقد كان نظام مبارك، ومن قبله نظام السادات عرابين للتطبيع، وللأسرلة مع
كيان العدو. هكذا تقول الحقائق، والوثائق التي أوردناها في الموسوعة.
- كونك رئيس مركز يافا
للدراسات، هل يمكن أن تعطي القارئ لمحة عن مركز يافا الذي تشرف عليه، وأهم
مؤلفاته، ونشاطاته؟
- مركز يافا للدراسات والأبحاث
في القاهرة أنشئ عام ١٩٨٩يعني عمره الان ٣٠ عاما وهو يهدف بالأساس لنشر ثقافة
المقاومة، ودعم قضاياها بالكلمة، والندوة، والامسية الشعرية وصدرت عنه قرابة ال٢٠٠
عنوان، وعشرات الفعاليات الثقافية وأحيلك إلى موقع المركز للتفصيل لأنني أحتاج إلى
العديد من الصفحات كي أرصد دور، ونشاط، وكتب المركز ومجلاته وهذا لايتوفر الآن في
هذا الحوار الرائع معكم.
- يلعب الفن، والأدب، دورا
مهما في التحريض ضد التطبيع، فهل أديا (الفن، والأدب) دورهما كاملا في هذا
الاتجاه؟ وأين مظاهر الخلل، أو القصور إن وجدت؟
بالتأكيد يلعب الأدب، والفن
الدور الابرز في مواجهة الاختراق، والتطبيع لانهما ببساطة يمثلان بما أنتج الفن،
والادب العربي منذ النكبة ١٩٤٩ وقبلها وحتي اليوم ..وباختصار (الضمير) (والروح)
وأظنهم نجحا إلى حد كبير في ذلك لكنه نجاح غير كاف ويحتاج إلى تطوير، وانتشار
وتنوع لأننا أمام عوالم جديدة، وتحديات جديدة مثل تحدي العولمة في وسائل التواصل
الحديثة، والتي تعرقل الدور المقاوم للفن، والأدب، وتنشر الغث دون الثمين. دور
الأدب، والفن المقاوم هنا مواجهة هكذا تحديات، وتحويلها لصالح المقاومة وتلك
مواجهة صعبة لكنها ليست مستحيلة
- في معاركنا ضد العدو، هل
نكتفي بمقاومة التطبيع؟ أم علينا واجبات أخرى تحتاج حضورنا؟ ما هي؟
بالتاكيد علينا واجبات أخرى كمثقفين يواجهون التطبيع وأظنها تمثل نظرية للأواني المستطرقة حيث مواجهة الاستبداد، والفساد، والقبح، المعرفي، والظلم الاجتماعي، والتفاهة الفكرية، والتغريب. كلها تحديات وواجبات تتصل بشكل أو بآخر بمواجهة التطبيع ..إذن هي نظرية للأواني المستطرقة ما أن تبدأ بقضية إلا ويجرك ذلك إلى التطبيع وقضاياه.
- ما الرسالة التي توجهها
لكتاب الوطن العربي؟ ماذا تطلب منهم؟
رسالتي وباختصار للكتاب العرب
..يا سادتي أنتم الضمير فلا تبخسوا أنفسكم حقها، ودعوا الضمير ينمو ويزدهر، ولن
يكون هذا الازدهار حقيقيا إلا بفلسطين، ولن تكون فلسطين إلا بالمقاومة في كل
المجالات.
واعلموا سادتي الكرام أن
التطبيع مع العدو بمثابة (فعل فاضح في التاريخ العام للأمة) فلا تقترفوه، وافضحوا
من يقترفه ..وسننتصر لأننا على الحق وتلك سنن الخلق، والتاريخ فلا تيأسوا
- الإرهاب الذي يضرب الكثير من الساحات
العربية بما فيها مصر بين الحين، والآخر، هل سببه قضايا محلية؟ أم أن له أجندات
غربية تحركه حيث تشاء؟؟؟
أعتقد جازما أن للإرهاب في
عالمنا العربي خاصة في زمن الربيع العبري له أسبابه الداخلية والمتمثلة في
الاستبداد وغياب الحريات وفقدان الأمل وقهر المستضعفين مع ثقافة دينية شديدة
السطحية بأيدي شباب مغرر بهم ....هنا جاء الدور الخارجي ليركب على حالة الغضب
المجتمعي ويحرفها عن مسارات الإصلاح وأشواق التغيير السلمي الطبيعية، ويجعل منها
إرهابا داعشيا بامتياز خاصة في سوريا العروبة.
وجاء الدور الأمريكي،
والإسرائيلي، والتركي، والخليجي ليمثل منظومة راعية للإرهابيين الصغار من أجل
مشاريع للتقسيم، والأسرلة. ولكنهم فشلوا رغم الثمن الغالي الذي دفعناه في سوريا
ومصر، والعراق، والآن في ليبيا.
إن الإرهاب اليوم والمتمسح
زيفا بالدين (والدين منه براء)، والذي يختفي ثم يعود يحتاج من الدول المبتلاة به
إلى إستراتيجية سياسية، وثقافية، ودينية جديدة. إستراتيجية تقوم على مقاومة
(الإرهاب) وليس مقاومة (الارهابيين) فقط، لماذا؟ لأن الإرهاب عقيدة، وفكر (حتي لو
كان شاذا ومنحطا)، ولا تصلح مع هكذا عقائد إلا المواجهة بالفكر والاستراتيجيات
الشاملة التي يجتمع فيها الدعوي التجديدي بالسياسي بالامني بالعدل الاجتماعي
بالحريات. هكذا نفهم الظاهرة الإرهابية وهكذا ندعو لمواجهتها.
دكتور رفعت، نشكركم على هذا
الحوار الممتع، وبانتظار مؤلفكم الجديد الذي سيصدر هذا العام وهو كما أخبرتني
بعنوان:
- الداعشيون في مصر، ١٩٢٩ إلى
٢٠١٩، تسعون عاما من العنف ضد الدين، والوطن.
نقلا عن ديوان العرب
0 تعليقات