الدين أم العدل؟
عز الدين البغدادي
لم يكن هدف الدين ان يجعل
الناس يصلون أو يصومون، فالله هو الغني الحميد لا تنفعه طاعة ولا تضرّه معصية. بل
كان هدفه وضع قيم أخلاقية يجمع الناس عليها، قيم قبيل العدل ورفض الظلم والعمل
والحث على طلب العلم واحترام ملكية الآخرين ومعرفة قيمة الوقت والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، وغير ذلك.
وكان لوحدة المجتمع أهمية كبرى
يمكن ان يدركها المرء ببساطة عندما يتظر في النصوص الشريفة التي حثت على الوحدة
وقيم الاحترام والسلم الاجتماعي والمساواة امام القانون وغير ذلك.
تغيّر الحال الآن، وبدل أن
يكون الدين وسيلة لجمع الناس وإشاعة العمل والرحمة فيما بينهم تحول الى وسيلة
للتفريق وأداة للتكفير ورفض الآخر والطعن بأفكاره وما إلى ذلك.
من يقتنع الآن بأن يتنازل عن
ضيق رؤيته المذهبية ويرجع إلى قيم الدين التي تجمع ولا تفرّق؟ إنه لأمر مؤسف أنّ
تحول أهم شيء أكد عليه الدين كقيمة كبرى وهو الوحدة وسلم المجتمع إلى أول ضحايا
الطرح الديني، وتحول الفقه إلى وسيلة لتبرير الأخطاء، وابتعد الفقيه عن قول الحق
والوقوف بوجه الظلم.. بل تحول الدين الى وسيلة للتخدير، وهو ما يفسر صمتنا وقبولنا
منذ سنوات طويلة بواقع فاسد خطير.
لا تقل لي بأن الإسلام دين
العدل، فأنا أعرف هذا جيدا، فأنا أتكلم عن الواقع الموجود لا عن رؤية نظرية بحتة.
ما يمكن أن يجمع الناس الآن هو
العدل، العدل والإنصاف، فالعدل يقتضي تساوي الناس في حقوقهم وواجباتهم.. ومن أراد
أن يكون الدين في موضع الصدارة فعليه أن يصلح أفكاره ويبتعد عن قيم الجهل والتخلف
والتبرير والتخدير.
العدل أساس الحكم، والعدل هو
الذي يجمع، فقط.
0 تعليقات